ذكرى وقف إطلاق النار 19 مارس 1962
شهادة ميلاد جزائر الاستقلال
- 1430
م.أجاوت/ ت: مصطفى /ع
يبقى تاريخ 19 مارس 1962 (عيد النصر، أو وقف إطلاق النار) بشهادة من عايشوه المحطة الرئيسية لتكريس السيادة الوطنية بامتياز، والمنعرج الحاسم لثورة التحرير المجيدة الذي عبّد الطريق لعيد الاستقلال الفعلي 05 جويلية 1962، بفضل التضحيات الجسام لشهداء ومجاهدي ملحمة نوفمبر 1954، ضد الاستعمار الفرنسي الغاشم. كما يعد هذا الحدث التاريخي الهام في تاريخ الجزائر الثوري شهادة ميلاد بلد يتطلّع للحرية والتحرر من استدمار وحشي جثم على صدور الجزائريين طيلة قرن و32 سنة.
وساهم هذا التاريخ بكل قوة في وضع اللبنات الأولى لوقف إطلاق النار وترسيخ قرارات اتفاقيات ايفيان، خاصة فيما تعلّق بالحفاظ على الوحدة الوطنية للشعب والدفاع عن سيادته كاملة غير منقوصة. حسبما أكده مجاهدون وأعضاء من الأسرة الثورية كانوا شهود عيان على ما وقع خلال هذا اليوم المشهود.
وأوضح بعض المجاهدين وأبناء شهداء كان لهم شرف الالتحاق بثورة الفاتح نوفمبر 1954، في لقاء جمعهم بـ"المساء" أنه لولا عيد النصر 19 مارس 1962، لما كان يوم الاستقلال الرسمي 05 جويلية باعتبار يوم وقف إطلاق النار هو ورقة الطريق التي أعادت الحرية والسيادة للجزائريين دون تمييز.
وأكد مسؤول قسمة المجاهدين ببلدية بئر مراد رايس بالجزائر العاصمة، المجاهد خالد قاسم، المدعو "كركوب" أنه يستحيل الحديث عن يوم وقف إطلاق النار وتبعاته على قيادة الثورة والشعب الجزائري بصفة عامة دون إبراز التضحيات الجسام للمجاهدين والشهداء الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل استقلال الجزائر، والتي كانت ثمرة كل جهود التضحية للتوصل إلى هذا اليوم التاريخي، دون إغفال الدور الريادي والشجاع للوفد الجزائري المفاوض الذي تمكن بحنكته وخبرته السياسية بقيادة البطل كريم بلقاسم، من إجبار فرنسا على تمكين الجزائريين من الاستقلال والتحرر.
وأوضح المجاهد قاسم، في هذا الإطار وهو ابن شهيد التحق بصفوف المجاهدين إبّان الثورة بمنطقة أوراس النمامشة بسوق أهراس الولاية التاريخية الأولى، أن هذا الوفد المفاوض استطاع إقناع حكومة ديغول، بقبول شروط قيادة جبهة وجيش التحرير الوطني لوقف القتال وعلى رأسها القبول بتنظيم استفتاء تقرير المصير والذي أعلنت نتائجه في الأخير عن تصويت 95.75 بالمائة من المعمرين الفرنسيين لصالح السيادة والاستقلال لصالح الجزائريين، فيما امتنع 500 ألف معمّر عن التصويت لذلك، وهو ما لم تهضمه فرنسا وحكومتها آنذاك ما عجّل بإعطاء الضوء الأخضر للجنرال ماسو، لاستنفار منظمة الجيش السري الفرنسي التي ارتكبت مجازر شنيعة في حق الجزائريين جراء التقتيل العشوائي.
وأضاف أن وقف إطلاق النار ورضوخ فرنسا لمطلب قيادة الثورة لتنظيم هذا الاستفتاء ونتائجه المخيّبة لآمال ديغول، وحكومته في تحقيق إقامة "جزائر فرنسية"، كان له صدى كبير على مستوى الرأي العام الوطني والدولي، لاسيما الضربة الموجعة التي تلقتها الدبلوماسية الاستعمارية التي لم تجد مناصا من الجلوس على طاولة المفاوضات والتوقيع على استقلال الجزائر.
وأشار في السياق، إلى الوجه الانتقامي البغيض لمنظمة الجيش السري التي لم تتوان في الانتقام من المنادين باستقلال الجزائر في تلك الفترة، حيث لم يسلم من تقتيلها الهمجي حتى معمّروها الذين تمسكوا بمطلب التحرر والاستقلال، إلى جانب حملة الاعتقالات الواسعة التي باشرتها عناصر البوليس الفرنسي ضد الجزائريين والفرنسيين الذين تعاطفوا مع القضية الوطنية، والتي أسفرت عن الزج بالكثير منهم في السجون والمعتقلات دون محاكمة.
ومن جهته، أكد عضو مكتب قسمة المجاهدين ببئر مراد رايس، المجاهد وابن الشهيد الهاشمي محمد أمقران، (ترعرع بالقصبة بالعاصمة والتحق بالمجاهدين في سن 18 سنة بالولاية الثالثة التاريخية) -منطقة القبائل- وحوّل إلى تلمسان بالغرب الجزائري، أن قيادة الثورة كانت تدرك آنذاك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها في سبيل مواصلة الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي إلى غاية تحقيق النصر والاستقلال، منذ اندلاع الثورة في الفاتح نوفمبر 1954 والمحطات التاريخية المتعاقبة بعد ذلك، موضحا أن التمسّك بالعمل الثوري المسلّح لم يثن قيادة جبهة وجيش التحرير الوطني عن لعب ورقة الدبلوماسية السياسية كأحد السبل النضالية من أجل تحصيل الاستقلال، وهو ما تم تجسيده ميدانيا عبر اتفاقيات ايفيان بمختلف محطاتها "مولان لوغران ولوسيرن" منذ جوان 1960 إلى غاية 18 مارس 1962، والتي قادها الوفد المفاوض بزعامة كريم بلقاسم، ضد الوفد الفرنسي لوي جوكس.
وأوضح المجاهد محمد أمقران، في هذا الإطار، أن هذه الاتفاقيات التاريخية كانت إحدى النتائج التي تمخّضت عن حالة القلق والشك التي كانت تميّز المشهد السياسي العام بفرنسا جراء الهزائم المتتالية التي تكبدتها ضد المعارك الضارية التي خاضتها ضد مجاهدي جيش التحرير الوطني، ما يعكس ـ حسب المتحدث ـ اضطرار الإدارة الاستعمارية إلى قبول التفاوض السياسي مع جبهة التحرير الوطني حول مصير القضية الجزائرية. وهو مالم تفوته قيادة الثورة لقناعتها بأهمية تنويع جبهات النضال وأساليبه في سبيل التحرر والانعتاق. معتبرا بأن الوفد الجزائري كان يفاوض الطرف الفرنسي انطلاقا من منطق قوة وعزيمة وإصرار كبير بحتمية التوصل إلى قرارات تصب في مسعى مختلف شرائح الشعب، بما يضمن الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية، كما فنّد مقابل ذلك كل المزاعم التي أثيرت حول الموضوع والتي أشارت إلى أن الطرف الجزائري كان تحت الضغط النفسي مخافة عدم توصله لتحقيق الأهداف المسطرة.
وقال المتحدث في هذا الشأن إن "أهم القرارات التي تعتبر مصيرية بالنسبة لاتفاقيات ايفيان تتمثل في العمل على توحيد صف الشعب الجزائري وترسيخ كلمته في التطلع للتحرير والاستقلال، إلى جانب التأكيد على حماية وصون وحدة السيادة الوطنية، ورفض التنازل عن أي شبر منها مهما كانت الظروف. خاصة فيما يتعلق بالصحراء التي أرادت الحكومة الفرنسية فصلها عن الجزائر والاحتفاظ بها إلى ما بعد الاستقلال..".
وتطرق في السياق، إلى ظروف تجنيده في صفوف الفدائيين بالقصبة بالعاصمة إبّان الثورة، أين كان يشرف على الدعم اللوجيستيكي ونقل الوثائق الرسمية والعتاد والذخيرة والسلاح، قبل انتقاله إلى الجبال رفقة المجاهدين، حيث كان جنديا مساعدا للرماة في حمل الذخيرة الحربية. معرجا على ظروف اعتقاله بتونس، من قبل السلطات الاستعمارية في إطار مهمة لجلب السلاح، حيث تم إيداعه السجن بكل من سوق أهراس وعنابة، حيث حكم عليه بالإعدام، ليفرج عنه يوم 19 مارس 1962 المصادف لذكرى وقف إطلاق النار، مذكرا بالصعوبات الكبيرة التي كانت تواجه رفاق دربه بالجبال والغابات والمراكز المتقدمة بالولاية الثالثة لاسيما النقص في السلاح والعتاد الحربي والزي العسكري، نتيجة الحصار العسكري والأمني المضروب على المنطقة من قبل الجنرال شال، وهو ما دفع قيادة الثورة بهذه المنطقة إلى فتح جبهات للإمداد والتموين بالسلاح والذخيرة عبر الحدود الشمالية والشرقية المجاورة لفك الخناق عن القرى والمداشر.
وبدوره، أوضح عضو المكتب البلدي لمنظمة أبناء الشهداء بقسمة بئر مراد رايس، الحاج مودار محمد (ابن شهيد من منطقة البابور بجيجل)، أن قرار وقف إطلاق النار 19 مارس 1962، كان نصرا كبيرا لقادة الثورة والشعب الجزائري والجزائر ككل باعتبار أن قضية الاستقلال تعني الجميع دون استثناء أو تفريق أو جهوية، وترسّخ هذا النصر أكثر يوم 05 جويلية 1962، بإعلان الاستقلال الرسمي بعد 7 سنوات ونصف من الجهاد ضد الاستعمار الفرنسي مقابل مليون ونصف مليون من الشهداء.
وأكد السيد مودار، في هذا الإطار، أن الانتصارات التي حققتها جبهة التحرير الوطني على المستويات الدبلوماسية والخارجية عبر اتفاقيات ايفيان، جاءت كثمرة التضحيات والنضالات الجبارة للشعب الجزائري في الدفاع عن أرضه وعرضه وممتلكاته ضد الاستعمار الفرنسي الأعمى، منوها بالتفاف كل الجزائريين رجالا وأطفالا ونساءً وشيوخا حول الثورة واحتضانها إلى غاية استرجاع النصر.
وانتقد المتحدث بالمناسبة الأصوات المشككة في الثورة والتي تطعن في مصداقية الرجال الذين صنعوها، داعيا إلى تدوين شهادات المجاهدين وأرشفتها وجعلها في متناول جيل اليوم للاستفادة من سيرة الأبطال وتضحياتهم ومسيرتهم العطرة في رفض ظاهرة الاستعمار والعبودية.
وأجمع هؤلاء المجاهدون على ضرورة توعية جيل اليوم وتحسيسه بأهمية حب الوطن، والدفاع عنه اقتداءً بالسيرة النضالية العطرة لقوافل الشهداء والمجاهدين الذين لم يبخلوا بشيء في سبيل الدفاع عن السيادة الوطنية واستعادة حريتهم المسلوبة من الاستعمار الفرنسي، مشددين على أهمية إدراج هذه المحطات التاريخية بشكل موسع بالمؤسسات التربوية والهيئات التعليمية، ومراكز البحث وجعلها مرجعا هاما للتشبّع بروح الوطنية وحب الوطن.
كما اغتنموا الفرصة للتذكير بضرورة الاهتمام أكثر بفئة المجاهدين والشهداء وترقية أوضاعهم الاجتماعية، عبر الافراج عن قانون المجاهد والشهيد باعتباره القانون الحامي لهذه الفئة وذوي الحقوق، داعين إلى ضرورة التفات الجهات المسؤولة إلى الأوضاع المزرية التي تعيشها بعض عائلات الشهداء والمجاهدين في ظل عدم استفادتهم من منحة المجاهد أو الشهيد، خاصة وأن هذه العائلات أنجبت رجالا ونساءً كانت بالأمس سندا قويا لثورة التحرير المجيدة، وأحد الفاعلين في افتكاك النصر والاستقلال.
وساهم هذا التاريخ بكل قوة في وضع اللبنات الأولى لوقف إطلاق النار وترسيخ قرارات اتفاقيات ايفيان، خاصة فيما تعلّق بالحفاظ على الوحدة الوطنية للشعب والدفاع عن سيادته كاملة غير منقوصة. حسبما أكده مجاهدون وأعضاء من الأسرة الثورية كانوا شهود عيان على ما وقع خلال هذا اليوم المشهود.
وأوضح بعض المجاهدين وأبناء شهداء كان لهم شرف الالتحاق بثورة الفاتح نوفمبر 1954، في لقاء جمعهم بـ"المساء" أنه لولا عيد النصر 19 مارس 1962، لما كان يوم الاستقلال الرسمي 05 جويلية باعتبار يوم وقف إطلاق النار هو ورقة الطريق التي أعادت الحرية والسيادة للجزائريين دون تمييز.
وأكد مسؤول قسمة المجاهدين ببلدية بئر مراد رايس بالجزائر العاصمة، المجاهد خالد قاسم، المدعو "كركوب" أنه يستحيل الحديث عن يوم وقف إطلاق النار وتبعاته على قيادة الثورة والشعب الجزائري بصفة عامة دون إبراز التضحيات الجسام للمجاهدين والشهداء الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل استقلال الجزائر، والتي كانت ثمرة كل جهود التضحية للتوصل إلى هذا اليوم التاريخي، دون إغفال الدور الريادي والشجاع للوفد الجزائري المفاوض الذي تمكن بحنكته وخبرته السياسية بقيادة البطل كريم بلقاسم، من إجبار فرنسا على تمكين الجزائريين من الاستقلال والتحرر.
وأوضح المجاهد قاسم، في هذا الإطار وهو ابن شهيد التحق بصفوف المجاهدين إبّان الثورة بمنطقة أوراس النمامشة بسوق أهراس الولاية التاريخية الأولى، أن هذا الوفد المفاوض استطاع إقناع حكومة ديغول، بقبول شروط قيادة جبهة وجيش التحرير الوطني لوقف القتال وعلى رأسها القبول بتنظيم استفتاء تقرير المصير والذي أعلنت نتائجه في الأخير عن تصويت 95.75 بالمائة من المعمرين الفرنسيين لصالح السيادة والاستقلال لصالح الجزائريين، فيما امتنع 500 ألف معمّر عن التصويت لذلك، وهو ما لم تهضمه فرنسا وحكومتها آنذاك ما عجّل بإعطاء الضوء الأخضر للجنرال ماسو، لاستنفار منظمة الجيش السري الفرنسي التي ارتكبت مجازر شنيعة في حق الجزائريين جراء التقتيل العشوائي.
وأضاف أن وقف إطلاق النار ورضوخ فرنسا لمطلب قيادة الثورة لتنظيم هذا الاستفتاء ونتائجه المخيّبة لآمال ديغول، وحكومته في تحقيق إقامة "جزائر فرنسية"، كان له صدى كبير على مستوى الرأي العام الوطني والدولي، لاسيما الضربة الموجعة التي تلقتها الدبلوماسية الاستعمارية التي لم تجد مناصا من الجلوس على طاولة المفاوضات والتوقيع على استقلال الجزائر.
وأشار في السياق، إلى الوجه الانتقامي البغيض لمنظمة الجيش السري التي لم تتوان في الانتقام من المنادين باستقلال الجزائر في تلك الفترة، حيث لم يسلم من تقتيلها الهمجي حتى معمّروها الذين تمسكوا بمطلب التحرر والاستقلال، إلى جانب حملة الاعتقالات الواسعة التي باشرتها عناصر البوليس الفرنسي ضد الجزائريين والفرنسيين الذين تعاطفوا مع القضية الوطنية، والتي أسفرت عن الزج بالكثير منهم في السجون والمعتقلات دون محاكمة.
ومن جهته، أكد عضو مكتب قسمة المجاهدين ببئر مراد رايس، المجاهد وابن الشهيد الهاشمي محمد أمقران، (ترعرع بالقصبة بالعاصمة والتحق بالمجاهدين في سن 18 سنة بالولاية الثالثة التاريخية) -منطقة القبائل- وحوّل إلى تلمسان بالغرب الجزائري، أن قيادة الثورة كانت تدرك آنذاك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها في سبيل مواصلة الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي إلى غاية تحقيق النصر والاستقلال، منذ اندلاع الثورة في الفاتح نوفمبر 1954 والمحطات التاريخية المتعاقبة بعد ذلك، موضحا أن التمسّك بالعمل الثوري المسلّح لم يثن قيادة جبهة وجيش التحرير الوطني عن لعب ورقة الدبلوماسية السياسية كأحد السبل النضالية من أجل تحصيل الاستقلال، وهو ما تم تجسيده ميدانيا عبر اتفاقيات ايفيان بمختلف محطاتها "مولان لوغران ولوسيرن" منذ جوان 1960 إلى غاية 18 مارس 1962، والتي قادها الوفد المفاوض بزعامة كريم بلقاسم، ضد الوفد الفرنسي لوي جوكس.
وأوضح المجاهد محمد أمقران، في هذا الإطار، أن هذه الاتفاقيات التاريخية كانت إحدى النتائج التي تمخّضت عن حالة القلق والشك التي كانت تميّز المشهد السياسي العام بفرنسا جراء الهزائم المتتالية التي تكبدتها ضد المعارك الضارية التي خاضتها ضد مجاهدي جيش التحرير الوطني، ما يعكس ـ حسب المتحدث ـ اضطرار الإدارة الاستعمارية إلى قبول التفاوض السياسي مع جبهة التحرير الوطني حول مصير القضية الجزائرية. وهو مالم تفوته قيادة الثورة لقناعتها بأهمية تنويع جبهات النضال وأساليبه في سبيل التحرر والانعتاق. معتبرا بأن الوفد الجزائري كان يفاوض الطرف الفرنسي انطلاقا من منطق قوة وعزيمة وإصرار كبير بحتمية التوصل إلى قرارات تصب في مسعى مختلف شرائح الشعب، بما يضمن الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية، كما فنّد مقابل ذلك كل المزاعم التي أثيرت حول الموضوع والتي أشارت إلى أن الطرف الجزائري كان تحت الضغط النفسي مخافة عدم توصله لتحقيق الأهداف المسطرة.
وقال المتحدث في هذا الشأن إن "أهم القرارات التي تعتبر مصيرية بالنسبة لاتفاقيات ايفيان تتمثل في العمل على توحيد صف الشعب الجزائري وترسيخ كلمته في التطلع للتحرير والاستقلال، إلى جانب التأكيد على حماية وصون وحدة السيادة الوطنية، ورفض التنازل عن أي شبر منها مهما كانت الظروف. خاصة فيما يتعلق بالصحراء التي أرادت الحكومة الفرنسية فصلها عن الجزائر والاحتفاظ بها إلى ما بعد الاستقلال..".
وتطرق في السياق، إلى ظروف تجنيده في صفوف الفدائيين بالقصبة بالعاصمة إبّان الثورة، أين كان يشرف على الدعم اللوجيستيكي ونقل الوثائق الرسمية والعتاد والذخيرة والسلاح، قبل انتقاله إلى الجبال رفقة المجاهدين، حيث كان جنديا مساعدا للرماة في حمل الذخيرة الحربية. معرجا على ظروف اعتقاله بتونس، من قبل السلطات الاستعمارية في إطار مهمة لجلب السلاح، حيث تم إيداعه السجن بكل من سوق أهراس وعنابة، حيث حكم عليه بالإعدام، ليفرج عنه يوم 19 مارس 1962 المصادف لذكرى وقف إطلاق النار، مذكرا بالصعوبات الكبيرة التي كانت تواجه رفاق دربه بالجبال والغابات والمراكز المتقدمة بالولاية الثالثة لاسيما النقص في السلاح والعتاد الحربي والزي العسكري، نتيجة الحصار العسكري والأمني المضروب على المنطقة من قبل الجنرال شال، وهو ما دفع قيادة الثورة بهذه المنطقة إلى فتح جبهات للإمداد والتموين بالسلاح والذخيرة عبر الحدود الشمالية والشرقية المجاورة لفك الخناق عن القرى والمداشر.
وبدوره، أوضح عضو المكتب البلدي لمنظمة أبناء الشهداء بقسمة بئر مراد رايس، الحاج مودار محمد (ابن شهيد من منطقة البابور بجيجل)، أن قرار وقف إطلاق النار 19 مارس 1962، كان نصرا كبيرا لقادة الثورة والشعب الجزائري والجزائر ككل باعتبار أن قضية الاستقلال تعني الجميع دون استثناء أو تفريق أو جهوية، وترسّخ هذا النصر أكثر يوم 05 جويلية 1962، بإعلان الاستقلال الرسمي بعد 7 سنوات ونصف من الجهاد ضد الاستعمار الفرنسي مقابل مليون ونصف مليون من الشهداء.
وأكد السيد مودار، في هذا الإطار، أن الانتصارات التي حققتها جبهة التحرير الوطني على المستويات الدبلوماسية والخارجية عبر اتفاقيات ايفيان، جاءت كثمرة التضحيات والنضالات الجبارة للشعب الجزائري في الدفاع عن أرضه وعرضه وممتلكاته ضد الاستعمار الفرنسي الأعمى، منوها بالتفاف كل الجزائريين رجالا وأطفالا ونساءً وشيوخا حول الثورة واحتضانها إلى غاية استرجاع النصر.
وانتقد المتحدث بالمناسبة الأصوات المشككة في الثورة والتي تطعن في مصداقية الرجال الذين صنعوها، داعيا إلى تدوين شهادات المجاهدين وأرشفتها وجعلها في متناول جيل اليوم للاستفادة من سيرة الأبطال وتضحياتهم ومسيرتهم العطرة في رفض ظاهرة الاستعمار والعبودية.
وأجمع هؤلاء المجاهدون على ضرورة توعية جيل اليوم وتحسيسه بأهمية حب الوطن، والدفاع عنه اقتداءً بالسيرة النضالية العطرة لقوافل الشهداء والمجاهدين الذين لم يبخلوا بشيء في سبيل الدفاع عن السيادة الوطنية واستعادة حريتهم المسلوبة من الاستعمار الفرنسي، مشددين على أهمية إدراج هذه المحطات التاريخية بشكل موسع بالمؤسسات التربوية والهيئات التعليمية، ومراكز البحث وجعلها مرجعا هاما للتشبّع بروح الوطنية وحب الوطن.
كما اغتنموا الفرصة للتذكير بضرورة الاهتمام أكثر بفئة المجاهدين والشهداء وترقية أوضاعهم الاجتماعية، عبر الافراج عن قانون المجاهد والشهيد باعتباره القانون الحامي لهذه الفئة وذوي الحقوق، داعين إلى ضرورة التفات الجهات المسؤولة إلى الأوضاع المزرية التي تعيشها بعض عائلات الشهداء والمجاهدين في ظل عدم استفادتهم من منحة المجاهد أو الشهيد، خاصة وأن هذه العائلات أنجبت رجالا ونساءً كانت بالأمس سندا قويا لثورة التحرير المجيدة، وأحد الفاعلين في افتكاك النصر والاستقلال.