أوباما يصر على دولة فلسطينية في حدود الرابع جوان 1967

الفلسطينيون بين التصديق والخوف من الخديعة

الفلسطينيون بين التصديق والخوف من الخديعة
  • 611
م. مرشدي م. مرشدي
تفاجأ العالم للهجة "الحادة" التي استعملها مسؤول أمريكي عندما طالب إسرائيل بوضع حد لاحتلال متواصل للأراضي الفلسطينية منذ 50 عاما من خلال تجسيد مبدأ حل الدولتين. وكانت مفاجأة الفلسطينيين أكبر عندما انتقدت الادارة الأمريكية تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو الأخيرة بخصوص دعوته قتل الفلسطينيين من سكان فلسطين التاريخية عقابا لهم على مشاركتهم القوية في الانتخابات العامة الأخيرة والتي مكنت الكتلة العربية من الحصول على 13 مقعدا وتحولت بذلك إلى ثالث قوة سياسية في الكيان المحتل.
وقال دونيس ماك دونوغ، الأمين العام للرئاسة الأمريكية "إننا سنعمل وكأن تلك التصريحات لم يتم الإدلاء بها أو أنها لا تخص التزام الوزير الأول الإسرائيلي بتحقيق السلام عبر مفاوضات مباشرة".
وجدد ماك دونوغ التأكيد على أن الإدارة الأمريكية لن تكف عن العمل لصالح حل الدولتين بقناعة حتمية لوضع حد لخمسين سنة من الاحتلال.
وجاءت هذه التصريحات في وقت حذر فيه البيت الأبيض أنه سيكون مضطرا لإعادة النظر في موقفه تجاه إسرائيل في الأمم المتحدة حيث عملت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على الوقوف إلى جانب الحيف الإسرائيلي ولم تكن تجد أي حرج في إخراج ورقة حق النقض لوقف كل تحرك يدين إسرائيل لهذا السبب أو ذاك.
وهو ما جعل الجميع يتفاجأ لتغير لهجة الرئيس الامريكي تجاه إسرائيل التي راح طيلة السنوات التي قضاها على رأس البيت الأبيض يؤكد ويعيد أن إسرائيل جزء من الأمن القومي الأمريكي.
ولكن هل يحق للفلسطينيين أن يثقوا في صدقية "التهديدات" الأمريكية تجاه إسرائيل واللهجة الحادة التي استعملتها واشنطن تجاه حليف استراتيجي؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تصريحات لإدارة بدأت تفكر في ساعة الرحيل من المكتب البيضاوي شهر نوفمبر 2016 ولم يعد يهمها إرضاء إسرائيل ومن ورائها اللوبي الصهيوني؟
والمفارقة أن الوزير الأول الإسرائيلي لم يكترث للجفاء الذي أبداه الرئيس أوباما تجاهه وراح يؤكد أنه قبل بحل الدولتين إنما وفق منطقه الذي يجعل من الدولة الفلسطينية مجرد كيان بدون روح وخاضع لإرادة حكومته دون قوة عسكرية ودون سياسة خارجية.
ويتذكر الفلسطينيون العهد الذي قطعه الرئيس أوباما قبل انتهاء عهدته الرئاسية الأولى عندما أكد أنه سيعمل على تحقيق قيام الدولة الفلسطينية قبل انتهاء عهدته ولكن فترته الرئاسية انقضت ولم يف بوعده.
واستغلت إسرائيل الفشل الأمريكي لصالحها وراحت تصر على مواصلة التحدي بسياسة استيطان مرفوضة حتى من طرف الادارة الأمريكية ولكنها بقيت في موقع المتفرج على وضع تدرك أنه لن يؤدي في النهاية إلا إلى مزيد من الاحتقان وتعميق هوة الشرخ في مفاوضات السلام التي استأثرت بالإشراف عليها.
ولذلك، فإنه من حق الفلسطينيين أن يشكوا في صدق النوايا الأمريكية ولماذا لم تكن للرئيس أوباما نفسه الجرأة لقول ما قاله أمين سره الذي عمل معه طيلة عشر سنوات حتى تحسب مثل هذه المواقف لصالحه من منطلق أنها سارت كلها في سياق المطالب التي ما انفك الفلسطينيون يصرون على تحقيقها.
كما أنها المرة الأولى التي تتهم فيها الإدارة الأمريكية رئيس حكومة إسرائيلي بالتناقض في مواقفه وأنه من حق الفلسطينيين أن تكون لهم دولتهم المستقلة ذات سيادة ويحكمون أنفسهم بأنفسهم.
وذهبت تصريحات الأمين العام للرئاسة الأمريكية إلى أبعد من ذلك عندما أكد أن "الأطفال الفلسطينيين من حقهم أن يعيشوا أحرارا فوق أرضهم تماما كما هو الأمر بالنسبة للإسرائيليين".
ومن يدري فقد يكون الأمر مجرد خدعة "دبلوماسية "بعد أن أصرت السلطة الفلسطينية على الانضمام إلى كل المعاهدات الدولية بحلول الشهر القادم وخاصة إلى محكمة الجنايات الدولية، المسعى الذي اعترض عليه البيت الأبيض بدعوى أنه يفشل مفاوضات السلام.
ثم ماذا تنفع مثل هذه التصريحات في إحقاق الحقوق الفلسطينية وكل المؤشرات تؤكد أن كفة الميزان في انتخابات العام القادم ستميل للجمهوريين وبالتالي فإن ما يقوله الديمقراطيون يبقى مجرد مادة "جوفاء" موجهة للإستهلاك الإعلامي وهو ما فهمه نتانياهو الذي بقي غير عابئ بما يقوله اأوباما وأقرب مساعديه.