غياب التنسيق ونقص الإمكانيات يقفان في وجهه

التوجيه المدرسي والمهني بحاجة إلى إعادة ترتيب

التوجيه المدرسي والمهني بحاجة إلى إعادة ترتيب �
  • 1618
حنان.س/ ت: مصطفى.ع� حنان.س/ ت: مصطفى.ع

سلطت الأبواب المفتوحة حول التوجيه المدرسي الضوء أكثر على مهام مستشار التوجيه المدرسي والمهني، التي تتلخص أساسا في مرافقة التلميذ خلال مشواره الدراسي، بحيث يكون سندا له في اختياراته الدراسية، إضافة إلى إشرافه على بعض الحالات الاستثنائية لتلاميذ مرضى أو بحاجة إلى دعم متخصص، إلا أن الواقع يشير إلى قلة عدد مستشاري التوجيه بمعدل مستشار واحد لأكثر من 1000 تلميذ، مما يطرح تساؤلات حول مقدرة المستشار في أداء مهامه من جهة، وهل يحظى كافة التلاميذ بهذه المرافقة الضرورية لمستقبلهم من جهة أخرى؟.

كشفت مستشارة التوجيه المدرسي والمهني أم الخير رابحي عن أن من مهام التوجيه المدرسي مساعدة ومرافقة التلميذ خلال مشواره الدراسي، إضافة إلى الاهتمام بحالات خاصة، مثل التلاميذ المصابين بأمراض مزمنة كالسكري أو تلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة أو حتى الأطفال الذين هم بحاجة إلى دعم نفسي لأسباب مختلفة، منها مثلا المشاكل الأسرية، ناهيك عن تقديم المساندة النفسية للتلاميذ قبل امتحانات الشهادات للأطوار التعليمية الثلاث. إلا أن المستشارة تحدثت عن الكثير من الصعوبات التي يواجهها مستشار التوجيه المدرسي، وعلى رأسها ذكرت أمر عدم الأخذ برأي المستشار، مما يطرح التساؤل حول الجدوى من التوجيه المدرسي. «إذا كان المستشار يبذل قصارى جهده بهدف إيجاد قاعة لاستقبال التلاميذ، أو أن يخصص وقته من أجل مرافقة حالة تلميذ مريض أو يعاني من اضطرابات معينة، ثم يقدم هذا المستشار ملاحظاته ليصطدم في الأخير بأن مجلس الأقسام لم يأخذ ملاحظاته بعين الاعتبار، فما الداعي إذن لعملنا وللمجهود المبذول؟»، تتساءل المتحدثة، لتجيب بقولها بأن السبب يكمن أساسا في غياب التنسيق بين الطاقم المدرسي.

وتذكر أم الخير كيف أنها تابعت حالة تلميذة مصابة بالسكري من النوع الأول وبسبب مرضها دخلت في غيبوبة في أحد أيام الأسبوع الدراسي، ورغم التقرير الذي حضرته المستشارة لمراعاة حالة التلميذة الصحية، إلا أنه لم يؤخذ في الحسبان من طرف مجلس القسم أثناء تقييمها. ولما عارضت نتيجة مجلس القسم، قال لي بعض الأساتذة؛ «المرض على الجميع وليس على التلميذة فقط»! 

وتقول المستشارة حبيبة بهات بأن عدم الأخذ بتقارير التوجيه المدرسي لا يقتصر على الطاقم المدرسي وإنما يتعداه إلى الآباء، وتذكر حالة طفل في الـ8 سنوات مصاب بالتوحد ولما أعلمت والدته بالأمر صرخت في وجهها ورفضت تقييم المستشارة، مباشرة قامت الوالدة بتحويل ابنها إلى مدرسة أخرى! لتضيف المستشارة أنه لا بد من توعية المجتمع بمهام مستشار التوجيه ودوره الذي يرتكز على مساعدة التلميذ في جميع الأطوار التعليمية من خلال مرافقته طيلة مساره الدراسي، مع الأخذ بعين الاعتبار استعداداته وقدراته وميولاته وطموحاته المستقبلية.

وبحكم تكوين مستشار التوجيه في علم النفس وعلوم التربية، فإنه يتكفل بتقديم المساعدة النفسية وإجراء المقابلات بالخصوص مع تلاميذ أقسام الامتحانات، حيث يعمل على التخفيف من حدة ضغط الامتحانات بواسطة تقديم استراتيجيات التغلب على التوتر والطرق الصحيحة للمراجعة المنتظمة واستذكار الدروس، لكن تصطدم هذه المهمة بصعوبات أخرى تواجه مستشار التوجيه المدرسي في أداء مهامه على أكمل وجه، حيث يضطر في كثير من الأحيان إلى البحث عن قاعة شاغرة من أجل حصة مساندة ودعم تحضيرا لاجتياز الامتحانات، خاصة بالنسبة للأقسام النهائية، حيث تقول أم الخير رابحي بأنه وفي غياب التنسيق، تضطر للإشراف على حصة التوجيه والدعم في المخابر، «وهذا الأمر يقلقني في أداء عملي، فما بالك بالنسبة لتلميذ البكالوريا أو شهادة التعليم المتوسط، والعدد الكبير للتلاميذ الذين يتكفل بهم المستشار الواحد، إضافة إلى اتساع القطاع الجغرافي المُسند له وكثرة التنقلات من مؤسسة إلى أخرى وعلى حسابه الخاص، مع العلم أنه يغطي أكثر من 3 مؤسسات أحيانا، ويضاف إلى ذلك نقص التجهيزات ووسائل العمل، مما ينعكس على الأداء المهني للمستشار من جهة، ويؤدي إلى حرمان عدد كبير من التلاميذ من خدمات التوجيه المدرسي والمهني.

جدير بالإشارة إلى أن الأبواب المفتوحة حول التوجيه والإرشاد المدرسي نظمت بين 14 و18 أفريل الجاري بالعاصمة، تحت شعار «توجيه متمعن = حياة مهنية ناجحة». وقد شاركت فيها المديريات المركزية لوزارة التربية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التكوين والتعليم المهنيين ومختلف الهيئات الأمنية.