العلاقات الجزائرية - الفرنسية

نحو مزيد من النضج والمرونة

نحو مزيد من النضج والمرونة
  • القراءات: 938
م / بوسلان م / بوسلان
أبرزت النشرية الداخلية لسفارة فرنسا بالجزائر في عددها الخاص بالثلاثي الجاري، الحركية الكبيرة التي تعرفها العلاقات الجزائرية الفرنسية، التي أعاد رئيسا البلدين بعثها قبل سنتين تحت شعار ”الصداقة والتعاون”، مؤكدة بأن هذه الأخيرة تتجه نحو المزيد من النضج والمرونة، فيما أشارت إلى أن ملفات طلب التأشيرة المعالجة من قبل القنصليات الفرنسية بلغ عددها 320 ألف طلب العام الماضي، وسجل ارتفاعا بنسبة 65 بالمائة في 2014، على مستوى القنصلية العامة بالجزائر العاصمة وحدها، في الوقت الذي تحصي فيه هذه الأخيرة 31 ألف رعية فرنسي مقيم بالجزائر، 90 بالمائة منهم يحملون الجنسية المزدوجة.
ففي الكلمة الافتتاحية لنشرية ”بيناتنا” التي تصدرها سفارة فرنسا بالجزائر، ذكر السفير أندري باران، قبل استبداله بخليفته برنارد إيميي، بأن إرادة رئيسي البلدين عبد العزيز بوتفليقة، وفرانسوا هولاند، بوضع العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية تحت شعار ”الصداقة والتعاون”، أضفى على هذه العلاقات حركية جديدة تشهد عليها النتائج المحققة في السنتين الأخيرتين، مبرزا المبادرات المكثفة لمنظمات المجتمع المدني والمتعاملين الاقتصاديين وكذا تنامي اللقاءات والاجتماعات بين المسؤولين السياسيين.
وذكر السفير في نفس الإطار بالزيارات المكثفة المتبادلة بين مسؤولي البلدين خلال الثلاثي الجاري، ومنها زيارة رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة، إلى باريس حيث ترأس مع نظيره الفرنسي، الطبعة الثانية للجنة البرلمانية الكبرى، وكذا زيارتي وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان، ووزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية لوران فابيوس، إلى الجزائر، من أجل تنمية الحوار الثنائي السامي الذي يجمع البلدين.
وأشار الدبلوماسي الفرنسي إلى أن هذه الزيارات الهامة أعقبها الإعلان عن حدثين كبيرين مرتقبين في إطار دعم العلاقات الثنائية للبلدين، ويتمثلان في احتضان الجزائر قبل نهاية السنة الجارية للاجتماع الثاني للجنة الاقتصادية المشتركة، والاجتماع رفيع المستوى الثاني بباريس بين الوزيرين الأولين الجزائري والفرنسي.
كذلك سجل الثلاثي الجاري ـ حسب نفس المسؤول ـ مساعي وجهود حثيثة لفائدة الشباب، مذكّرا في هذا الإطار بتنظيم أول عيد للموسيقى في الجزائر، بمبادرة من المعهد الفرنسي وبلدية الجزائر الوسطى، وكذا تدشين وزير الخارجية الفرنسي في 9 جوان الأخير للفضاء الشباني ”كامبوس فرنسا” لتحسين ظروف استقبال الطلبة الجزائريين الراغبين في الدراسة في فرنسا، وبعث برنامج المنح الدراسية لفائدة الأساتذة الباحثين الجزائريين.
وعلى الصعيد الاقتصادي تميزت الأشهر الثلاثة الأخيرة، طبقا لكلمة السفير اندري باران، بالمشاركة الفرنسية القوية في معرض الزراعة الدولي في الجزائر، وتنظيم الطبعة الثامنة من ”يوم الجزائر” في مجلس الشيوخ الفرنسي، وهي كلها أحداث هامة تدفع ـ حسب السفير ـ إلى الافتخار بتطور هذه العلاقات الثنائية، وتوجهها نحو مزيد من النضج والمرونة.
كما أكد السفير الفرنسي، في آخر رسالة له قبل مغادرته الجزائر وترك منصبه لخليفته برنارد ايميي، بأن مصير الجزائريين والفرنسيين مترابط، مشيرا إلى تقاسم البلدين لمحنة الكارثة الجوية المأساوية التي حصلت في 24 جويلية الماضي، إثر سقوط الطائرة الإسبانية المستأجرة من قبل الخطوط الجوية الجزائرية والتي خلّفت ضحايا من البلدين ومن بلدان أخرى، ليخلص في الأخير إلى التذكير بالعديد من الورشات التي تم فتحها في مختلف المجالات في إطار الشراكة بين البلدين، ويبرز ضرورة تكاثف الجهود والتعاون لإنجاحها، متمنيا أن يوفق خليفته في المنصب بالجزائر في هذه المهمة.
31 ألف رعية فرنسي مسجل في 2013
من جهته ذكر القنصل العام لفرنسا بالجزائر، جان بيار مونتاني، في حوار للنشرية بأن مهام القنصلية في الجزائر تنظمها الاتفاقية المبرمة بباريس في 1974، والتي تحدد مهام القنصلية العامة المتمثلة على وجه الخصوص في تسيير ومنح التأشيرات.
وأشار إلى أنه في 2013 تم إحصاء أكثر من 31 ألف فرنسي مسجلين بالقنصليات العامة الفرنسية بالجزائر، مؤكدا بأن عدد أفراد الجالية الفرنسية بالجزائر والذي هو في تزايد مستمر، يشمل 90 بالمائة من حاملي الجنسية المزدوجة والذين يتنقلون كثيرا بين الضفتين.
كما يوجد أيضا فرنسيون بالجزائر غير مسجلين، حسب القنصل العام الفرنسي الذي ذكر بأن هؤلاء كثيرا ما يأتون إلى مقر القنصلية لطلب الحصول على جوازات السفر.
وفي حين أوضح بأن الوظيفة الأولى للقنصلية العامة تشمل الحماية، أشار المتحدث إلى وجود لجنة قنصلية تعنى بالنشاط الاجتماعي، وتقوم بدفع منح اجتماعية للرعايا الفرنسيين الذين يتجاوز سنهم الـ65 عاما والمقيمين بالجزائر وذلك لتضمن لهم العيش الكريم.
 مليونا أورو للتكفل الاجتماعي بالرعايا الفرنسيين بالجزائر
وكشف السيد مونتاني، الذي أشار إلى أن القنصلية تهتم أيضا بأصحاب المنح، بأن الميزانية المخصصة من قبل القنصلية للتغطية الاجتماعية بالجزائر تصل إلى قرابة مليوني أورو، مشيرا إلى أن القنصلية تتكفل أيضا بمتابعة حالات الأزمات والكوارث والتوعية بخصوصها، فضلا عن تسيير المسائل المتعلقة بالحالة المدنية والتي تشكل ـ حسبه ـ أهم الوظائف التي تقوم بها الهيئات القنصلية.
أما بخصوص المهام الموجهة للجمهور الجزائري، فأكد المتحدث بأنها تتعلق أساسا بمنح التأشيرات للسفر، وأشار إلى أن الجزائر العاصمة تجمع وحدها ثلثي النشاط الذي تقوم به الهيئات القنصلية المتواجدة على التراب الجزائري، مبرزا في هذا الصدد الجهود الكبيرة التي تبذلها الهيئات الدبلوماسية الفرنسية من أجل تقليص آجال منح التأشيرات.
وبالمناسبة أكد القنصل بأن مصالحه نجحت في رفع عدد التأشيرات الممنوحة استجابة للإرادة المعبّر عنها من قبل حكومتي البلدين في مجال تحسين وتسهيل ظروف تنقل الأشخاص بين الضفتين.
ارتفاع الطلبات المعالجة إلى 320 ألفا في 2013
وفي سياق متصل أبرزت النشرية الإعلامية في موضوع آخر يخص السياسة الفرنسية للتأشيرات في الجزائر، تنامي معدل التأشيرات التي منحتها القنصليات العامة الثلاث المتواجدة بكل من العاصمة وهران وعنابة، خلال السنوات الأربع الأخيرة، مشيرة إلى أن عدد الملفات المعالجة بين 2010 و2013 ارتفع بنسبة 60 بالمائة، حيث بلغ في 2013 320 ألف طلب.
وإذ أكدت استمرار تنامي وتيرة الملفات المعالجة خلال العام الجاري، أشارت إلى أنه منذ شهر جانفي الماضي، سجلت القنصلية العامة لفرنسا بالجزائر العاصمة وحدها، ارتفاع عدد الملفات المعالجة بنسبة 65 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وذكرت النشرية في نفس الإطار بالتنظيم الجديد الذي أصبحت تعتمده المصالح القنصلية لاستقبال ملفات طلب الحصول على تأشيرة السفر بالجزائر، والمتمثل في تكليف مؤسسة ”تي أل أس” المتخصصة بمهمة تجميع الطلبات، مذكرة بتعميم هذا النظام الذي اعتمد منذ 2008 بالجزائر العاصمة، خلال السنة الجارية على مستوى قنصليتي فرنسا بعنابة ووهران.
كما تمت الإشارة في نفس السياق إلى الإجراءات الأخرى التي تم اعتمادها لتسهيل الحصول على التأشيرة على غرار تخفيف الملفات، واعتماد تسهيلات لفئات محددة من المهنيين، كالمحامين والصحفيين والأطباء وغيرهم، مع التأكيد على أن هذه التدابير التسهيلية التي تترجم إرادة حكومتي البلدين في تشجيع تنقل الأشخاص، ساهمت في تقليل عدد الملفات المرفوضة.