المفكّر القطري الدكتور نايف بن نهار:
الجزائر رائدة في دعم قضايا الأحرار وعلى رأسها فلسطين
- 313
كشف المفكّر القطري، الدكتور نايف بن نهار، في حديثه، أوّل أمس الأحد، ضمن فعاليات الصالون الدولي الـ27 للكتاب، عن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الجزائر في دعم قضايا الأحرار في العالم، خاصة قضية فلسطين، مشيرا إلى أنّ الجزائر، بفضل تاريخها الثوري المتميز، تُعتبر في موقع القيادة لِدعم الشعوب التي تناضل من أجل الحرية، وفي مقدّمتهم أحرار فلسطين في غزّة.
أكد مدير مركز ابن خلدون للعلوم الاجتماعية والإنسانية في جامعة قطر، أنّ هذه المسؤولية تتطلّب من الجزائر أن تكون رافعة للفكر الثوري في القرن الواحد والعشرين، كما كانت في القرن العشرين، ويجب عليها أن تلعب دورًا محوريًا في دعم حقوق الإنسان في العالم. وأضاف أنّ الجزائر تمتلك العديد من الأكاديميين والقانونيين المتخصّصين الذين يمكنهم المساهمة بشكل فعّال في مواجهة المشروع الصهيوني على الصعيدين الفكري والحقوقي.
ودعا ضيف صالون الجزائر الدولي للكتاب، إلى ضرورة تشكيل لجنة من القانونيين والاقتصاديين الجزائريين للقيام بخطوتين مهمتين في هذا الشأن، الأولى، متابعة الشركات التي تستثمر في إسرائيل ومقاضاتها في المحاكم التي تحترم سيادة القانون، على غرار إسبانيا، النرويج، بلجيكا وهولندا وهي دول تقبل مثل هذه الدعوات، وستساعد هذه الخطوة في الضغط على الشركات الكبرى لوقف تعاملاتها مع إسرائيل خوفًا من المقاطعة القانونية والاقتصادية. وأتبع فكرته كذلك بخطوة ثانية، وهي ملاحقة المسؤولين والنشطاء الذين يدعمون إسرائيل قضائيًا، من خلال رفع قضايا ضدهم في المحاكم الدولية فإن المتابعة القانونية يمكن أن تزعزع حسابات هؤلاء الداعمين للصهيونية.
وفي لقاء مثير حضره المئات في القاعة الكبرى لصالون الكتاب، أكّد الدكتور بن نهار على ضرورة تحرّك العالم العربي والإسلامي على مختلف الأصعدة، من خلال التفكيك المفاهيمي للادعاءات الصهيونية وتشكيل ضغط قانوني واقتصادي على الدول والشركات التي تدعم هذا المشروع، مشيرا إلى أنّ الوعي وتطوير استراتيجيات مواجهة فاعلة هو السبيل الوحيد لتحقّق العدالة لفلسطين وللأحرار في كل مكان.
وتناول مدير مركز ابن خلدون، قضية جدل الهويات في العالم العربي، مبرزًا الطرق التي يمكن بها مواجهة الهوية الصهيونية. إذ أشار إلى ضرورة التفكيك المفاهيمي لعبارات مثل "الحضارة" و«معاداة السامية"، في إطار مواجهة الحملة الصهيونية التي تسعى لتشويه الحقائق التاريخية.
وفقًا لرؤية نايف بن نهار، فإنّ أولى الخطوات لمواجهة المشروع الصهيوني تكمن في التفكيك المفاهيمي لعدد من المفاهيم التي تسوقها إسرائيل للعالم، مثل ادّعاء "الحضارة" و«التقدّم". فهو يرى أنّ هذه الادّعاءات مجرد أقنعة تخفي الوجه الوحشي للنظام الإسرائيلي. مثالًا على ذلك، ذكر بن نهار تقريرًا عن نقاش في التلفزيون الإسرائيلي حول "مشروعية اغتصاب الأسرى الفلسطينيين"، وسجّل تصويت لقناة إسرائيلية ما نسبة 48 بالمائة من الإسرائيليين المؤيدين للفكرة، وهذا النوع من النقاش يعكس غياب الأخلاق وحقوق الإنسان في التعامل مع الفلسطينيين.
إسرائيل، وفقًا لنايف بن نهار، تدّعي أيضًا أنّها "دولة تحترم حقوق الإنسان"، لكنها في الواقع تُشرّع العديد من القوانين التي تتناقض تمامًا مع هذه الادعاءات. إذ يشير إلى أنّ هناك 55 قانونًا إسرائيليًا ينتهك الحقوق الأساسية للإنسان، وهو ما يعكس فشل النظام الصهيوني في إثبات ما يدّعيه عن نفسه.
من أبرز المفاهيم التي شدّد على ضرورة إعادة فحصها، هو مفهوم "معاداة السامية"، إذ يتساءل نايف بن نهار "ما معنى هذا المصطلح؟ ومن قال إنّ اليهود هم الساميّون؟". ويرى أنّ هناك أزمة حقيقية تواجهها إسرائيل في تحديد هويتها اليهودية، بل أشار إلى أنّ مؤرّخًا يهوديًا كشف، في كتاب له، عن أنّ إسرائيل تمنح امتيازات كبيرة لأيّ شخص يدّعي أنّه يهودي، بغض النظر عن خلفيته العرقية أو الدينية. هذه الأزمة حول "من هو اليهودي؟" تضع إسرائيل في موقف محرج، حيث أصبح من الصعب عليها إثبات هويتها الحقيقية.
ويرى بن نهار أنّ المأزق الأكبر للصهيونية هو تفكيك هذه المفاهيم التي تروج لها، مثل "معاداة السامية"، فعندما يتّهموننا بمعاداة السامية، يكون من الصعب عليهم إثبات حقيقتهم. وبهذا، فإنّ مساءلة هذه المفاهيم تزعج الصهاينة أكثر من أيّ شيء آخر، لأنّها تكشف زيف ادعاءاتهم.
أما الخطوة الثانية التي يوصي بها نايف بن نهار، فهي مواجهة الهويات الزائفة التي يروّج لها الصهاينة بهويات حقيقية. ويرى أنّ الصهاينة قد نجحوا في محاصرة العرب والمسلمين في هويات وهمية، ما يتطلّب منا ردًا بحصارهم في هويات حقيقية تكشف حقيقتهم للعالم. وقال "علينا أن ننمطهم كما ينمطوننا"، ويضرب مثلًا بتسمية كلّ من يدعم الصهيونية بـ«الفاشي الصهيوني"، تمامًا كما يسعى الصهاينة لتسمية كلّ من يعارضهم بـ«معادي السامية".