المتحف الصحراوي بورقلة
استكمال عملية جرد المحتويات والمقتنيات
- 768
استكملت عملية جرد المقتنيات الأثرية ومحتويات المتحف الصحراوي بورقلة، حيث تم تصنيفها وفق نوعها وقيمتها التراثية وأهميتها التاريخية، تحسبا لإعادة فتح هذا المرفق الثقافي في القريب، حسبما علم من مديرة المتحف.
ساهمت هذه العملية العلمية والدقيقة التي تطلبت وقتا، حيث أطلقت في 2016 وتكفل بها مختصان اثنان في علم الآثار من الديوان المحلي لتسيير واستغلال الممتلكات المحمية، بإعادة الاعتبار وتقييم كل المقتنيات المتوفرة بالمتحف الصحراوي الذي يعود تاريخ تشييده إلى عام 1938، بما فيها تلك التي تعود إلى حقبة ما قبل التاريخ وتصنيفها وفقا للقوانين المعمول بها، مثلما أوضحت أم الخير بن زاهي.
يجري حاليا - وفق المتحدثة - العمل على اختيار المقتنيات الممكن عرضها بالمتحف، تحسبا لإعادة فتحه "قريبا"، بالتنسيق مع المديرية العامة لنفس الديوان، وهي التحف والآثار التي تمكن المختصان من تحديد المعلومات الخاصة بها ومعرفة مصادرها الحقيقية.
تعود هذه المقتنيات التي تتمثّل في أحجار وفؤوس وسهام ورؤوسها وأوان فخارية وأخرى نحاسية إلى كل الحقب التاريخية (عصور ما قبل التاريخ والعصرين الوسيط والحديث)، وتعود إلى مناطق وادي ريغ ووادي مية إلى غاية الطاسيلي، بالإضافة إلى أسلحة استعملت إبان ثورة التحرير المجيدة، وأخرى استعان بها الإنسان القديم مع بداية استخدام مادة المعدن، حسب المسؤولة.
تضاف هذه الآثار إلى العديد من المقتنيات التي تم اكتشافها خلال الحفريات التي أجريت من طرف الباحثة السويسرية مارغريت فان برشم على منطقة سدراتة الأثرية (7 كلم جنوب ورقلة)، يعود تاريخ تأسيسها إلى حدود القرن العاشر ميلادي (10م) على يد الرستميين.
تم بالموازاة مع ذلك، حفظ باقي المقتنيات التي خضعت للدراسة والجرد داخل علب خاصة مغلقة، بالنظر إلى قيمتها التاريخية والتراثية وندرتها، من أجل حمايتها من العوامل المختلفة التي قد تتسبب في إتلافها.
سيتم تخصيص هذه المقتنيات النادرة التي تعود إلى حقب ما قبل التاريخ بكل مراحله، لإجراء الأبحاث والدراسات العلمية، من خلال التنسيق مع إدارة المتحف، مما سيمكن بتوفير مادة علمية أصلية للطلبة والباحثين في المجال، كما تمت الإشارة إليه.
تتمثل المقتنيات الأثرية التي يحتويها المتحف الصحراوي المصنف كمعلم في أزيد من 1.000 قطعة أثرية، تعود إلى حقب ما قبل التاريخ من مختلف الأحجام الصغيرة والكبيرة، تم جلبها من محيط مناطق "وادي مية" و"وادي ريغ"، ومن حوض "الطاسيلي" من طرف الباحثين التي تجولوا بمنطقة الصحراء الكبرى.
كما يضم أيضا أجنحة خاصة بالإثنوغرافيا، تعكس أسلوب عيش سكان المنطقة وجميع عاداتهم وتقاليدهم والحرف التقليدية الممارسة من طرفهم، كاللباس التقليدي والأواني الفخارية والنحاسية، بالإضافة إلى صور فوتوغرافية تروي جوانب من الحياة اليومية القديمة لمنطقة ورقلة.
إعادة الفتح قريبا
ينتظر إعادة فتح المتحف الصحراوي بورقلة بشكل فعلي قريبا، بعد أن تم في وقت سابق تدشين المبنى من طرف السلطات العمومية، تزامنا مع فعاليات شهر التراث، ليكون فضاء أمام الجمهور للاطلاع على الموروث الثقافي والشعبي الذي تشتهر به منطقة ورقلة وما جاورها خلال الأزمنة القديمة، كما ذكرت السيدة بن زاهي.
استغرقت عملية تهيئة هذا المعلم التاريخي والتراثي الهام وقتا طويلا، بالنظر إلى ارتباطها بعملية جرد وتصنيف المقتنيات الأثرية الموجودة فيه، على غرار طرق الحفظ والعرض ونوع الإضاءة وتصنيف القاعات وغيرها.
مرت تلك العملية بالعديد من المراحل ومست واجهات المتحف الخارجية والداخلية، وإعادة تلبيسها بالجبس المحلي وترميم التصدعات، بالإضافة إلى ترميم الأسقف والأرضيات وإنجاز الإنارة الداخلية والخارجية، مع صيانة وتجديد مختلف الشبكات والطلاء الخارجي والداخلي للمتحف وتثبيت خزائن العرض وغيرها، مثلما أشارت إليه مديرة هذا المرفق الثقافي.
تم التركيز خلال أشغال الترميم على مراعاة الجانب المعماري المحلي المميز لمنطقة الصحراء، واستعمال مواد بناء محلية. كما سيساهم المتحف الصحراوي في حلته الجديدة بتنشيط الحركة السياحية بالمنطقة من جهة، وفتح المجال واسعا من جهة أخرى أمام الباحثين والمختصين في علم الآثار،، وكذا الطلبة والدارسين للبحث في تاريخ منطقة ورقلة بشكل خاص، والجنوب الشرقي لجنوب الوطن عموما، بالنظر إلى قيمته التاريخية واحتوائه على هذا الرصيد الهام والنادر من الآثار والتحف الأثرية المتنوعة.
لطالما شكل هذا المعلم التاريخي في الماضي، محطة توقف للقوافل الثقافية القادمة من منطقة الساورة وقورارة وتوات الكبرى، التي كانت تحط رحالها بمنطقتي وادي مية (ورقلة) ووادي ريغ (تقرت)، كما تروي مصادر تاريخية.
❊ق.ث