تواصل معرض محمد كرور بسيدي بلعباس
الأسود تعبير عن العمق الإنساني
- 1312
قررت جمعية ”البصمة” للفنون التشكيلية (سيدي بلعباس)، تمديد آجال فعاليات المعرض التشكيلي للفنان محمد كرور، إلى غاية آخر يوم من الشهر الجاري، نظير نجاحه وبطلب من الجمهور المحب للفن ولجمعية ”البصمة”، وهذا حسب بيان نشرته على صفحتها في ”الفايسبوك”.
«محمد كرور في الأسود” هو عنوان المعرض الذي يحتضنه قصر الثقافة كاتب ياسين بسيدي بلعباس، يضم 44 لوحة ويعد الثالث من نوعه لفنان اختار اللون الأسود ليعبّر عن حالته كبطال يعيش في الظلمة، كما اختار الفنّان الأسلوب التجريدي للغوص في أعماقه واستخراج تعابيره وهواجسه، وكذا أحلامه وكوابيسه.
وحسب قراءة الفنّان محمد بوسنة، فإنّ الفنّان يستحضر الرموز التراثية التي تملك دلالات اثنولوجية روحية ممتزجة بأجواء صوفية مغاربية تطوف بنا في أمكنة وأزمنة يملؤها عبق عطر مميز، مضيفا أنه من الناحية الفنية يعتمد محمد على تقنية ”السفوماتو”، التي ابتدعها الفنان ليوناردو دافينتشي، لإبراز الشخوص والأجسام، وهذا بوضع ألوان داكنة في خلفية اللوحات، لتسليط الضوء أكثر على ما يريده أن يبرز أولا في لوحته.
من جهته قال رئيس جمعية ”البصمة” فريد داز، إنّ أعمال محمد كرور، تمثل امتدادا للأوشام بكل أبعادها المرتبطة بالهوية الجزائرية، كما يسافر بنا الفنّان حاملا مفاتيح القداسة ومكتسحا عوالم الروح بخباياها وأسرارها، وأضاف أن عالم كرور، تحول فيه الرمز إلى ملك متربع على عرش الفن، كما أسس الفنان لبصمة متفردة اسمها الظاهرة الفينومينولوجية، من خلال تجاوز البعدين الزماني والمكاني، وجاعلا من الرمز مقوما أساسيا في تشكيل صور مرئية لبناء تأليفي متنوع، مشيرا أن كرور يتناول في أعماله، قصصا تحمل بعدا دينيا وإنسانيا، في سيميولوجيا الصورة وجماليات الإيحاء، كما يستند إلى جملة من التأثيرات البصرية، كدلالات لرحلة روحية صوفية مشفرة مشبعة بالصبر والإخلاص والصدق والإيمان، و تعتبر منبع النور الوحيد في عالم سواد يعيشه محمد كرور الذي أنهكته المدينة التي يراها رمادا وأطلالا وبقايا لمجتمع انطمست معالمه وغاب عنها الإنسان، لتمتزج فيها هواجس محمد كرور، ومن ثم يحولها هذا الأخير إلى خطوط وأشكال ورموز وألوان تختزل الواقع.
كما كتب الباحث السوسيولوجي بلعيد الحاج، أن معرض ”كرور محمد في الأسود”، يّعبر عن فوضى المدينة بسلبياتها وتفاصيلها، ويؤكد قدرة الشاب الذي تواجهه الكثير من العراقيل، بالتغذي من روحانية الإبداع الفني الذي يغنيه عن حالات التشكي، لكن تجعله يعبّر دوما عن مكنوناته كحوار دائم مع الذات المتبصرة التي تؤمن بقداسة اللحظة ببعدها الدنيوي والأخروي.
وأضاف أن كرور يستند على مواضيع تمثل هاجس العمران والتنظيم البشري وفعل القداسة والإيمان، وهو الشاب الفتي الوفي الذي يبقى ابن بار لجمعية البصمة للفنون التشكيلية، والمتأثر بأعمال فنّانين تشكيليين مهمين مثل محمد بوسنة وجمال كحلي والعربي هليلو.
في إطار آخر قال الفنان محمد كرور، إن الكثير منّا يظن أن الشخص الذي يحب اللون الأسود، هو ذلك الذي يحب أن يبقى في العتمة أو العيش في الحزن، بيد أنه يرى أن الأسود يعبر عن العمق الذي يعيشه كل إنسان عندما يغلق عينيه، فيبدأ السواد والعتمة في الظهور تلقائيا ليجد نفسه يسافر من عالم الواقع إلى عالم روحي ووجداني، ألا وهو عالم الأحلام الذي تمت ترجمته تشكيليا بشكل واضح وتجريدي في نفس الوقت، وضمن خطوط راسخة من أعماق جذوره الجزائرية التي توجت بتاج الإسلام وأعطته حرية الجلوس وسط حديقة أسطورية وخيالية تحاكيه ويحاكيها وتسرد على مسامعه ما جرى في القديم الغابر وماعاش فيه من طير وخلق عجيب وخرافي وخلافي في آن واحد وكل ذلك في غلق البصر وإيداع روحي لجمالية الخالق.
للإشارة، محمد كرور، من مواليد 17 ديسمبر 1985 بسيدي بلعباس، عضو بجمعية البصمة للفنون التشكيلية وخريج مدرسة الفنون الجميلة على رأس الدفعة سنة 2016، شارك في كل التظاهرات التي نظمتها جمعية البصمة للفنون التشكيلية منذ 2013 من بينها الملتقى الوطني خيمة الفن التشكيلي في طبعاتها الست بسيدي بلعباس، معسكر، تلمسان، وسعيدة 2018، كما شارك في الأسابيع الثقافية لولاية سيدي بلعباس في كل من ولاية المدية 2014 وتيارت 2014، كذا في الورشات التي نظمت تكريما للفنان محمد اسياخم بغليزان 2016، إضافة إلى مشاركته في صالون ولاية الطارف 2018.
كما نظم ثلاثة معارض فردية بإشراف جمعية البصمة، وتحصل على العديد من الجوائز وهي: جائزة الشباب المبدع ومدارس الفنون الجميلة 2017، وجائزة ”علي معاشي” لرئيس الجمهورية للمبدعين الشباب 2017، إضافة إلى تكريم من طرف جمعية البصمة للفنون التشكيلية بموازاة خيمة الفن التشكيلي بولاية سعيدة.