عبد الرحمن بختي يعرض لوحاته بمؤسسة عسلة ويؤكّد:

أتقاسم روحانياتي وذكرياتي وحنيني مع الآخر

أتقاسم روحانياتي وذكرياتي وحنيني مع الآخر
  • القراءات: 287 مرات
  لطيفة داريب لطيفة داريب

يحبّ الفنان التشكيلي عبد الرحمن بختي رسم الأوجه؛ لأنه يرى الوجه مرآةً للكشف عن روح الإنسان، ومفتاحا لمحاولة التعرف على أسراره؛ لهذا جاءت أغلب لوحاته المعروضة حاليا بمؤسسة "أحمد ورابح عسلة"، مليئة بأوجه جميلة، ومعبّرة فعلا.
يعرض الفنان التشكيلي عبد الرحمن بختي 34 لوحة بمؤسسة عسلة، إلى غاية 17 أوت المقبل، رسم معظمها بالأسلوب السريالي المعروف به. وبعضها أنجزها بالأسلوب الانطباعي.
وقال الفنان لـ«المساء" إنه يبتغي رسم الأوجه؛ لأنها تعبّر، فعلا، عن مكنونات الإنسان، مضيفا أن المرأة حاضرة بقوّة في أعماله؛ لأنها الوحيدة القادرة على تغيير المجتمع، والقادرة على هدمه أيضا، ليدعو المرأة الجزائرية إلى حمل المشعل، ورفع الظلامية عن بلدنا.
وجال الفنان رفقة "المساء" في أرجاء المعرض. وقدّم توضيحات عن أعماله؛ مثل اللوحة التي قسّمها إلى ثلاثة، رسم في القسمين الأيمن والأيسر وجهي امرأتين ببشرة سوداء. أما في الوسط فرسم بنايات شاهقة. وفي قلبها رسم طفلا في بطن أمه. وفي هذا قال: "أمّنا الجزائر. وأمّنا الكبرى هي إفريقيا. لقد رسمت القسم الخاص بهذه القارة بالألوان الساخنة، عكس الجزء الخاص بالبنايات الذي يرمز إلى الحضارة الغربية، التي مهما علت فإنّ مهد الإنسانية يبقى إفريقيا، التي ضحّت بالكثير خاصة حينما اقتيد أولادها إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليخدموها كعبيد".
لوحة أخرى رسم فيها وجه امرأة مطبوع في جبهتها فراشة. وبالقرب منها فراشات تطير في عزّ الشتاء. وفي هذا قال إنّه يعشق رسم الأوجه؛ لما له من تعابير، تمكّننا من معرفة دواخل الإنسان.
أما عن رسمه للشجرة فهو دليل على الثبات والصمود، في حين أكد أن رسمه الفراشة في عزّ فصل الشتاء، دليل على أنّ هناك أمورا سريعة الزوال، لكنها في الأصل دائمة؛ مثل قدرة قلبنا على التمسك بحب شخص لم نلتق به إلاّ بضع ثوان.
لوحة ثالثة ضمّت العديد من المواضيع؛ مثل تعلّق الفنان بالبحر، خاصة أنه ينحدر من مدينة شرشال، وكذا انبهاره بالقارة الإفريقية في رسمه لامرأة إفريقية، ليؤكد لـ«المساء" تعلّقه بكل ذكريات الطفولة، خاصة حينما كان يعود والده الصياد محمّلا بسمك مايزال يتشبث بالحياة، ليقوم في كبره برسم كل هذا الحنين، بأسلوب سريالي محض.
كما يحبّ الفنان ورق أشجار الدلب (البلاتان)، ويحتفظ بها، ويرسمها طبعا؛ مثل اللوحة التي رسمها بالأسلوب الانطباعي. ورسمه لهذه الأوراق متعلّق، أيضا، بالزمن الذي يفكر فيه كثيرا؛ فحينما نجد الورقة مصفرة نعلم أننا في فصل الخريف، يضيف الفنان، الذي كشف بالمناسبة، عن ميله إلى هذا الفصل الذي تهدأ فيه الأمور بعد ضجة الصيف، خاصة أنه كما ذكّرنا، ينحدر من مدينة ساحلية، تعجّ بالمصطافين في فصل الصيف، في حين رسم في لوحة تمثال أبولو إله الحب والجمال عند الإغريق. وفي هذا قال: "أعيش في مدينة تضمّ متحفا دوليا عن الحضارة الرومانية المستلهمة من الحضارة اليونانية؛ لهذا فمن البديهي أن أتأثّر بهذا التراث. كما أردت من خلال هذه اللوحة، أن أرسم داخل تمثال أبولو المشكّل من الحجارة، حياة مليئة بالألوان في شكل وجه امرأة ونباتات؛ حقاً أحبّ السفر كثيرا عبر الزمن والمكان، وأغلب سفرياتي حدثت فعلا، لكن في مخيّلتي".
ولوحة أخرى ترجم فيها بختي شعر بودلار "مدينة الحب"، وهنا توقف الفنان ليؤكد لـ«المساء" عدم اهتمامه برسم مواضيع تخصّ الهوية، وأن هذا خياره الفني؛ فهو يرسم الإنسانية.
عودة إلى طفولة الفنان من خلال لوحة رسم في جزء منها طفلا نائما. كما رسم مركبا شراعيا، والفنانَ شارلي شابلن. ويرمز هذا العمل إلى ذكريات الطفولة؛ فمباشرة بعد استقلال الجزائر كانت والدته تأخذه إلى الساحة العمومية لشرشال لمشاهدة فيلم عن "شارلو" ؛ لهذا يرغب في تقاسم الذكريات والجمال مع الآخرين، وبالتالي مشاركة أحاسيس داخلية مع الخارج.
ويعرض الفنان لوحة وجه دامع؛ رمز مأساة الفلسطينيين. ورغم أنه رسم هذه اللوحة قبل حرب 7 أكتوبر، إلاّ أن معاناة الفلسطينيين تعود إلى زمن بعيد.
وبالمقابل، يعرض الفنان مجموعة من اللوحات الصغيرة اعتمد في رسمها على الحبر الصيني، وجاءت طبعا باللونين الأبيض والأسود، قال إنه استعمل فيها تقنية التنقيط، وأن كل نقطة ترمز إلى إيقاع من الدربوكة في أغاني الشعبي التي كان يستمع إليها حينما رسم هذه المجموعة.