ترميم التراث المادي الثقافي بغرداية

إطلاق مشاريع دراسات لإعادة التأهيل

إطلاق مشاريع دراسات لإعادة التأهيل
غرداية
  • 756
ق. ث ق. ث

أطلقت مشاريع أربع دراسات لإعادة تأهيل وترميم معالم قديمة في غاية الأهمية التاريخية والثقافية بولاية غرداية، وتخصّ تلك الدراسات المسجلة في سنة 2010 بتكلفة مالية إجمالية تقارب 50 مليون دينار قبل تجميدها في إطار إجراءات التقشف التي أقرتها السلطات العمومية، دراسة إعادة تأهيل وترميم النظم القديمة لتقسيم المياه بالمكان المسمى "ليتيمزا" (بلدية العطف) والمسجد التاريخي "آل خفيان" (بلدية غرداية) وساقية سيدي سليمان وقصر متليلي (بلدية متليلي) بالإضافة إلى سور وبوابات قصر بلدية ضاية بن ضحوة، كما أوضح مدير الثقافة و الفنون عبد الجبار بلحسن لوأج.

يتعلّق الأمر أيضا بتشخيص الاختلالات ذات الصلة بتدهور وضعية هذه المعالم العريقة واقتراح الحلول المناسبة عبر بلورة استراتيجية تشاركية للمحافظة على هذا التراث، مثلما أضاف السيد بلحسن .ويندرج برنامج ترميم وإعادة تأهيل هذا التراث المادي في إطار جهود السلطات العمومية الهادفة إلى المحافظة على التراث التاريخي والثقافي الواحاتي المنتشر بسهل وادي ميزاب، إلى جانب الترقية السياحية للمنطقة. ويكمن الهادف النهائي في تثمين هذا التراث ووضع التدابير الضرورية للمحافظة عليه سيما ما تعلق بالتراث المائي المكيف مع احتياجات المناطق القاحلة وشبه القاحلة، حسب المدير المحلي للثقافة والفنون، ويتوخى من خلال هذه العمليات التي تقرّرت بالتعاون الوثيق مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني تثمين التراث المادي وغير المادي بمنطقة غرداية بكلّ تنوّعه وجعله أكثر جاذبية من أجل إرساء تنمية سياحية مستدامة، كما أشير إليه.

وينصبّ اهتمام ممثلي القطاع على تثمين الطراز المعماري الفريد لمنطقة ميزاب والمصنف منذ 1982 ضمن التراث العالمي من طرف المنظمة الأممية للتربية والعلوم والثقافة ( يونيسكو) وأيضا الثراء الفني والثقافي الفريد الذي تشتهر به المنطقة. ويبرز في المقام الأول من بين هذا الرصيد التراثي العريق القصور والمساجد وغيرها من المعالم الجنائزية إلى جانب المنشآت المائية القديمة المتواجدة بواحات النخيل والأودية على غرار المناقب التقليدية وآبار تجميع مياه الأمطار علاوة على أنظمة تقسيم المياه. وتظلّ القصور الخمسة لسهل وادي ميزاب (بني يزقن وبونورة والعطف ومليكة وغرداية) بما تحتويه من آثار تاريخية وفضاءات دينية وبيوت متلاصقة على الواجهة وتحصينات شاهدة على حضارة معمارية عريقة وماض تاريخي أصيل، والتي استفادت من عملية ترميم في 2015. وتطلّب هذا التراث المعماري الأصيل الذي شهد تدهورا نتيجة لـ"عامل الزمن" القيام بعمليات لإعادة التهيئة والتدعيم من أجل تعزيز المكانة السياحية والثقافية لميزاب على المستوى الدولي مع الاحترام الصارم للمحيط البيئي.

وتتشكّل منطقة ميزاب من شبكة تضم خمسة قصور (مدن محصّنة) تتميّز بمباني تقليدية تعدّ بمثابة تحف معمارية فريدة مصمّمة وشيّدت ببراعة على شكل منازل متدرجة فوق موقع صخري يمتد على طول السهل الذي يحظى بالإقبال من طرف السيّاح، ويعدّ أيضا محل اهتمام المتخصصين والباحثين والجامعيين وكذا الطلبة في الهندسة المعمارية. وخضع هذا التراث المعماري العريق لعديد الإجراءات على صعيد إعادة التأهيل والتثمين بعد تعرّضه للتدهور نتيجة لتأثيرات ذات صلة بتقلبات الطقس (ظاهرة الانجراف وقدم المباني والفيضانات ). وستتمكّن قصور ميزاب من خلال هذه العملية من استعادة رونقها الحقيقي وإشراقتها الحضارية ليكون هذا التراث الوطني (المصنف في سنة 2005 بموجب المرسوم التنفيذي رقم 5 -209 قطاعا محفوظا) وأن تكون بمثابة محرّك لترقية السياحة سيما الثقافية منها بالمنطقة. وتعلّق السلطات العمومية، كما أكّد المسؤولون المحليون، آمالا عريضة على عمليات ترميم وتجديد التراث المادي بالجهة ليساهم ذلك في بعث النشاط السياحي وتثمين الصناعة التقليدية المحلية مع التنوّع المتميّز لهذه المواقع والمعالم التاريخية وجعل من هذا المجال إحدى نقاط القوة لتطوير سياحة ثقافية جذابة ومحترمة للبيئة.