الممثل نور الدين علي حمدان لـ«المساء»:

ضرورة توفير الإمكانيات لتطوير السينما

ضرورة توفير الإمكانيات لتطوير السينما
  • 1687
 حاورته: س. زميحي حاورته: س. زميحي

أكد الممثل نور الدين علي حمدان لـ«المساء»، أنّه يمكن تطوير الفن السابع في ظل وجود مواهب ورغبة في التمثيل، لكن يجب مرافقة هذه الرغبة والموهبة بتوفير إمكانيات للممثلين، كما يجب على المخرجين الاهتمام بجانب الإبداع في كتابة السيناريوهات، موضحا أن ممارسة السينما تتطلب حب الفن وليس رغبة في التجارة وتحقيق الأرباح، مشيرا إلى أنه بحكم تجربته في مجال المسرح والسينما، فإن المسرح فضاء أوسع بكثير من الفن السابع الذي تجتمع فيه عدة عناصر، لتصنع لوحة فوق المنصة تبقى راسخة في ذهن المشاهد، بعيدة عن الفن السابع  الذي يعاني نقائص في حال لم تبذل جهودا لتطوير السينما، ولمعرفة أكثر التفاصيل عن مشواره في مجال التمثيل، «المساء» التقت به وأجرت معه هذا الحوار.

- ماذا يقول الممثل الشاب نور الدين عن مشواره في عالم التمثيل؟

— كانت بدايتي من دار الثقافة "مولود معمري" بتيزي وزو من خلال المشاركة في ورشات منذ 10 سنوات خلت، حيث تعلّمت تقنيات التمثيل فوق الخشبة، قواعد الأداء المسرحي وغيرهما، وكنا نشكّل فرق تمثيل ضمن جمعيات ثقافية واستمر الأمر إلى أن فتح المسرح الجهوي "كاتب ياسين" أبوابه، وبدأ بعدها في تنظيم "كاستينغ"، لقي إقبال عشّاق المسرح والتمثيل، حيث وفر المسرح الجهوي إمكانيات، إلى جانب فتح باب التربص كان أولها سنة 2010، حيث تم اختيار 8 ممثلين، وبعدها شاركت في عروض مسرحية مختلفة، وكان أوّل إنتاج مسرحي شاركت فيه موجّه للأطفال، يحمل عنوان "الجزيرة المفقودة" باللغة العربية.

كما قام المسرح الجهوي لتيزي وزو بإنتاج أربع مسرحيات شاركت فيها، منها "لسان ابن الخطيب"، "ثاواغيث المومنين"، "ازال ن تليلي"، ثم "ماسينسا"، وغيرها من العروض التي سمحت للمسرح الجهوي "كاتب ياسين" بنيل جوائز، خاصة العرض المسرحي "ماسينسا" الذي عرفت رواجا ونجاحا كبيرين، إلى جانب حصد الأعمال المسرحية الأخرى لجوائز منها المهرجان المحترف، مهرجان المسرح الأمازيغي الذي احتضنته ولاية باتنة وغيرهما، وبعدها خضت مجال الفن السابع كتجربة جديدة.

- حدثنا عن تجربتك في مجال السينما، وكيف كان انتقالك من المسرح إلى السينما؟

— بعد المسرح خضت السينما، فمع بداية نشاط القناة التلفزيونية الرابعة بدأ المنتجون في التحرّك وأخذت فرص تنظيم "كاستنيغ"، مما سمح للممثلين ـ بما فيهم أنا ـ باتّخاذ قرار خوض تجربة في مجال الفن السابع، حيث كان لحضور المخرجين العروض المسرحية المقدّمة بالمسرح الجهوي "كاتب ياسين" دورا في اكتشافي وأنا فوق الخشبة، إذ اكتشفوا قدراتي ومهاراتي في تقمّص أدوار وشخصيات مختلفة والانتقال من حالة إلى أخرى، مما أبرز قدراتي في التمثيل.

كان الفيلم الأوّل الذي شاركت فيه "تجرة ن لوز" سنة 2011 مع المخرج أعمر تريبش، ثم جاءت بعده عدّة أعمال سينمائية من أفلام ومسلسلات منها "ثنيفيفث"، "امسلاب"، "ايخسراس لحساب"، "غار زيك تورا" وغيرها من الإنتاجات السينمائية، حيث كان للدور الذي قمت به في فيلم "غارزيك تورا" والذي كان دورا رئيسيا، أثر كبير في مسيرتي في التمثيل وأصبح لي معجبون وجمهور مشاهد ومتتبع.

اقترح عليّ الكثير من المخرجين المشاركة في أعمال سينمائية، وأود أن أشير إلى أنّه على المنتجين والمخرجين البحث عن الممثلين عبر متابعة أعمالهم وتقييم أدائهم، عند التحضير لأي عمل جديد واختيار الوجوه المناسبة لكل دور، وأتأسف كثيرا عن أن الأمر يسير عكس هذا، والممثلون هم من يبحثون عن أعمال جديدة، باقتراح مشاركتهم في "الكاستينغ" على أمل أن يجدوا مكانا لهم، لأداء دور ثانوي أو رئيسي، خاصة أنّ هناك الكثير من الكوميديين والممثلين، كما توجد أيضا الاحترافية في مجال السينما، يبقى فقط الاهتمام بالإبداع للتطوّر.

- أين تجد نفسك أكثر في المسرح أو السينما؟

— أكيد المسرح، فكل ممثل مر على المسرح قبل التحاقه بالسينما، يجد راحته في المسرح أكثر، لأن وجودي فوق الخشبة يعطي لي حرية أكثر في تقمّص الدور والاندماج مع الشخصية، حيث أتأثر بفرحها وحزنها، وهناك تعبير الوجه، الحركات، الموسيقى وغيرها، التي تحمل الكثير من القوّة والتأثير على المشاهد، لترحل به إلى زمن الأحداث ويتعايش معها، حيث بمجرد صعود الممثل فوق الخشبة لا أحد يقطع حواره، إذ يمثّل دوره لمدة تزيد عن ساعة تدخل فيها حركات وكلمات متناسقة ومندمجة، لأنّه اندمج بقوّة في الشخصية محل التمثيل، أما السينما فتتوقّف على تصوير الحلقات على شكل متقاطع، إلى جانب الضغط، مع إعادة تصوير مقاطع مرات عديدة، أضف إلى ذلك الضوء والانتقال من لقطة لأخرى وفقا للحوار.

وأيضا المشكل الذي يؤثّر على السينما، أنه لا يوجد تنظيم، حيث يتّصل المخرج بالممثل عشية التصوير ليخبره بأنّ لديه جلسة تصوير في الصباح، فهو لا يترك المجال للممثل بهدف التحضير نفسيا، كما أن هناك مشاكل نقص الإمكانيات،  فالممثل يجسد دوره بملابسه الخاصة، كما لا يوجد هناك تنسيق في الأدوار، مما يتطلّب من المخرجين الاهتمام بالنوعية أكثر من بالكمية، وبدل إنتاج أربعة أفلام ومسلسلات في السنة، حبذا لو يقدّم عملا واحدا متقنا ينال إعجاب الجمهور.

وأود أنّ أضيف أن فرقا كبيرا يوجد بين المسرح والسينما، والخبرات التي يكتسبها الممثل منهما مختلفة، حيث أنّ السينما عبارة عن محطات يقرأ فيها الممثل حواره على شكل مقاطع، في حين أنّ المسرح متسلسل وفيه إحساس وتأثير وقوة الأداء التي يجب أن تبرز بقوّة ليؤثّر الممثل على المشاهد.  

- بحكم تجربتك في الفن السابع، كيف ترى واقع السينما الأمازيغية ومستقبلها؟

— حسب رأيي الشخصي، مع بداية القناة التلفزيونية الرابعة، بدأت السينما الأمازيغية في التطور والنمو عبر تقديم أعمال سينمائية جيدة، مما سمح لها بخطو خطوتين في آن واحد، لكن مؤخّرا هناك نقص، فمثلا نشاهد مسلسلات متتابعة، حيث في المسلسل الأول يؤدي الممثل دورا له مكانة، وبعدها يأتي مسلسل آخر، حيث يؤدي نفس الممثل دور شخص بسيط، فهذا الفارق يخلق فراغا يؤثّر على المشاهد، والأمر المؤسف أنّ الانتقال من صورة ممثل رئيسي إلى ممثل يلعب دورا ثانويا لا يخدم السينما، خاصة أن تلك الأعمال تقدّم في نفس الوقت، مما يؤكد أمر الاهتمام بالصورة، لأنها تؤثر على المشاهد، وكذا اختيار الشخصيات التي تتناسب مع الدور، لاسيما أن هناك طاقة كبيرة لدى الممثلين بحاجة إلى دعم ومرافقة وإعطاء الفرصة للظهور.

السينما تتطلّب بذل جهود، ثم يأتي حب الفن، وهو أمر ضروري لأنّ من دخل هذا المجال رغبة منه في تحقيق التجارة لن يصل إلى ما يريده، لأنّ الفن السابع يتطلّب أن يقوم المخرج والممثل بعملهما بحب وأن يخضع التمثيل لقواعد وتقنيات، في حين أنّ التقنيات المعتمدة لم تصبو بعد إلى مستوى السينما الحقيقية، لكن أتمنى أن تكون هناك معالجة للسيناريو أولا، لأنه سيكون له أثار كبير في تطوير وترقية السينما، إلى جانب الاهتمام بالإبداع، وهو عنصر أساسي، كما يجب أن يكون هناك مختص  في "الكاستينغ"، مع ترك المشاعر جانبا والاهتمام بالعمل السينمائي، وكيف يساهم في تطوير وتغيير النظرة إلى السينما، خاصة مع تطوّر التكنولوجيا وظهور الأنترنت التي يمكن استغلالها من أجل تعلّم عدة أمور، ويمكن للممثل تطبيقها والمخرج، كون تجارب الغير مدرسة الممثلين الجدد، وفرصة لتصحيح بعض الأخطاء واكتساب خبرة ومعارف جديدة في ميدان السينما، لأنه للأسف هناك ممثلون يتطورون من عمل لآخر، في حين هناك من يظلّ على نفس الحالة رغم أدائه لأدوار مختلفة ومشاركته في أعمال سينمائية عديدة.

- هل تحضّر لأعمال سينمائية جديدة؟

— حاليا، هناك من اقترح عليّ المشاركة في ثلاثة أفلام جديدة، هي في صدد التحضير من طرف المخرجين، لكن لم أشرع بعد في العمل، في حين لا يزال العمل بالمسرح الجهوي "كاتب ياسين" متواصلا عبر تنظيم جولة فنية وطنية لعرض مسرحي جديد "بولمحاين" وكذا مسرحية "ماسينيسا" التي لا تزال مطلوبة بقوة، وغيرها من العروض المسرحية المنجزة من طرف المسرح الجهوي "كاتب ياسين" التي تقدّم من حين لآخر.

- منذ دخولك عالم السينما، ما هي المشاكل التي واجهتك؟

— هناك الكثير من المشاكل، أوّلها نقص الإمكانيات التي من شأنها توفير ظروف عمل مريحة للممثل، حيث يكون لكل دور محيط عمل خاص به، كما أنّ عملية دفع أتعاب الممثلين تواجه تأخرا كبيرا، في حين أن هذا المشكل غير مطروح في المسرح، حيث وبعد كل عمل مسرحي يتقاضى الممثل مبلغا مقابل أتعابه، فالدولة تلتزم دائما بدفع حقوق التمثيل وفقا للعقود، لذلك لا توجد مشاكل في مجال المسرح.

كما أن المسرح يساعد الممثل على تحسين أدائه، حيث هناك تربصات مستمرة على مستوى المسرح الجهوي "كاتب ياسين"، ويمكن للشباب الممثلين وعشاق السينما التسجيل من أجل الاستفادة من تكوين يسمح لهم باكتساب خبرة وتعلم تقنيات تساعدهم على النجاح في عالم التمثيل في مجالي المسرح والسينما.