سليم عبادو يطلق "بعيدا عن الأعين"

أيام من حياة المناضل موريس أودان

أيام من حياة المناضل موريس أودان
  • 280
مريم . ن مريم . ن

أطلق الكاتب سليم عبادو مؤخّرا رواية "بعيدا عن الأعين"، تروي حياة ومسار ونضال الراحل موريس أودان، منذ ولادته إلى غاية إخفائه القسري واغتياله من طرف مظليي الجنرال ماسو.

صدرت الرواية عن دار "سامي" للطباعة والنشر والتوزيع، وتبدأ الأحداث بتاريخ 14 فيفري سنة 1932 حين ولد موريس أودان في ثكنة للجيش الفرنسي كان يديرها والده لويس أودان بمدينة باجة التونسية، وترعرع في كنف الجيش الفرنسي، وفي مرحلته الابتدائية دخل موريس الطفل مدرسة حمام ريغة العسكرية، ثم ثانوية "أوتون" العسكرية بفرنسا إلى غاية سن الـ 17 من عمره، حيث لفظ الحياة العسكرية حينها لما رآه من قمع وتمييز عنصري مارسه الجيش الفرنسي ضدّ الجزائريين. انتقل بعدها أودان إلى الحياة المدنية، وتخصّص في علم الرياضيات، التي درسها ثم درّسها بجامعة الجزائر للعلوم، علما أنه متحصل على شهادة دكتوراه في الرياضيات بعد مناقشة أطروحته غيابيا بجامعة السربون، في 2 ديسمبر 1957، أي ستة أشهر بعد اختفائه.

انضم الراحل إلى الحزب الشيوعي الجزائري الذي تأسّس في عشرينيات القرن العشرين، وعقد مؤتمره التأسيسي في باب الواد سنة 1936، فاستقل تنظيميا عن الحزب الشيوعي الفرنسي، لكنّه بقي تابعا له في التوجّهات إلى غاية تفجير الثورة التحريرية، حيث انضم الحزب إلى الكفاح المُسلّح تحت راية جبهة التحرير الوطني صيف 1955، فمنع نشاطه من طرف السلطات الفرنسية في 13 سبتمبر 1955، واستمر أودان في نضاله من أجل استقلال الجزائر، حتى اعتقله مظليو ماسو ليلة الثلاثاء 11 جوان 1957 من منزله بـ1ماي بالعاصمة، بعدما كانت الجمعية الفرنسية قد صوّتت لصالح إحالة مسؤولية إعادة الأمن بالعاصمة لأفراد الفرقة العاشرة من المظليين، وإطلاق أيديهم على المدنيين الجزائريين العزل بلا محاسبة، عقب سلسلة العمليات التي قام بها أبطال جيش التحرير الوطني في ذلك الوقت، فاعتقل حينها أكثر من 18 ألف جزائري بنواحي العاصمة، وصنّف أكثر من 3 ألاف منهم كمفقودين إلى يومنا هذا.

فارق موريس أودان الحياة تحت التعذيب، ثم قام معذبوه بإحراق جثمانه بنيران آلة التلحيم لكي لا يتعرف عليه أحد، ودفن في مكان بقي مجهولا إلى غاية اليوم. لم يظهر موريس منذ أن اعتقلته قوات المظليين، وبقيت زوجته جوزيت مصمّمة على كشف الحقيقة كاملة عما يكون قد حصل له، ولم تترك بابا إلا طرقته من أجل الحقيقة، فقد نذرت حياتها وفاء لذكرى زوجها، وحبيبها المغدور موريس أودان.

جاء يوم الأربعاء 14 فيفري 2018، المصادف ليوم مولد موريس أودان، يقول جاك جيبيي –اسمٌ مستعار- بصوت رخو ومتردّد وهو يلتفت يمنة ويسرة "أظنّ أنني أنا هو من قام بدفن موريس، ومستعد لتقديم شهادتي"، بعد أن صمت أمثاله لعقود، تماما كما صمت حوالي مليوني شاب فرنسي أدوا الخدمة العسكرية بالجزائر وكانوا شهودا على حوادث التـعذيب حتى الموت، التي طالت الجزائريين العزل على أيادي جلادي الجيش الفرنسي، وذلك خشية انتقام الأغلبية المُتورطة والمُتواطئين معها.

ذات خميس الموافق لـ 13 سبتمبر 2018، المصادف ليوم منع "الحزب الشيوعي الجزائري" من العمل السياسي، تنقل رئيس الجمهورية الفرنسية إلى منزل "جوزيت" زوجة موريس بفرنسا، وقدم لها اعترافا رسميا بضلوع الدولة الفرنسية ومسؤوليتها في حادث إخفاء وتصفية زوجها.

للإشارة، اعتمد الكاتب في هذه الرواية على الوقائع التاريخية مع بعض من الخيال الذي عادة ما يملأ بعض الفراغات في الأرشيف أو التوثيق والشهادات، كما اعتمد أيضا على عنصر المشهد المطعم بالصور والحركة والحوار، كما أنه بمجرد صدور الرواية سارع المخرجون السينمائيون والمنتجين لتحويلها لفيلم قد يرى النور مستقبلا.