وضع المخرج محمد يرغي قصة فيلمه الأخير «أعاهدك» التعيسة في وعاء جمالي متميّز بالمناظر الطبيعية الخلابة والمساكن التقليدية البهية في منطقة بجاية، وأشغال النسوة الفلاحية وجعل من العمل مسارا يسلكه بطل الفيلم «عليلي» تؤدي به إلى ذكريات صغره، حاملا عبئا ثقيلا بسبب الوعد الذي قطعه لأخته بأن يأخذها يوما إلى قمة يما قورايا، ولم يف به.

يبدو أنّ المخرج الشاب محمد يرغي متأثّر بأعمال الراحلين عبد الرحمان بوقرموح وعز الدين مدور، ذلك أنّ التقاط الصورة في العريض يبرز جمال منطقة القبائل هي السمة التي يشترك فيها مع هذين المخرجين الكبيرين، فالأوّل أخرج «الربوة المنسية»، والثاني أخرج «جبل باية».

وفي هذين الفيلمين يقص العنوان المضمون، لذلك كان لزاما أن تبرز مشاهد الربوة وكذا الجبل، لكن عنوان «أعاهدك» يتضمّن قصة إنسانية بامتياز، والمناظر الطبيعية كانت مرافقة لرحلة العودة بالنسبة لعليلي الذي ترك قريته وهاجر، وفي سيره يستحضر ذكرياته إلى أن يصل إلى البيت، ومنها وعد أخته وهم صغار بأن يأخذها إلى يما قورايا، ذلك المكان الذي لم يروه إلا سمعا وهو ليس ببعيد. كان هدف الأخوين النجاح في الدراسة والذهاب إلى مدينة بجاية لمزاولة دراستهما، حتى يتم تجسيد الحلم بالصعود إلى قمة يما قورايا، غير أنّ أبوهما رفض للفتاة أن تواصل الدراسة رغم أنّها كانت متفوّقة، بسبب العادات والتقاليد البالية. والفيلم ناطق باللغة الأمازيغية ومدته 17 دقيقة وأنتج سنة 2016، كتب النص محمد يرغي وأخرجه، وتكفّل بازو بالموسيقى الأصلية التي وفّق فيها إلى حدّ بعيد، كما نجح الفرنسي ميشال بودور في نقل صورة صافية ناطقة بالحياة. 

وفاز الفيلم في نهاية أفريل الماضي على الجائزة الأولى «زيبو الذهبي» في اللقاءات السينمائية للفيلم القصير بمدغشقر، وافتك جائزة الزيتونة الذهبية في مهرجان الفيلم الأمازيغي بتيزي وزو عام 2016.ويعدّ محمد يرغي من المخرجين الواعدين، بدأ مشواره بجائزة الزيتونة الذهبية في مهرجان الفيلم الأمازيغي سنة 2006، وافتك في مهرجان وهران للفيلم العربي الأول جائزة الأهقار الذهبي لأحسن فيلم قصير عنوانه «حورية».