الباحث الأمريكي آدم شاتز:
الجزائر وثورتها شكّلتا فانون الحقيقي
- 210
د. م
احتضن فضاء روح البناف ندوة فكرية بعنوان "فكر فانون، قضايا التحرر ونقد الكولونيالية والنيوكولونيالية"، خصّصت لتسليط الضوء على إسهامات المفكّر فرانز فانون وإعادة قراءة فكره في سياقه التاريخي. وقدّم الكاتب الأمريكي آدم شاتز مداخلة تناول فيها كتابه "فرانز فانون في ثورة" الصادر حديثًا عن منشورات "البرزخ"، مؤكّدًا أنّ الجزائر وثورتها التحريرية هما من شكّلتا فانون الحقيقي الذي عرفه العالم.
أوضح شاتز أنّ علاقته بالجزائر تمتدّ إلى زيارته الأولى سنة 2002، حيث أثار تاريخها الثوري إعجابه العميق. وأشار إلى أنّ فانون، رغم قربه من القضايا التي تبنّاها، ظلّ غريبًا في انتمائه، وهو ما مكّنه من التحليل العميق ورؤية ما يفلت من غيره من المراقبين. وأضاف أنّ فكر فانون يجذب الاهتمام حتى اليوم رغم وفاته في سنّ مبكرة، لأنّه تطرّق إلى قضايا معقّدة تتجاوز زمانه ومكانه.
بيّن شاتز أنّ فانون المارتينيكي يختلف تمامًا عن فانون الجزائري، إذ لم يكن ليفرض نفسه كمفكّر ثوري عالمي لولا الجزائر وثورتها. فهنا، في خضمّ الكفاح المسلّح ضد الاستعمار الفرنسي، وُلد فانون الذي كتب "معذّبو الأرض" و«العام الخامس للثورة الجزائرية"، وهما العملان اللذان عرّفا العالم بمعنى الثورة الجزائرية. كما أشار إلى أنّ فانون رأى في العنف الثوري ردًّا ضروريًا على عنف الاستعمار، وأنّ الثورة الجزائرية مثّلت نموذجًا عالميًا للتحرّر وتصفية الاستعمار.
من جانبه، تناول الباحث الجزائري وحيد بن بوعزيز مفهوم العنف عند فانون، موضّحًا أنّ فكر فانون لا يبرّر العنف بل يراه مرحلة حتمية في مواجهة منظومة استعمارية لا تفهم سوى لغة القوّة. وأكّد أنّ فانون دعا إلى العنف كوسيلة مؤقتة لانتزاع الاعتراف، وليس كغاية في حدّ ذاته، منتقدًا ما وصفه بـ«عقدة اليسار الجديد" الذي تخلّى عن فكرة الثورة الحقيقية.
أما الكاتب بن عودة لبداعي، فتناول في مداخلته تأثير فكر فانون على الأدب الجزائري، مبرزًا أنّه كان مصدر إلهام كبيرًا للكتّاب الجزائريين مثل كاتب ياسين، رشيد بوجدرة، آسيا جبار، ومايسة باي، الذين تفاعلوا مع رؤيته للعنف والتحرّر والهوية. وأكد أنّ فكر فانون ما يزال حاضرًا بقوة في النقاشات الفكرية المعاصرة، لأنه يقدّم أدوات نقدية لفهم عالمٍ لا يزال يعيش إرث الاستعمار بأشكاله الجديدة.