روح حميد رماس تخيّم على اختتام المسرح المحترف

«طرشاقة» أحسن عرض متكامل

«طرشاقة»  أحسن عرض متكامل
  • 1928

ظفرت مسرحية «طرشاقة» للمخرج أحمد رزاق بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني الحادي عشر للمسرح المحترف، وهي الجائزة التي نالها المسرح الوطني الجزائري «محي الدين بشطارزي» -منتج العمل- لأوّل مرة منذ تأسيس هذه التظاهرة في 2006.

اختارت لجنة تحكيم الدورة الـ11 للمسرح المحترف، التي ترأسها المسرحي المخضرم إدريس شقروني، منح لقب أحسن عرض متكامل للمسرح الوطني الجزائري «محي الدين بشطارزي» عن مسرحية «طرشاقة»، فيما أتى التتويج بجائزة أحسن أداء رجالي رئيسي، مناصفة بين كلّ من محمد إسلام عباس عن دور «ياغو» في مسرحية «عطيل» لجمعية النوارس لمدينة البليدة، ومصطفى ميراتية عن دوره في عرض «الغلطة» لمسرح وهران الجهوي. 

ونالت «ياسمين فرياك» جائزة أحسن أداء نسائي رئيسي عن دورها «إلكترا» في التراجيديا الإغريقية «إلكترا» 

لمسرح أم البواقي الجهوي، فيما مُنحت جائزة أحسن إبداع موسيقي لمحمد زامي عن عمله في مسرحية «الغلطة» لمسرح وهران الجهوي. 

وعادت جائزة أحسن سينوغرافيا لشوقي خواثرة عن عرض «القرّاب والصالحين» لمسرح العلمة الجهوي، بينما كسب محمد بن ديدة جائزة أحسن نص عن عرض «موسوساراما» لمسرح سعيدة الجهوي، الذي  افتكّ أيضا جائزة أحسن إخراج التي عادت لشوقي بوزيد، ومُنحت جائزة لجنة التحكيم لعرض «الإسكافية» لمسرح 

سكيكدة الجهوي.  محمد يحياوي: طبعة الجمهور بامتياز

من جانبه، أشاد محمد يحياوي محافظ المهرجان بالجمهور الرائع الذي تابع حيثيات التظاهرة، وقال إنّ هذه الدورة هي طبعة الجمهور بامتياز، دون أن يغفل دور وسائل الإعلام التي رافقت مختلف فعاليات المحفل من عروض وندوات وتكريمات، كما عرفت الدورة ميلاد فضاء «موعد مع المسرح» وتوقيع اتفاقيات مع بلدية الجزائر الوسطى والجامعة.

وأكّد يحياوي أنّ دورة 2016 كانت فرصة للتنافس والإبداع بين مختلف المسارح الجهوية والجمعيات الحرّة على أسس التنافس الفني والفكر الحرّ.

رماس.. الغائب الحاضر 

كُرّم الفنان الراحل حميد رماس، الذي وافته المنية قبل أيام، بحضور عائلته التي أبرز أفرادها خصال المرحوم، حيث قال نجله «أنا خسرت أباً والمسرح خسر ابنا».

وأثناء تسليم محمد يحياوي للشهادة ودرع التكريم لعائلة الفقيد، وقف جميع الحاضرين الذين غصّت بهم قاعة «مصطفى كاتب» بالمسرح الوطني محي الدين بشطارزي، مصفّقين وشكّلوا مشهدا مهيبا ترق له القلوب وتدمع له الأعين، خاصة وأنّ الأمر يتعلّق برجل فنان في حياته وفي فنه.

وأعلن يحياوي مدير المسرح الوطني الجزائري «محي الدين بشطارزي» عن إنتاج العرض الذي كان يعتزم رماس تجسيده، ووعد المحافظ باستكمال مشروع الراحل قريبا وبالطاقم نفسه الذي جرى اختياره من قبل الفقيد.

لجنة التحكيم توصي..

من جهتها، حيّت لجنة التحكيم كلّ الفنانات والفنانين وكل المشاركات والمشاركين من المسارح الجهوية والجمعيات والتعاونيات، لما لمسوه من جهد واجتهاد ومحاولات ومبادرات، كما أشادت بالمستوى العام للمهرجان في هذه الدورة، مستوى العروض وخاصة الأداء والتمثيل، وشدّدت على المشاركة النوعية لجيل واعد من الشباب المحب للركح والعاشق للجمال.

وعمل أعضاء اللجنة بناء على النظام الداخلي للمهرجان، بصفة فردية ومن خلال الاجتماعات الدورية، بغية الوصول إلى تقييم موضوعي مؤسّس على المعاينة الدقيقة لكلّ العروض المبرمجة في هذه الدورة انطلاقا من العلامات البصرية والعلامات السمعية، ومن خلال رصد ردود أفعال الجمهور خلال العرض.

وأوصت لجنة التحكيم في تقريرها الذي قرأه رئيسها إدريس شقروني، بعد أن تابعت بعناية كبيرة كلّ العروض المسرحية المندرجة ضمن  المهرجان الوطني للمسرح المحترف في دورته الحادية عشر، بأن يتّخذ المنتجون كلّ التدابير من أجل الاختيار الأجود والأفضل للعروض مع مراعاة الجوانب الجمالية باعتبار المنتج هو المسؤول الأول عن العرض.

ولاحظت اللجنة تقصيرا كبيرا في كل ما يتعلق بمطويات العروض من ناحية الشكل واللون وإغفال كثير من المعلومات الضرورية مثل مصدر النص الأصلي، وقائمة الممثلين، وغيرها، مع أنّ هذه المطوية هي الصورة الأولى التي يأخذها المتلقي عن العرض وهي وثيقة أساسية تأرشف العمل المسرحي وتروّج له.

كما أوصت اللجنة بإجراء تصفيات في الدورات القادمة تمسّ كلّ الراغبين في المشاركة في المهرجان الوطني للمسرح المحترف (العروض العشر الأعلى جودة على المستوى الوطني مثلا) لترقية مستوى هذا الأخير والارتقاء به إلى مستوى تطلعات الجمهور.

وتابعت اللجنة باهتمام كبير الندوات الفكرية المرافقة للمهرجان، والمواضيع التي تم اقتراحها وما دار حولها من نقاش مهم ومفيد، وثمنت اللجنة انفتاح المهرجان على الجامعة من خلال نقل ندوة علمية إلى رحابها وتوقيع اتفاقية، وهو أمل قديم طالما رافع عنه الراحل مصطفى كاتب، ونراه اليوم يتحقّق تدريجيا.

 ❊منصة التتويج 

❊الجائزة الكبرى (أحسن عرض متكامل): 

طرشاقة للمسرح الوطني الجزائري»محي الدين بشطارزي»، إخراج أحمد رزاق. 

❊جائزة لجنة التحكيم: 

مسرحية «الإسكافية»للمخرج عيسى جقاطي، من مسرح سكيكدة الجهوي

❊جائزة أحسن نص مسرحي:

 محمد بن ديدة من المسرح الجهوي «صراط بومدين» لسعيدة

❊جائزة أحسن إخراج:

 شوقي بوزيد من المسرح الجهوي «صراط بومدين» لسعيدة

❊أحسن أداء رجالي رئيسي: 

 مناصفة بين محمد إسلام عباس من جمعية «النوارس» (البليدة)، عن دوره في مسرحية «عطيل» ومصطفى ميراتية من المسرح الجهوي «عبد القادر علولة» لوهران، عن دوره في مسرحية «الغلطة».

❊أحسن أداء نسائي رئيسي: 

مناصفة بين ياسمين فرياك من المسرح الجهوي لأم البواقي عن دورها في مسرحية «ألكترا» وفريال شرفي من المسرح الجهوي «عز الدين مجوبي» لعنابة، عن دورها في مسرحية «لويزة».

❊أحسن سينوغرافيا:

الجائزة من نصيب شوقي خواثرة من المسرح الجهوي للعلمة، عن سينوغرافيا عرض «القراب والصالحين».

❊جائزة أحسن إبداع موسيقي: 

محمد زامي من المسرح الجهوي «عبد القادر علولة لوهران، عن موسيقى عرض «الغلطة».

الدورة الـ11 لمهرجان المسرح المحترف  ...هل تسبّب التقشف  في الفشل أم الإبداع؟

تقاطعت الأفكار والرؤى بخصوص الدورة الـ11 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف، أكثر المهرجانات حبا وتعلّقا من قبل الجمهور وممتهني هذا الفن، بالنسبة لموضوع التقشّف الذي لم يمر مرور الكرام على الثقافة وخصوصا الفن الرابع، إذ جرت أطوار هذه الدورة من 23 نوفمبر إلى 2 ديسمبر 2016 في ظروف مالية حسّاسة.

كاد المهرجان أن يلغى أو يتأجل إلى السنة المقبلة، والسبب أنّ الميزانية المرصودة له لا تتجاوز 500 مليون سنتيم، والمتعارف عليه أنّ إقامة مهرجان يتطلب على الأقل 3.5 مليار سنتيم حسب ما يتداول بين المختصين، والأمر لا يتعلق بالمهرجان فقط بل انعكس أيضا على المسارح الجهوية المشاركة، فبعض الأعمال ومثال ذلك مسرح «عبد المالك بوقرموح» الجهوي ببجاية الذي شارك بمسرحية «جلول الفهايمي» وهي عمل مستفز يستدعي طرح أسئلة كثيرة، فهل حقا هذا العمل في مستوى المشارك في مهرجان محترف، لإنّ مستواه أقل من مستوى المسرح المدرسي، وهل لا يملك المسرح الجهوي لبجاية ميزانية لنسج سينوغرافيا تليق به، بدلا من الفقر الذي ظهروا به من المشاهد البصرية أو السمعية.

لكن في المقابل، أبدعت الجمعية الثقافية «النوارس» من البليدة بمسرحية «عطيل» وقدّمت عملا مقبولا إلى حد ما، ولكن لا يمكن مقارنة ميزانية جمعية بميزانية مسرح جهوي.

وبرزت أعمال مسرحية مهمة كانت منافسة للعمل المتوّج «طرشاقة» وأولها مسرحية «الإسكافية» لمسرح سكيكدة الجهوي التي اكتفت بجائزة لجنة التحكيم، كما كسبت مسرحية «الغلطة» احتراما من لدن الجمهور، فضلا عن مسرحية «القراب والصالحين» لمسرح العلمة الجهوي الذي أبان عن مهنية واحترافية منقطعة النظير، لاسيما وأنها اختارت نصا جزائريا للكاتب المسرحي الكبير ولد عبد الرحمان كاكي.

هذا التفاوت الصارخ في المستويات، جعل لجنة تحكيم هذه الدورة توصي بتنظيم تصفيات أولية تنتقل فيها الأعمال العشرة الجيدة على سبيل المثال، وذلك بهدف رفع المستوى وخلق جوّ منافسة حقيقي، وليس أن تشارك من أجل إثبات الحضور وفقط، دون تقديم إضافة للحركة المسرحية، غير أنّ هذا الأمر يحتاج إلى قرار قوي تتحمّله الوصاية لتجنّب «نرجسية الجهوية» الذي يصيب البعض.

لذلك، فإنّ سياسة ترشيد المال والتقشّف التي تبنّتها الدولة ستعود بالخير على أداء فن الرابع في الجزائر، وسيدفع بالفنانين لتقديم الأحسن، في حالة فرض التصفيات، والأكثر من ذلك تقليص أيام المهرجان وتقديم نشرية يومية جيدة، إذ تخلفت هذه السنة عن الظهور وستعوض بكتاب شامل سيصدر لاحقا، بالإضافة إلى استضافة المشاركين طيلة مدة المهرجان دون قلق.