موغريني تزور الجزائر ابتداء من اليوم
الارتقاء بالتعاون والحوار إلى شراكة جوهرية
- 1409
تشرع مفوضة الاتحاد الأوروبي السامية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوربية فيديريكا موغريني، اليوم في زيارة رسمية للجزائر تدوم يومين، تهدف إلى تعزيز علاقات التعاون والتشاور المستمر بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، تأكيدا لإرادتهما في بناء شراكة ثنائية جوهرية.
أشارت وزارة الشؤون الخارجية في بيان لها أول أمس، إلى أن الزيارة الثانية من نوعها التي تقوم بها السيدة موغريني إلى الجزائر بدعوة من وزير الدولة وزير الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة، تدل على رغبة الجزائر والاتحاد الأوربي في تعزيز حوارهما السياسي على أعلى مستوى في سياق تفعيل علاقات التعاون والشراكة. وذكرت بأن هذا الحوار وهذا التعاون أفضيا إلى المصادقة في 13 مارس الفارط بمناسبة انعقاد الدورة العاشرة لمجلس الشراكة ببروكسل، على وثائق تتعلق بالتقييم المشترك لتطبيق اتفاق الشراكة وتحديد أولوياتها في إطار سياسة الجوار الأوروبية المراجعة.
واعتبر نفس المصدر هذه الزيارة الثانية من نوعها لرئيسة الدبلوماسية الأوروبية بعد زيارة سبتمبر 2015، فرصة الطرفين لتعميق المحادثات حول سبل التطبيق الفعلي لإجراءات المرافقة المتفق عليها في إطار التقييم المشترك لتطبيق اتفاق الشراكة، من أجل تصحيح التباين الهيكلي الذي يميز الجانب الاقتصادي لهذا الاتفاق، لافتا إلى أن اللقاء يشكل أيضا فرصة لبحث آفاق تعزيز وتوسيع علاقات الشراكة بعد المصادقة على الوثيقة المتعلقة بأولويات سياسة الجوار الأوروبية، «والتي تُعتبر المراجعة الأولى من نوعها مع بلد شريك للاتحاد في المنطقة، وإطارا جديدا معززا، يمكّن الطرفين من تعميق علاقاتهما ضمن مقاربة استراتيجية شاملة مربحة للطرفين، تشمل البعد الإنساني والسياسي والأمني والتنموي».
من جانب آخر، سيعكف الطرفان خلال هذه الزيارة، على تعميق المباحثات حول القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، لا سيما الوضع في ليبيا ومالي والصحراء الغربية، التي تحظى بتطابق واسع لوجهات النظر. كما ستلقي السيدة موغريني خلال زيارتها محاضرة بجامعة الجزائر 3 بمناسبة الذكرى 30 للبرنامج الأوروبي لتبادل الطلبة والأساتذة، الذي تشارك فيه الجامعات الجزائرية بموجب اتفاق تعاون في مجال البحث العلمي والتكنولوجيا والابتكار، وقّع سنة 2013، ويضع البحث والتطوير كمحورين رئيسيين لتعاونهما.
إرادة مشتركة لبناء شراكة فعلية
تعكس زيارة الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المكلفة بالأمن والسياسة الخارجية، إرادة الاتحاد الأوروبي في تعزيز علاقاته مع الجزائر من أجل بناء شراكة ثنائية جوهرية وأكيدة، حيث جدد الطرفان بمناسبة انعقاد الدورة العاشرة لمجلس الشراكة في 13 مارس الفارط ببروكسل، التزامهما بتعميق الحوار السياسي والعلاقة الاستراتيجية في إطار هذه الشراكة الجوهرية، التي تتمحور حول الأولويات المحددة من الجانبين في إطار سياسة الجوار الأوروبية المصادق عليها خلال هذا المجلس.
هذه الأولويات المسطرة في برنامج يمتد إلى 2020، تشمل الحوار السياسي والحوكمة ودولة القانون وترقية الحقوق الأساسية والتعاون والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والمبادلات التجارية، بما فيها الولوج إلى السوق الأوروبية الأحادية. كما تضم المسائل الطاقوية والبيئة والتنمية المستدامة والحوار الاستراتيجي الأمني والبعد الإنساني والحوار الثقافي وفيما بين الديانات، فضلا عن الهجرة وتنقّل الأشخاص.
وسيتم تأطير بعض هذه الأولويات ضمن تعاون فني ومالي يتم تنفيذه في سياق البرمجة المالية 2018 - 2020، حيث تم خلال مجلس الشراكة الأخير، التوقيع على 3 اتفاقات تمويل من طرف الاتحاد الأوروبي، تتعلق الأولى ببرنامج دعم تطوير الطاقات المتجددة وترقية النجاعة الطاقوية في الجزائر (10 ملايين أورو)، وتتعلق الثانية ببرنامج إصلاح المالية العمومية (10 ملايين أورو)، بينما تخص الثالثة دعم تنفيذ اتفاقية الشراكة (20 مليون أورو).
تجسيدا لرغبتهما في ترقية علاقتهما الثنائية، باشر الطرفان في 2016 عملية تقييم اتفاقية الشراكة، التي سمحت بالمصادقة على التدابير المصاحبة التي تتضمنها الوثيقة الحاملة عنوان «استنتاجات وآفاق»؛ من أجل تحسين تنفيذ الاتفاقية لفائدة الطرفين.
إطار جديد لتعاون معمّق وشامل
سمح الإطار الجديد للتعاون بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، بتأكيد الطرفين إرادتهما لإقامة تعاون واسع وشامل ومعمق على كافة المستويات، حيث أكد وزير الدولة وزير الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة في ندوة صحفية مشتركة مع موغريني في مارس الفارط ببروكسل، عزم الجانبين على بذل قصارى جهدهما لاستخلاص الأفضل من اتفاق الشراكة والتخطيط معا لمستقبل نوعي أفضل بالنسبة للطرفين، لافتا إلى أن روح العمل المشترك وتضافر الجهود بين الجزائر والاتحاد الأوروبي «سيترجم من خلال العديد من التفاعل في غضون الأسابيع والأشهر المقبلة»، فيما أبرزت السيدة موغريني، من جهتها، حرص الطرفين على تعميق التعاون الاستراتيجي والتحاور حول التحديات المشتركة والردود الواجب تقديمها.
وستكون التحديات الإقليمية المشتركة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، لاسيما المتعلقة بالأمن والوقاية من الإرهاب والهجرة ومكافحتهما، في صميم الزيارة التي تبدأها اليوم رئيسة الدبلوماسية الاوروبية للجزائر، حيث لفتت وزارة الشؤون الخارجية في هذا الإطار إلى التطورات المشجعة التي عرفتها العلاقة بين الاتحاد الاوروبي والجزائر خلال السنتين الأخيرتين، وتنامي المشاورات بين الطرفين على أعلى مستوى سياسي حول المسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك للتوصل إلى رد شامل وتشاوري.
أما على صعيد التعاون الطاقوي فإن الجزائر والاتحاد الأوروبي تربطهما منذ 2013، شراكة استراتيجية، تقوم على تعزيز الأمن الطاقوي والطاقات المتجددة والنجاعة الطاقوية.
ويُرتقب أن تعقد الجزائر والاتحاد الأوروبي الثلاثاء المقبل ببروكسل، اجتماعهما الثاني في مجال التعاون الطاقوي، فيما أعطى الجانبان دفعا جديدا لتعاونهما في مجال تسيير أخطار الكوارث، من خلال التوقيع في ديسمبر 2016 على اتفاق إداري يتبوأ بمرحلة جديدة من العمل المشترك في مجال الحماية المدنية. وتُعد الجزائر أول شريك في الضفة الجنوبية للاتحاد الأوروبي، الذي يشارك في الآلية الأوروبية لهذا المجال.
كما يسجل الاتحاد الأوروبي حضوره بمناسبة الحدث السياسي الهام الذي تقبل عليه الجزائر بمناسبة الانتخابات التشريعية في الرابع ماي القادم، وذلك بإيفاد بعثة خبرة انتخابية لإعداد تحليل المسار الانتخابي، مثلما تم خلال البعثات السابقة الموفدة في اقتراعي 2012 و2014.