رضا عثماني رئيس "جمعية رعاية الطفولة المسعفة أمل وتحدي":
نحلم بقرية للطفولة تتسع لجميع المحرومين

- 2022

توجه اهتمام عدد من الأفراد في الآونة الأخيرة إلى الاهتمام بعالم الطفولة، في الوقت الذي اختار البعض الدفاع عن حقوق الأطفال العاديين ـ إن صح التعبير ـ واختار رضا عثماني الاهتمام بالطفولة المسعفة أو ما يسمى بالأطفال من دون هوية، بالنظر إلى خبرته الطويلة مع هذه الفئات عبر عدة مراكز في الجزائر واحتكاكه مع مختلف المناضلين والحقوقيين، على غرار الكاتب محمد الشريف زرقين والمحامية فاطمة الزهراء بن براهم والمناضل عبد الرحمان عرعار، كل هذا دفعه إلى تأسيس جمعية التي أسماها "جمعية رعاية الطفولة المسعفة أمل وتحدي" الكائن مقرها بولاية سطيف. يحدثنا في هذه الأسطر عن أهم انشغالات هذه الفئة.... والتحديات التي تواجههم في سبيل تمكين هذه الشريحة من بعض حقوقها.
❊ بداية، حدثنا عن أهم المطالب التي تسعى الجمعية إلى تحقيقها؟
— لعل من أولى المطالب الأساسية التي نسعى إلى التأكيد عليها؛ إدراج صفحة خاصة في الدفتر العائلي بالطفل المكفول، مع الإشارة إلى ضرورة تعديل المادة 125 من قانون الأسرة لجعل كفالة الطفل المسعف نهائية، لأن مصير الطفل غير مضمون في حالة وفاة العائلة الكفيلة ورفض الورثة التكفل به، إلى جانب سن القوانين التطبيقية المتعلقة بالمادة 72 من الدستور، التي تنص صراحة على التكفل بالطفولة مجهولة النسب، وكذا تسهيل إجراءات الكفالة لإدماج مجهولي النسب في الأوساط العائلية، وأخيرا حصول الطفل المسعف على جميع حقوقه في التعليم والمسكن والعمل، لتحقيق نوع من التوازن في شخصيته وسط مجتمع لا يرحم.
❊ حدثنا عن طريقة تواصل الجمعية مع الأطفال مجهولي النسب؟
— تهتم الجمعية أولا بفئة الأطفال الذين يتم التخلي عنهم بالمستشفيات، ويجري توجيههم إلى المصالح المعنية لتربيتهم والإشراف عليهم، وينتمي إليها الأطفال الذين ليست لهم علاقة تربطهم بعائلاتهم الطبيعية، خاصة العلاقة الأبوية التي تعتبر الأساس والمصدر الرئيسي في نمو الطفل وبناء شخصيته السوية، وتضم هذه الفئة الطفل غير الشرعي الذي تم إنجابه خارج الزواج الشرعي، وقد يكون مجهول الوالدين فتتكفل به مصلحة الشؤون الاجتماعية، كما تهتم الجمعية بالأطفال ضحايا المشاكل كالطلاق، إذ قد يوضع الأطفال في المؤسسة بقرار من قاضي الأحداث لمدة مؤقتة، أو يتم إعادتهم إلى وسط عائلتهم بمجرد تحسّن الأمور، وتبقى علاقتهم بذويهم عن طريق الزيارات، وقد يبقى هؤلاء الأطفال بصورة نهائية في حالة التخلي الكامل، حيث تسقط كفالته من والديه. أما الفئة الثانية التي تهتم بها الجمعية أيضا، وهي الفئة التي تودع من طرف أوليائهم لمدة محددة نتيجة مصاعب مادية مؤقتة بحجة عدم التفاهم بين الزوجين، أو نتيجة لعامل الجنس أو الإعاقة أو المرض، وقد يودع الطفل بالمؤسسة بعد عدة أشهر فقط، وهو في هذه الحالة يحتاج إلى الرعاية والحماية والأمن.
❊ ما هو أهم تحد تواجهه الجمعية اليوم؟
— لعل أهم تحد تواجهه الجمعية اليوم؛ محاربة نظرة المجتمع المزرية للأطفال مجهولي النسب من خلال تنظيم الأيام التحسيسية، لأن مجتمعنا لا يرحم ويحمّل هذه الفئة دوما ذنبا لم يرتكبه، بإطلاق عبارات غير لائقة على هذه الفئة ومنها: "أولاد الحرام، أبناء الدولة وأبناء الزنا واللقطاء...." وغيرها من الكلمات التي تخلف أثرا نفسيا شديدا عليهم، ولعل هذا الأمر من أكثر الأسباب التي دفعتني إلى تأسيس جمعية تتكفل بشؤون هذه الفئة والدفاع عن حقوقهم في المجتمع، كغيرهم من الأطفال، لأنني أعتقد أن لهم أيضا كل الحقوق ولا يجب أن يهمشوا أو يحتقروا لأنهم ضحايا قبل كل شيء.
❊ ما الذي قدمته الجمعية لخدمة هذه الشريحة؟
— قمنا منذ تأسيس الجمعية في نهاية 2015 بعدة نشاطات، على غرار القيام بزيارة إلى مراكز الطفولة المسعفة ومؤسسة إعادة التربية، تزامنا مع مختلف المناسبات الوطنية والعالمية والدينية، إلى جانب تنظيم رحلات ترفيهية استكشافية لفائدة الأطفال المحرومين، وفي إطار مسيرتنا في الدفاع عن حقوق الطفولة المسعفة، أقمنا ندوات وطنية تخص الكفالة والإدماج الاجتماعي للطفل المسعف، تحت رعاية الوزارة الوصية، بالتنسيق مع منظمة "اليونيسيف"، ومشاركة نخبة من الحقوقيين والنشطاء في مجال الطفولة، على رأسهم المحامية فاطمة الزهراء بن براهم وفاروق قسنطيني.
❊ في رأيكم ما هي أهمم انشغالات هذه الشريحة؟
— يحتاج الأطفال منذ الولادة إلى رعاية كاملة ودائمة، حيث تجد هذه الفئة نفسها أمام ماض ومستقبل مجهولين في ظل غياب الأولياء، والسؤال المطروح؛ كيف يمكن أن نحافظ على حقوق هذه الفئة إذا لم يجدوا الرعاية اللازمة؟ بالتالي فإن أهم انشغالاتهم تتمثل في المقام الأول في الحق في التعليم، لأن بعضهم يلجأ إلى مراكز محو الأمية في سن متأخر، بسبب افتقادهم لوثائق الهوية والحق في السكن، لاسيما أنهم يعيشون في مراكز الطفولة المسعفة، وهي محطات مؤقتة. وبالمناسبة، فإن مدير النشاط الاجتماعي ووالي ولاية سطيف يسعيان جاهدين للتكفل بهذه الفئة وإدماجها في المجتمع، دون أن ننسى ضرورة حصولهم على وثائق الهوية التي تثبت وجودهم في المجتمع.
❊ ماذا عن مشاريع الجمعية؟
أولى المشاريع التي تتطلع إليها الجمعية؛ الحصول على مقر دائم لممارسة نشاطها على أحسن وجه، ومن ثمة المشاركة مع مختلف السلطات من أجل إعداد قوانين للتكفل بالطفولة المسعفة، فضلا عن التواصل الدائم مع الهيئات الوطنية والمنظمات الدولية الحكومية عن طريق عقد اتفاقيات شراكة تجسد عبر المدى الطويل، مثل مشروع قرية للطفولة تتسع لجميع الأطفال المحرومين، تتوفر على جميع المرافق، مع التفكير في تنظيم قفف شهرية للعائلات الكفيلة ومحدودة الدخل.
❊ هل تتعاملون مع جمعيات تحمل نفس الانشغال؟
— طبعا، فكل النشاطات التي تقوم بها جمعيتنا يتم فيها إشراك الجمعيات الناشطة في مجال الطفولة، على غرار "كافل اليتيم" وجمعية "إنصاف لحقوق الطفل" وجمعية "ربط للإحداث"، وتلجأ الجمعية إلى تغطية مختلف النشاطات والتظاهرات لمختلف المتعاملين الاقتصاديين، وللسلطات المحلية عن طريق برنامج الإعانات.