المهرجان الوطني للمسرح الجامعي

الثقافة عامل تعزيز للّحمة العربية

الثقافة عامل تعزيز للّحمة العربية
  • القراءات: 630
 ز. الزبير ز. الزبير
تحتضن قاعة "أحمد باي" بقسنطينة المهرجان الوطني للمسرح الجامعي الحادي عشر وطنيا والأوّل عربيا والذي حمل اسم المرحوم الأستاذ والمسرحي "صالح مباركية"، تزامنا مع تظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية". وعرف حفل الافتتاح حضور العديد من الوجوه الفنية إضافة إلى الوفود العربية، وعددها 15.

بالمناسبة، أكّد السيد عبد الحميد قرفي مفتش عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، في كلمة ألقاها نيابة عن الوزير، أنّ الوزارة تدعم مثل هذه المبادرات في الوسط الجامعي، فمثل هذه الأنشطة الثقافية يُعدّ جزءا لا يتجزأ من حياة الجامعي، كما يُعدّ مكمّلا للتحصيل العلمي والبيداغوجي، مضيفا أنّ طبعة هذه السنة جاءت في ظروف استثنائية والجزائر تحتضن حدثا ثقافيا ضخما، وهو "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية". واعتبر أنّ المسرح الجامعي امتداد للمسرح الوطني، الذي عرف مسيرة طويلة تمتد إلى ما قبل الاستقلال، رفع من خلاله المشعل عدد من الوجوه الفنية، على غرار بشطارزي ومصطفى كاتب، وصولا إلى كاتب ياسين، سليمان بن عيسى وعز الدين مجوبي، بدون أن ينسى فرقة المسرح الجهوي لقسنطينة، التي ساهمت في تقديم إنتاج رفيع المستوى واكب مختلف انشغالات المواطن الجزائري.

وأكّد السيد قرفي أنّ وجود الأشقاء العرب ما هو إلاّ دليل على إرادة الجزائر القوية في تعزيز اللحمة بين الأشقاء العرب في العديد من المجالات، وعلى رأسها الثقافة، مضيفا أنّ برنامج المهرجان غني وثري بالأعمال الفنية المسرحية الجامعية التي تؤكّد مكانة هذا الفن داخل الجامعة.

من جهته، قرأ الدكتور نادر القنا (مدير معهد الفنون بجامعة الكويت)، كلمة نيابة عن الوفود العربية المشاركة، عبّر فيها عن شكره العميق للجزائر شعبا وحكومة، على كرم الضيافة، مؤكّدا أنّ الجزائريين جسّدوا عبارة الرئيس بوتفليقة التي تقول:«أنتم أهل الدار ونحن ضيوفكم"، أحسن تجسيد، وبذلك صارت الجزائر حاضرة بكل معاني الكرم والضيافة، مضيفا أنّ هذا التقارب الثقافي بين الشعوب العربية، مهم جدّا، خاصة في هذا الوقت؛ إذ انعدمت لغة الحوار، وسادت ثقافة الضبابية، وانتشرت موجة العنف؛ حيث دعا إلى مقاومة الإرهاب بكلّ أشكاله والاستعانة بتجربة الجزائر، معتبرا أنّ ممارسة الفن والإبداع وإحياء أفكار الشباب والتآخي، من أحسن وسائل الصمود والبقاء.

وعرف حفل الافتتاح تكريم العديد من الوجوه التي قدمّت للمسرح الكثير، وعلى رأسها عائلة الفقيد صالح مباركية أستاذ بجامعة باتنة، الذي بذل جهدا كبيرا في الحفاظ على ديمومة مهرجان المسرح الجامعي. كما تمّ تكريم روح الفنانة الراحلة فتيحة بربار. وحظيت فتيحة سلطان هي الأخرى بتكريم من اللجنة المنظمة للمهرجان، شأنها شأن المخرج المسرحي محمد الطيب دهمي والممثلة نادية طالبي. وكان ضيف شرف المهرجان الفنان محمد الطاهر الفرقاني، الذي تمّ تكريمه بالمناسبة. ولم يتوان في تقديم كلمة بالمناسبة، وأنشد قصيدة عن فلسطين قال في آخرها: "من القبور صوت المستشهدين ينادي يا فلسطين".

وافتتحت "ملحمة سيرتا" لمخرجها لحسن شيبة، المهرجان ، في عرض دام حوالي ساعة ونصف ساعة، استمتع خلالها الجمهور بلوحات فنية أداها أكثر من 70 ممثلا، جسّدت تاريخ مدينة قسنطينة منذ العهد النوميدي والروماني إلى غاية جزائر الاستقلال، وغلبت على المسرحية المدلولات الرمزية، من ميلاد الطفل الصغير الذي أسّس لميلاد المدينة إلى الصراع الذي دار بين مختلف الغزاة الطامعين في جمالها وسحرها، ثم زمن الاستعمار الفرنسي إلى تحرّر المدينة أوّلا من الجهل بفضل جهود علمائها، ثم تحرّرها من المستعمر بفضل تضحيات شعبها.

واستعمل المخرج شيبة شاشة عملاقة كخلفية حملت لوحات فنية رملية، جسّدت معالم بقسنطينة كجسورها المشهورة، ورغم أنّ الديكور لم يكن سوى بعض السلالم الكبيرة التي تُستعمل من حين إلى آخر، إلاّ أنّ المسرحية لاقت الإعجاب والتجاوب.

للإشارة، يعرف المهرجان عرض العديد من المسرحيات على غرار "تمرين ليس كالعادة" لولاية قسنطينة، "بنات رهواجة" من سطيف، "الملك لير" من جيجل، "أوديب في كولونا" من سعيدة، "مكالمة من المستقبل" من بومرداس، "الغزاة" من تبسة، "توابيت ملكية" من تمنراست و«ثغرا" من تيزي وزو. أمّا المشاركة العربية فستقدّم العديد من العروض بمسرح قسنطينة الجهوي، على غرار "إلى مزبلة التاريخ" لجامعة فاس من المملكة المغربية، "رسالة" لجامعة الكويت، "رماد" لجامعة البصرة من العراق، و«عسكري الأمم المتحدة ببيتي" لجامعة سوسة بتونس، وستتخلل العروض المسرحية العديد من المداخلات الأكاديمية التي ستتناول مناقشة العروض المسرحية وواقع المسرح العربي.