ندوة "عظمة القرآن في ترتيب سوره وآياته" بدار الإمام

مشروع مؤسسة وقفية للدفاع عن القرآن الكريم

مشروع مؤسسة وقفية للدفاع عن القرآن الكريم�
  • 717
مريم. ن � مريم. ن

نظّم المركز الثقافي الإسلامي أمس، بدار الإمام بالمحمدية، بالتنسيق مع معهد القراءات ندوة علمية بعنوان "عظمة القرآن الكريم في ترتيب سوره وآياته" تناولت بالأساس معجزة حفظ القرآن وتيسيره للناس قراءة وكتابة من خلال الجمع والترتيب الذي يبقى من تدبير الخالق في المقام الأوّل.

افتتح اللقاء بتلاوة مباركة للشيخ محمد جرموني، من معهد القراءات مع حضور جمع كثيف من إطارات وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، والمشايخ والعلماء من أنحاء مختلفة من الوطن، بعدها ألقى الدكتور عمر بافولولو، مدير المركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة، والمكلّف بتنظيم الملتقيات كلمته الترحيبية التي ورد فيها أنّ القرآن يبقى أعلى أنواع البيان فلا يسأل بعده عن كمال الحكمة ووسع الرحمة ليضيف "إنّه كتاب تكفّل الله عز وجلّ بحفظه وتيسيره للناس، وهو سار وباق في الصدور والسطور إلى أن تقوم الساعة".

وعبّر المتحدّث عن فخره بهذا اللقاء الذي يتدارس مسألة عظمة القرآن وإعجازه في ترتيب سوره بمنطقة عانت الكثير وهي المحمدية، التي كانت أكثر مكان تعرّض لحملات التبشير والتنصير على يد الكاردينال لافيجري، لكن القرآن كان المانع مما جعل لاكوست، بعدها بعشرات السنين يعترف بمرارة "إنّ القرآن أقوى من فرنسا فماذا أفعل؟".

تميّز اللقاء الذي أشرف على فعالياته الدكتور محمد عيسى، وزير الشؤون الدينية والأوقاف، بالحوار الراقي والهادئ والعلمي بعيدا عن أية حزازات أو أحكام مسبقة، علما أن السيد نور الدين بوكروح، اعتذر عن الحضور "لأسباب قاهرة" وقد أشار بعض الحضور من المختصين إلى أنّ فكرة إعادة ترتيب سور المصحف الشريف سبق إليها المستشرقون من أمثال جاك بيرك وماسي وغيرهما.

من جهته، أكّد السيد الوزير، أنّ هذه الندوة جد عادية من تنظيم المركز الثقافي الإسلامي، لكنّها اتّخذت منحى آخر لذلك تمت برمجتها بدار الإمام خاصة وأنّها تزامنت والسجال العلمي القوي الذي مسّ جانبا منها السيد بوكروح، والمتعلّق أساسا بالنظر للقرآن حسب أسباب نزوله وما تبع ذلك من سجال إعلامي، كما أكّد السيد الوزير، أنّ الندوة ستمكّن الطلبة والأئمة من النقاش العلمي الرفيع الخاص بالبحث في إعجاز القرآن الكريم.

قرأ الوزير قوله تعالى "ألر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير"، ليؤكّد أنّ الله هو من تكفّل بالعناية بالكتاب وحفظه "إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه"، وكان يأمر الرسول بعدم العجلة في قراءته عندما كان يريد محاكاة جبريل.

الندوة جاءت أيضا ـ حسب المتدخّلين ـ لتعميق النظر في جانب الإعجاز بفضاء مختلف في النقاش أي تجاوز الإعجاز القرآني البياني والعلمي إلى مناقشة الإعجاز من حيث الترتيب في آياته وصوره.

للإشارة، فإنّ آخر سجال خاص بهذا الموضوع حدث بمصر منذ سنتين، وقد أثاره إطار بوزارة العدل المصرية وتكفّل حينها الأزهر الشريف بالرد والإجابة.

بالنسبة لفكرة أسباب نزول القرآن فالمتكفّل بها يكون علم آخر هو علم التفسير (لغوي وفقهي وموضوعي)، أي النظر في أسباب التفسير لا الترتيب، فجبريل أمر النبي الكريم بوضع الآيات في موضع موحد ولذلك يبقى الترتيب سرا إلهيا، وبالمناسبة، دعا السيد الوزير الأسرة العالمة المختصة في الإعجاز إلى الانتظام في مؤسّسة ذات طابع ديني قرآني تكون وقفية برعاية وزارة الشؤون الدينية، للدفاع عن القرآن وبث مفهومه العميق. 

على هامش الندوة، أشار الوزير إلى أنّ المؤسسة تنصب تحت قانون الأوقاف وقانون الجمعيات لسنة 2012، وهي ذات أهداف علمية ودينية تهتم بمجال الإعجاز القرآني، وكذا جمع البحوث والدراسات وتنظيم الدورات والقوافل العلمية وتؤطرها نخبة من الباحثين والخبراء.

بعيدا عن موضوع الندوة سألت "المساء" السيد الوزير، عن البرنامج الذي ستساهم به وزارته في تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية فردّ قائلا "مشاركتنا انطلقت في اليوم الموالي للافتتاح أي في 17 أفريل الجاري، من خلال الملتقى الدولي "فكر ابن باديس" استخدمت فيه المحاضرات الرقمية وستليه مواعيد أخرى منها "الإسلام والسياسة" الشهر الداخل، وسيتم التعاون مع مخبر علمي جامعي لتنظيم "الخطاب الديني الإعلامي" و"الإسلام خادم الإنسانية"، هذا الأخير الذي سيكون في مصاف الملتقيات الإسلامية، و"الحواضر العلمية منها الرستمية" وسيستقبل تاريخ وتراث العديد من الحواضر منها بجاية وجيجل وغيرها، إضافة للقوافل العلمية وطبع الكتب خاصة المخطوطات والكتب التي نفذت منها "تفسير كعباش الإباضي"، و"تفسير تواتي بن تواتي المالكي".

استعرض الوزير على هامش اللقاء جملة من المواضيع منها المتعلقة بموسم الحج لسنة 2015، حيث أعلن أنه سينصب مديرا عاما جديدا للحج، وتحدّث عن تكلفة هذه الشعيرة التي ستحدّد أثناء المجلس الوزاري المشترك برئاسة رئيس الحكومة في جوان، وتمّ العمل على تخفيض تكلفة الإيجار بتغطية 60 مليار سنتيم مما سيخفف التكلفة الإجمالية، كما تحدث عن مفتي الجمهورية، الذي سيتقرّر في نفس الاجتماع بعدما استكمل تأسيسه القانوني وكذا التأسيس القانوني للمجلس العلمي الوطني.

وكشف الوزير، أنّه بالتعاون مع الهلال الأحمر برئاسة السيدة بن حبيلس، ينظّم اجتماع تنسيقي ودراسي بدار الإمام في 4 ماي القادم، بدار الإمام قصد التكفّل بالمحرومين من المأوى بالاعتماد على البطاقية الوطنية للمحتاجين (رسمية) بالتعاون مع مصالح الضرائب وهيئة الزكاة والبلديات ولجان الأحياء وأئمة المساجد.

مواضيع أخرى أثارها المتحدّث منها تأسيس مجمع الفتوى والتعاون مع سلطة الضبط للتدخل لدى وسائل الإعلام في حالات التجاوز، وكذا مبادرة إحياء تراث الإمام البخاري، كمرجع لأهل السنّة بالجزائر والمغرب العربي، والذي هو جزء من الهوية الدينية تعمل الدولة على تعزيزه لتحصين الأمة من الانحراف والانزلاقات نحو المجهول، تماما كما كان الشأن مع أسلافنا الذين ثمّنوه.