يحمل بعدا استشرافيا يواكب التحولات الأمنية الإقليمية والدولية
استحداث معهد للدراسات العليا في الأمن الوطني
- 2902
تم استحداث معهد للدراسات العليا في الأمن الوطني بموجب مرسوم رئاسي رقم 17-145 المؤرخ في 19 افريل 2017. وأوكلت مهمة السهر على سيره الحسن للمستشار لدى رئيس الجمهورية الذي يدعى «المنسق»، في حين يمارس الوصاية البيداغوجية على هذا المعهد في مجال التكوين العالي كل من وزبر التعليم العالي والبحث العلمي ووزير الدفاع الوطني. وفق ما تضمنه العدد الأخير من الجريدة الرسمية.
المعهد الذي يعد مؤسسة تكوين عسكرية مستقلة ملحقة برئاسة الجمهورية هو مؤسسة عمومية ذات طابع إداري، يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، ويخضع إلى جميع الأحكام القانونية الأساسية والتنظيمية المطبقة على المؤسسات المماثلة، كما يشرف على تسييره مدير عام، يعين بموجب مرسوم رئاسي بناء على اقتراح من المنسق وتنهى مهامه حسب الأشكال نفسها
ويساعده في ذلك كل من مدير التعليم والتكوين المتواصل ومدير البحث ومدير منظومات الإعلام والعلاقات الخارجية ومدير الشؤون البيداغوجية وأمين عام المعهد ومدير المكتبة وبنك المعلومات.
مهام المعهد المحدد مقره بمدينة الجزائر تتمثل في «ضمان التكوين الجامعي للدرجتين الثانية والثالثة في الأمن الوطني وفي الدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية، كما يمكن أن يقدم تكوينا متواصلا مؤهلا ويخصص هذا التكوين لفائدة المستخدمين العسكريين والمدنيين في الجيش الوطني الشعبي وأعوان الدولة».
حسب المادة 7 من المرسوم يمكن للمعهد تنظيم دورات دولية للدراسات العليا في الأمن الوطني في مواضيع ذات علاقة بمجال اختصاصه لفائدة متربصين أحرار، يتم اختيارهم من ضمن الإطارات السامية المدنية والعسكرية الوطنية والأجنبية، علاوة على ضمان دورات تكوينية متخصصة وملتقيات وأيام دراسية لفائدة المستخدمين والإطارات في مجال اختصاصه إلى جانب إمكانية ضمان تكوينات لفائدة ضباط وإطارات دول أجنبية كما يساهم في «تطوير البحث العلمي في مجال الأمن الوطني ويقوم بجميع الأشغال والدراسات والندوات والملتقيات والمحاضرات والنشاطات التي تندرج ضمن هذا الإطار ويقدم مساعداته للهيئات العسكرية والمدنية التي يرتبط نشاطها بالدراسات والبحوث في مجال الإستراتيجية والعلاقات الدولية» وفق ما جاء في الجريدة الرسمية.
للمعهد مجلس علمي وبيداغوجي يساعد المدير العام للمعهد في تحديد وتقييم النشاطات العلمية وبرامج التكوين، وبهذه الصفة يكلف بالتداول في المسائل المتعلقة بالتكوين العالي والتكوين المتخصص والدورات الدولية للدراسات العليا في الأمن الوطني.
يتكون مستخدمو المعهد من مستخدمين عسكريين ومستخدمين مدنيين شبيهين ومستخدمين مدنيين متعاقدين، كما يتكون من مستخدمين أساتذة باحثين في التعليم العالي والبحث العلمي منتدبين أو في كل القطاعات الأخرى وكذا مستخدمين موظفين بالتوقيت الجزئي، طبقا للتنظيم المعمول به في وزارة الدفاع الوطني.
المعهد بإمكانه أيضا الاستعانة بخبراء مدنيين أو عسكريين وطنيين أو أجانب، طبقا للتنظيم المعمول به في وزارة الدفاع الوطني، كما يمكنه إقامة علاقات تعاون وتبادل مع الهيئات المتخصصة في هذا المجال، الوطنية منها والأجنبية.
قرار استحداث المعهد يحمل بعدا استشرافيا في ظل التحولات الأمنية الإقليمية والجهوية المتعددة التي لها تأثير مباشر أو غير مباشر على الجزائر.
وباعتبارها من أوائل الدول التي نجحت في التصدي للإرهاب بعد عشرية سوداء بفضل تطبيق ميثاق المصالحة الوطنية الذي بات مرجعا في السياسات الأمنية للدول، أصبحت الجزائر تتوجه نحو تفعيل آلياتها الأمنية مسايرة مع المتغيرات الحالية في مفهوم الأمن الشامل الذي يمس مختلف القطاعات الحيوية منها الاجتماعية والاقتصادية ككل.
نظرة الجزائر لا تتوقف عند مفاهيم «الأمن التقليدي» الذي ارتبط لسنوات بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بكل أنواعها، بل باستباق الأحداث ورصد التوقعات المحتملة وفق رؤية استراتيجية استشرافية تكون بمثابة السد المنيع للتهديدات التي قد تمسها داخليا أو خارجيا.
من هنا تبرز الإرداة للانتقال إلى مرحلة نوعية تعزز تجربتها في مجال مكافحة الإرهاب من خلال تكريس الرسكلة والتكوين الاحترافي المواكب للمستجدات التي يعرفها العالم، في ظل تطور الأساليب التكنولوجية للجماعات الإرهابية وتزايد الجرائم السيبرانية.
إلحاق المعهد برئاسة الجمهورية يعزز تحصين الدولة أمنيا واستراتيجيا كما يعد استكمالا لـ»ثورة» هيكلة المؤسسات الأمنية التي تم الشروع فيها مع خلق أخرى جديدة تتكيف والواقع الجديد، فضلا عن التركيز على البعد الاحترافي للمسار العسكري من خلال إنشاء مدارس أشبال الأمة عبر الوطن.
مؤسسة التكوين المستحدثة تتميز بتفتحها على جميع المؤسسات العالمية وهو ما يبرز منحى إرساء علاقات متبادلة تخدم المصالح الإستراتيجية المتبادلة عندما يتعلق الأمر بأمهات القضايا التي لا تخص تداعياتها دولة دون أخرى.
يأتي ذلك في ظل الاعتراف الدولي الذي تحظى به الجزائر على المستوى العالمي بفضل مقاربتها الأمنية الشاملة، إذ تجلى ذلك مثلا بتعيين رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، منسقا إفريقيا لمكافحة الإرهاب شهر مارس الماضي.