سهرات «الصابلات» تزرع الفرحة وتصنع اللحمة

سهرات «الصابلات» تزرع الفرحة وتصنع اللحمة
  • 4046
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

يشهد منتزه «الصابلات» حركة دؤوبة مع انطلاق ساعة العصر إلى قرابة الفجر، منذ بداية الشهر الفضيل، حيث اختارت بعض العائلات المكان لتجتمع فيه على مائدة إفطار على الهواء الطلق، حيث تلتف العائلات وتتقاسم طعامها مع بعضها في صورة حية للتراحم والتكافل والكرم الجزائري، كما تتواصل السهرات فيه على وقع الموسيقى والبرامج المختلفة التي سطرتها مؤسسة فنون وثقافة، وتتعالى أصوات الأطفال الذين يركبون «الطوبوقون» وألعاب مختلفة أخرى.

تتوزع العائلات القادمة من مختلف بلديات العاصمة والولايات المجاورة، على غرار البليدة، المدية وبومرداس رفقة أطفالها على ساحة وزوايا المنتزه الذي زينته الأضواء المتلألئة ليلا، حيث يشعر الجالس فيه براحة نفسية كبيرة، خاصة أن أمواج البحر المحاذي تكسر الرتابة، كما أن نسيمه العليل يشعر الجسد المنهك بفعل الصيام والساعات الطويلة براحة كبيرة، غالبا ما يزدحم المكان قبيل المغرب وتتشكل طوابير السيارات الطويلة التي تنتظر دورها لركن السيارة، ومنه اختيار المكان الذي ستفطر فيه الأسرة، ومن العائلات من يحالفها الحظ في حجز طاولة خشبية بكراسيها، فتقوم ربة البيت بتزينها بغطاء بلاستيكي مزركش وترص عليها ما لذّ وطاب من المأكولات التي تفننت في تحضيرها في البيت، في حين تفترش عائلات أخرى الأرض، أو تضع الموائد البلاستيكية التي رافقتها في رحلة الإفطار خارج البيت وتعتبرها الكثير من العائلات مميزة، فمنها من يفطر في المنتزه للسنة الثانية على التوالي للمرة السادسة عشر، كما أوضحت لنا السيدة فضيلة التي جاءت رفقة أبنائها وزوجاتهم وأحفادها، إذ تقول: لقد اكتشفنا سحر الإفطار بالمنتزه خلال السنة الماضية، لذا نقوم ببرنامج مسطر، حيث تقوم كل واحدة من السيدات بتحضير أنواع معينة من الطعام في البيت، دون نسيان المشروبات والشاي والزلابية وقلب اللوز للسهرة، لأنه عند الدخول يصعب الخروج لإيجاد مكان فيما بعد، لهذا ننظم أوقاتنا ومتطلباتنا من قبل، ونقضي أوقاتا من الراحة في رحاب الطبيعة الرائعة نفطر ونتقاسم ما لدينا من طعام مع العائلات التي تجاورنا، والتي تفعل بدورها نفس الشيء، وبعد الإفطار ينطلق الصغار في رحلة اللعب التي تتواصل لساعات متأخرة من الليل،  خاصة أن وزارة الشباب والرياضة ضمنت لهم ألعابا مجانية طيلة الشهر».

وإذا كان من العائلات من يبرمج السهرة للعب الأطفال سواء بدراجاتهم وسياراتهم الصغيرة أو بكرة القدم التي ترافقهم يوميا، أو من خلال الاستمتاع باللعب التي نصبتها وزارة الشباب والرياضة على اختلافها؛ منها الترفيهية والعلمية، لاختبار ذكاء الأطفال وتشجيعهم على المعرفة والعلم، حسبما أشار إليه يوسف (13 سنة) جاء رفقة عائلته للمنتزه، إذ يقول: «تحتضن ساحة المنتزه العديد من النشاطات الخاصة بالطفولة، على غرار المهرج وألعاب ‘الطوبوقون’، كما شاركت مؤخرا في السلامة المرورية التي نظمها الأمن الوطني وتعرفت من خلالها كيف أحافظ على نفسي من الحوادث وكيف أنصح أصدقائي أيضا، كما أنني أحب الاستفادة من الألعاب العلمية التي يشرف عليها أساتذة لاختبار مهاراتي وتوسعة معارفي».

وتفضل بعض العائلات أيضا السمر والاستمتاع بأجواء الموسيقى التي تحتضنها «طحطاحة الفنانين» بالمنتزه أو المسرح الذي يحتضن مختلف النشاطات الترفيهية، التي تنطلق يوميا في حدود الساعة الحادية عشر للتواصل إلى ساعات متأخرة، حيث تصدح فيها الحناجر الجزائرية بأجمل الأنغام التي يرقص على وقعها الكبار والصغار.