"كاتب ياسين... حتى لا ننسى"
مسرحية ترفع القبّعة لعمالقة المسرح الجزائري
- 1823
جاء العرض المسرحي الجديد للمخرج سمير زموري "كاتب ياسين.. حتى لا ننسى" الذي عُرض أول أمس بغليزان، جامعا مختلف الأشكال الفنية، ليكرس بذلك مقولة إن المسرح أبو الفنون؛ من خلال أعمال أدبية للأديب العالمي الراحل كاتب ياسين، لاتزال تلهم المبدعين في المسرح، حسبما ذكر المخرج.
ويعكس هذا العمل المسرحي الذي قُدم بغليزان بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمسرح المصادف لـ 27 مارس من كل سنة، يليه عرض ثان غدا بدار الثقافة لتلمسان، يعكس قدرة أعمال كاتب ياسين في تجسيدها فوق الخشبة ونجاحه في تمسرح إبداعاته الأدبية، حسبما ذكر سمير زموري، الذي سبق أن قدّم عرضه الأول بوهران بمناسبة إحياء ذكرى وفاة صاحب رائعة "نجمة".
تضمنت مسرحية "كاتب ياسين.. حتى لا ننسى" التي استُهلت بعرض فيديو حول المسار الثقافي والأدبي للراحل كاتب ياسين (1929 -1989)، لوحتين لمسرحيته "غبرة الفهامة" التي لاتزال تلهم المبدعين في الفن الرابع، لاسيما منهم الشباب وأربعة أعمال إبداعية أخرى لهذا الأديب، على غرار "الجثة المطوّقة". وقد وظف سمير زموري في هذا الإسهام الذي جاء تكريما للكاتب المسرحي والروائي الفذ الراحل كاتب ياسين، ألوانا من الفنون البصرية والسمعية؛ من شعر وموسيقى ورسم وكوريغرافيا وفن تشكيلي، لتصنع فرجة مسرحية لكوكبة من الممثلين الشباب، يحرصون على اقتفاء آثار من صنعوا مجد المسرح الجزائري تأليفا وإخرجا وأداء.
واستطاع صاحب هذه المسرحية التي هي عبارة عن تركيبة شعرية ممسرحة، خلق تجانس فني بين التمثيل المسرحي والإلقاء الشعري والعزف فوق الركح وأداء لقطات من التعبير الجسدي للكوريغرفيا من توقيع المبدعة آمال، حسب بعض الذين تابعوا العرض العام لهذه المسرحية بالمسرح الجهوي لوهران، الذي تزامن مع ذكرى رحيل المسرحي صاحب الحلقة عبد القادر علولة، في 10 مارس 1994. وتتجلى المسحة الأدبية في هذه المسرحية التي استخدمت فيها اللغات العربية والأمازيغية والفرنسية، من خلال تقديم مقاطع لأبيات شعرية مستمدة من قصائد الديوان المشهور "مناجاة"، الذي ألّفه الراحل كاتب ياسين في سنة 1946، ويُعد من باكورة أعماله الشعرية، ويقرأها في هذا العرض إدريس بوروف ووسيلة باربار وإيمان بن يحيى، ترافقها قطع موسيقية عزفها على آلة القيثار هشام بن عمارة. ويريد المسرحي سمير زموري من هذا العرض الذي يرى أنه "مهمة صعبة وشيّقة في آن واحد لإخراج عمل فريد من نوعه"، إبراز كاتب ياسين كشخصية أدبية جزائرية مرموقة، حققت نجاحا باهرا في مختلف الألوان الإبداعية؛ حيث كان شاعرا عاشقا لعذب القوافي، وروائيا متحكما في تقنيات السرد، ومسرحيا متمرسا، جسّد أكثر أعماله فوق خشبة المسرح، فضلا عن أنه كان صحفيا مشهورا. كما تُوّج عمل "كاتب ياسين.. حتى لا ننسى" المنتج من قبل جمعية "الفن النشيط" لوهران، بمونولوج، يستحضر عمالقة المسرح في الجزائر، من تقديم الممثل الهاوي زكريا بن سالم ذي تسع سنوات، موضوعه مقتبس من أعمال مسرحية خالدة، منها "حمق سليم" و«الأجواد" لعبد القادر علولة، مبرزا في هذا العمل، شخصية "جلول الفهايمي" التي أداها سيراط بومدين و«القراب والصالحين" لعبد الرحمان كاكي و«حافلة تسيير" لعز الدين مجوبي. وتُختتم المسرحية بعرض لوحتين فنيتين لكاتب ياسين وعبد القادر علولة من إنجاز الرسامين باباجي تفسوت ورضوان بوعرفة من مدرسة الفنون الجميلة لوهران، يتم إنجازهما أثناء عرض المسرحية لإبراز للجمهور أن مسيرة المسرح الجزائري متواصلة بفضل الشباب الذين يحملون المشعل لإضاءة الركح بإبداعاتهم، على حد تعبير المخرج سمير زموري، لافتا إلى أن "الجماليات الفنية المعتمدة في العرض كانت كأدوات لرفع القبّعة لهذه الشخصية الأدبية والفنية التي أثرت المسرح الجزائري".
ومن أعمال المسرحي سمير زموري أنه أخرج وألّف مونولوج "محمد في بلاد السراب" الذي يعالج يوميات الطلبة في المهجر، وأعمالا مسرحية أخرى، ونال جوائز في تظاهرات مسرحية وطنية ومغاربية، وشارك في أداء أدوار في بعض الأعمال السينمائية. كما أنه يشرف على تكوين الشباب في مختلف الأشكال الفنية للمسرح.