الفنان محمد ربيعي لـ"المساء":

أحارب اللامركزية والذهنيات البالية

أحارب اللامركزية والذهنيات البالية
  • القراءات: 211
   لطيفة داريب لطيفة داريب

نوّه الفنان المسرحي والتلفزيوني محمد ربيعي خريج معهد فنون العرض والسمعي البصري تخصّص تمثيل وإدارة الممثل، ورئيس مصلحة تنمية وتطوير النشاطات الثقافية بمؤسسة ترقية الفنون والنشاطات الثقافية والرياضية لبلدية البليدة، بمشروع بناء مسرح جهوي ببوينان. وفي هذا قال لـ«المساء" إنه حينما زار المدينة الجديدة بوينان، صُدم بغياب تام للمرافق الثقافية والرياضية.
أضاف محدّث "المساء" أنّ من الضروري جدا عدم حصر المنشآت الثقافية في مدينة البليدة، ونقلها إلى مدن أخرى تابعة للولاية، خاصة بوينان، التي تقع في مركز الولاية، حتى في حال توفّر مدينة الورود على فضاءات لبناء هذه المرافق، وهو الأمر الذي نفاه العديد من المسؤولين عن الولاية في السابق، ليفنّد الوالي الحالي هذه المعلومة، ويؤكد خلال لقاء جمعه مباشرة بالمثقفين، وجود أراضيَ صالحة لبناء منشآت ثقافية بعاصمة ولاية البليدة.
وتابع ربيعي أنّه أراد أن تكون بوينان قِبلة لسكان ولاية البليدة؛ لموقعها الجغرافي، ولأنها تضم، أيضا، سكانا من الجزائر العاصمة، الذين يحملون ذهنية تختلف عن ذهنية البليديين، وهكذا سيحدث التفاعل بين الجميع، خاصة في حال تشييد مسرح جهوي هناك، وبالتالي تنظيم تظاهرات ثقافية بعين المكان، وقدوم مسرحيين من مختلف الولايات، وهكذا سيكون الاحتكاك بين الجميع أكبر وأعمق. وقد يؤثر حتى على أطفال وشباب البليدة، ولِم لا ينمّي ميولهم الفني والثقافي.
وطالب بتكرار تجربة ولاية تيبازة بالبليدة؛ من خلال جمع مؤسساتها في مكان واحد بعيدا عن المدينة، وبدراسة ديناميكية لمجتمعاتنا المحلية، وخلق الجديد منها.
وأكد ابن مدينة الأربعاء، أن البليدة لا تعني، مثلما يعتقد البعض، مدينة البليدة، وبني مراد، وأولاد يعيش، ومرامان، وبوعرفة وحسب، بل هي كل المدن التي تشكل هذه الولاية؛ أي من واد جر إلى مفتاح، وبالتالي أعاب الفكر السائد في البليدة حول مركزية النشاط بالمدينة فقط، ورفض الكثير من سكانها ممارسة أطفالهم الفن والثقافة؛ لأنهما آخر اهتمامهم؛ لهذا ليس من الغريب أن لا يجد ابن الأربعاء أو ابن مفتاح راحته في مدينة البليدة.
ودعا الفنان مجدّدا إلى محاربة هذه المركزية، وتوفير وسائل لكي تصبح زيارة المرافق الثقافية التي ستُبنى في بوينان، ممتعة؛ مثل النقل، وتصليح الطرقات المهترئة، وتوفير الأمن، والصحة، والمرافق الفنية، والثقافية، والرياضية، مثلما هو الأمر في المدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، التي أصبحت تستقطب زوارا كثرا، مؤكدا أن المركزية عدوة تطوّر الإنسان وتنمية المجتمعات.

الولوج إلى الفن من بابه الواسع

في إطار آخر تماما، عاد الفنان إلى بداياته في عالم الإبداع، الذي كان من باب القصة التي كتبها في سن الطفولة. وبعد أن أقعده حادث مرور الفراش عامين، اكتشف الغيتار، واتّجه، مباشرة بعد شفائه، إلى جمعية "الجنادية" للموسيقى الأندلسية، ليقرّر الالتحاق بالمعهد العالي لفنون العرض والسمعي البصري بعد حصوله على شهادة البكالوريا.
وتخصَّص محمد في التمثيل وإدارة الممثل. وتتلمذ على يد العديد من الأساتذة، من بينهم الأستاذ بوكرش. ومَثّل في العديد من المسرحيات. وبعد تخرّجه مَثّل في أفلام طويلة وقصيرة ومسلسلات ومسرحيات. وأخرج العديد من الأعمال الإبداعية في عالم الفن الرابع. وعندما بلغ من العمر 23 سنة، أدرك أن عليه أن يجد عملا منتظما، وأن لا يعتمد على وسط لا يهتم بالقدرات الفنية للشباب بقدر اهتمامه بأمور أخرى، وهكذا شارك في العديد من المسابقات في الوظيف العمومي، ومن ثم تعاقد مع شركة إنتاج خاصة كممثل ومدير بلاتو فني. وشارك في مسلسل للقناة الرابعة، علاوة على تمثيله في ثلاثة أفلام من إخراج أحمد راشدي؛ مثل فيلم "كريم بلقاسم" ، وكذا تمثيله في فيلم من إخراج بشير درايس، وآخر لياسين قوسم بعنوان "رجل شرف" . كما استفاد من عدّة تكوينات في الجزائر وتونس. وآخر عمل له هو مسلسل "قصة حياة" لبشير سلامي من إنتاج التلفزيون الجزائري.
وأخرج محمد ربيعي مجموعة من المسرحيات تحت لواء جمعيته "رفا" التي لم يجدد اعتمادها، وهي مسرحية "بيت الصابون" التي عرضها بالبليدة وقليعة والجزائر الوسطى ومعهد فنون العرض، عن نص علي تامرت، الذي كتب نص المسرحية الثانية التي أخرجها المتحدث بعنوان "حضن الأفعوان"، علاوة على مسرحية "آخر البيوت" التي حاكى فيها الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للبلاد، ومسرحية "إرث بلا وريث" . كما مَثل في  مسرحية" مسرى" للمسرح الوطني الجزائري للمخرج فاضل عباس.
وتحدّث الفنان إلـى "المساء" عن عشقه للفن الرابع إلى حدّ الثمالة، وعن صعوبة القيام بالتدريبات الخاصة بالتحضير للمسرحيات بفعل غياب المرافق الثقافية الاحترافية بولاية البليدة.
الكتابة أوّل إبداعاته بالمقابل، يكتب ربيعي منذ 13 سنة، عملا روائيا من سبعة أجزاء، نسجه من روحانياته العالية. وكتب فيه عن علاقة المرأة بالرجل، وعن موقف الإنسان من أخيه الإنسان، وبالأرض. وفي هذا قال: "تنتهي هذه السلسلة بموقف إنساني غير منتظر. لم أشأ أن تكون هذه الرواية في عمل واحد، بل قمت بتجزئتها إلى سبعة أقسام لحبي للرقم سبعة، ستصدر كلها في وقت واحد حينما أنهي رقنها وتهذيبها. كتبت بالأسلوب السهل الممتنع. واستلهمت من الأسلوب القرآني؛ فكلّ جزء له علاقة بجزء آخر من روايتي؛ مثل أن العديد من السور لها علاقة بسور أخرى؛ أذكر سورة يونس بسورة طه، وكذا سورة المائدة بسورة الأنعام". وتابع مجددا أنّ الإنسان حينما يحبّ يترفع على شهواته، ويغرق في الحب الوجداني الروحي، مشيرا إلى إسقاطه جانبه الروحي في الكتابة. وبحكم أن له شهادة تقني في علم النفس الصناعي، فإنه يتحرى ردة فعل من يقرأ له.