تعليمة الوزير الأول تحث الحكومة والولاة على الصرامة في الإنفاق

ضبط تدابير تعزيز التوازنات المالية

 ضبط تدابير تعزيز التوازنات المالية
  • 1197
محمد / ب محمد / ب
وجه الوزير الأول عبد المالك سلال، تعليمة إلى أعضاء الحكومة والولاة والمدير العام للوظيف العمومي والإصلاح الإداري، يحثهم فيها على الامتثال لإجراءات توخي سياسة عقلانية صارمة في مجال النفقات العمومية، والعمل في إطار انضباط حكومي متناسق حذر واستشرافي لمواجهة أزمة تراجع أسعار النفط، وذلك التزاما بالتوجيهات التي كلّف بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الحكومة خلال المجلس المصغر الذي ترأسه مؤخرا.
وتضمنت التعليمة التي وقّعها رئيس الجهاز التنفيذي، أول أمس الخميس، سبعة محاور رئيسية، يتعين على الأعضاء المسؤولين التنفيذيين مراعاتها في إطار التدابير الاحترازية التي تسعى من خلالها الدولة، إلى تعزيز التوازنات الداخلية والخارجية للبلاد، والتخفيف من آثار تراجع أسعار النفط في السوق الدولية على التوازنات المالية الوطنية.
وفصل السيد سلال، التدابير الواجب اتخاذها في هذا المجال طبقا لهذه المحاور السبعة التي تمكّن الجزائر من هامش المناورة لتحقيق الهدف المنشود، وتشمل إلى جانب ضرورة التحكم في نفقات التسيير والتجهيز، تدابير صارمة لتحسين الموارد وتمويل الاقتصاد وضبط التجارة الخارجية، وتنويع الاقتصاد خارج المحروقات، فضلا عن تشديد المراقبة في المجالين المالي والضريبي.

التحكّم في التوظيف والحد من التنقلات والإنفاق على الوفود الأجنبية
وفي حين جدد الوزير الأول، التأكيد على أن الجزائر تملك القدرات اللازمة لمواجهة تأثيرات الأزمة الحادة التي تعرفها أسعار النفط، والحفاظ على برنامج التنمية المدعم للسياسة الاجتماعية للحكومة في ميادين التربية والتعليم العالي والمهني والصحة والسكن، أشار إلى أن واجب الاحتياط واتقاء مزيد من التدهور المحتمل للمحيط المالي والاقتصادي العالمي يملي على الحكومة، ضرورة التحلّي بسلوك صارم وشجاع في مجال النفقات العمومية.
ودعا في إطار التدابير المتصلة بترشيد نفقات التسيير إلى ضرورة التحكّم في عمليات التوظيف، من خلال تعليق عمليات التوظيف الجديدة إلا في حدود المناصب المالية المتوفرة، مع ضرورة أن تتم هذه الأخيرة بموافقة الوزير الأول، وتنظيم المسابقات المتعلقة بذلك.
كما ألح السيد سلال، على ضرورة تفضيل اللجوء إلى إعادة نشر المناصب المالية الموجودة، وشدد من جانب آخر على ضرورة الحد من التنقلات الرسمية إلى الخارج، وحصرها في تلك التي ترتبط بضرورة التمثيل القصوى، مع تقليص التكفل بالوفود الأجنبية التي تزور الجزائر، وإخضاع تنظيم اللقاءات والندوات وغيرها من التظاهرات إلى القواعد الصارمة المرتبطة أساسا بمدى جدواها، فضلا عن الحد من إنشاء المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري واستثنائها على المنشآت الاجتماعية التربوية مع ترشيد تنظيمها وتسييرها وإجراء تقييم لمدى جدواها  وديمومتها.

تأجيل المشاريع غير الضرورية واستعمال المواد المنتجة محليا
وفي إطار ترشيد نفقات التجهيز، حث السيد سلال، الحكومة على منح الأولوية لإتمام المشاريع التي انطلقت في الآجال المحددة ضمن التكاليف المقررة، داعيا إلى إعادة جدولة تسلسل مشاريع البرنامج الجاري التي لم يتم الانطلاق فيها وفق الأولوية والحاجيات الحقيقية.
وألح في نفس الإطار على ضرورة تأجيل المشاريع غير الضرورية، وعدم تبليغ رخص البرامج إلا للمشاريع ذات الطابع الاجتماعي التي تتوفر كل شروط الانطلاق فيها، فيما يتم ـ حسب تعليمته ـ استخراج من مجال الميزانية المشاريع ذات الطابع التجاري التي لم يتم الانطلاق فيها أو المزمع تسجيلها أو توجيهها وتمويلها جزئيا أو كليا، وفق حصة تبعية الخدمة العمومية المنوطة بالدولة.
كما شدد في نفس السياق على ضرورة أن يكتسي اللجوء إلى صيغة التراضي البسيط طابعا استثنائيا طبقا لأحكام قانون الصفقات العمومية، حاثا أصحاب المشاريع اللجوء تلقائيا وإجباريا في إطار الصفقات العمومية إلى المواد المصنّعة وطنيا، مع إجبارهم على إشراك المؤسسات العمومية والخاصة الوطنية في إنجاز المشاريع إلى جانب المؤسسات الأجنبية، في حال تبين أن اللجوء إلى هذه الأخيرة ضروري.

تحسين التحصيل الضريبي وإدماج الاقتصاد الموازي
وحرصا على تجسيد مسعى تحسين موارد الدولة، شدد الوزير الأول، على ضرورة تضافر كل الجهود لتحسين نسبة تحصيل الجباية العادية ومردودها من خلال التوسيع التدريجي لقاعدة الوعاء الضريبي، وتحسين مستوى تحصيل الإيجار والأعباء وغيرها من الإتاوات كتلك المتعلقة بالكهرباء والماء، ملحا في سياق متصل على ضرورة مضاعفة التدابير الرامية إلى إدماج النشاط الاقتصادي الموازي في النشاط الرسمي، وزيادة عمليات البحث عن المحروقات واستغلالها بما فيها المحرقات غير التقليدية.

إسهام البنوك العمومية والخاصة في تمويل الاقتصاد والتعجيل بالإصلاح المالي
كما حث السيد سلال، في إطار مسعى تحسين تمويل الاقتصاد الوطني، على ضرورة تجنيد البنوك والمؤسسات المالية للمساهمة أكثر في تمويل الاقتصاد وتنفيذ التدابير الضرورية لإشراك البنوك والمؤسسات المالية الخاصة في هذا المسعى، ودعا إلى العمل بشكل تدريجي على تطوير سوق رؤوس الأموال تحسبا لجعلها بديلا لميزانية الدولة في تمويل الاقتصاد، وكذا تطوير الشبكات البنكية لجمع الادخار وتحسين مصرفية الاقتصاد، مشددا بالمناسبة على ضرورة التعجيل بوتيرة إصلاح القطاع المالي بغية تفعيل تطوير المؤسسة وتعبئة الادخار المحلي وتمويل الاستثمار الاقتصادي.

الحد من الاستيراد ومحاربة تهريب العملة الصعبة
ومن ضمن التدابير التي ألح عليها الوزير الأول، في إطار المحور المرتبط بضبط التجارة الخارجية، ضرورة العمل بصفة منسّقة بين مختلف الهيئات المعنية من أجل تعزيز مراقبة عمليات التجارة الخارجية والترتيبات العملياتية، وذلك بغرض إنجاح إجراءات التصدي بلا هوادة للتحويلات غير القانونية للعملة الصعبة.
ودعت تعليمة السيد سلال، في نفس الإطار إلى توجيه التدابير التحفيزية نحو الاستثمارات التي تحقق معدلات هامة لاندماج الاقتصاد الوطني، وتعزيز الترتيبات الوطنية لتقييس مواد الاستهلاك بغية الحد من الاستيراد وتدعيم التدابير الكفيلة بتسهيل وتشجيع التصدير.

تنويع الاقتصاد وتشجيع الاستثمار في الفروع البديلة عن الاستيراد
وجدد الوزير الأول، في تعليمته لأعضاء الجهاز التنفيذي التأكيد على ضرورة تنويع الاقتصاد الوطني خارج المحروقات، داعيا في هذا الصدد إلى التعجيل بالإصلاحات التي تمت مباشرتها في مجال التشجيع على الاستثمار في القطاعات والفروع البديلة للاستيراد، وتثمين الموارد الطبيعية وتوجيه جهود التحفيز والتمويل نحو القطاعات ذات الأولوية كالفلاحة والسياحة والطاقات البديلة والصناعة والرقمنة.
وألح ضمن هذا المحور على وجوب جعل المساعي التحفيزية في القطاع الصناعي مشروطة بأهداف تحسين الإسنتاج وتقليص الاستيراد وترقية التصدير.

تشديد رقابة الدولة في كافة المجالات..
وتضمن المحور الأخير من تعليمة الوزير الأول، التأكيد على تعزيز رقابة الدولة في المجال المالي والضريبي والتجاري والصناعي، وحرصها على مراقبة الجودة والتقييس ومراقبة التجارة الخارجية، من خلال تكثيف وتعزيز العمل الجمركي للتصدي لمختلف الأعمال غير القانونية والمضرة بالاقتصاد الوطني على غرار تحويل العملة الصعبة وغيرها.
كما كلف الوزير الأول، وزير المالية شخصيا بالسهر على التنفيذ الصارم لأحكام الميزانية والمالية، معربا في الأخير عن أمله في أن يسهر الحكومة والولاة كل فيما يخصه على التنفيذ الصارم لهذه التعليمة.