الكاتب محمد بلحي في مطبعة "موغان":

الحكم العثماني في الجزائر لم يكن استعمارا وحسين داي ليس خائنا

الحكم العثماني في الجزائر لم يكن استعمارا وحسين داي ليس خائنا
  • 1895
لطيفة داريب لطيفة داريب

فند الكاتب محمد بلحي، الأقاويل التي تدعي أن الحكم العثماني في الجزائر كان استعمارا، كما رفض تخوين الداي حسين، في حين أكد خيانة فرنسا للجزاير، رغم مساعدتها لها خلال الثورة الفرنسية، وأبعد من ذلك، قامت بسرقة كنزها المقدر بست ملايير دولار وضخته في مشاريعها الصناعية.

ضمن اللقاءات التاريخية التي تنظمها مطبعة "موغان" لهذا الشهر، استضافت أول أمس، الكاتب محمد بلحي، الذي قدم كتابه الجديد الصادر عن المؤسسة الوطنية للاتصال، النشر والإشهار، بعنوان "داي حسين، آخر حاكم الجزاير، 1818-1830".

بهذه المناسبة، قال بلحي في بداية الندوة، إن مواصلة تنظيم النشاطات الثقافية في مثل هذا الظرف الحساس الذي تمر به الجزائر، أمر في غاية الإيجابية، بل وضرورة لا مناص منها، باعتبار أن الثقافة كفاح من أجل غد أفضل، ووسيلة لمحاربة الظلامية، مضيفا أن الساسة لا يهتمون بالثقافة، والدليل، الحيز الضئيل المخصص لها في برامج الأحزاب، الموالاة منها والمعارضة.

بعدها، انتقل بلحي إلى الحديث عن مؤلفه الجديد، فقال؛ إننا نجهل الكثير عن الحكم العثماني في الجزائر، رغم أنه دام أكثر من ثلاثة قرون، مشيرا إلى أن المؤرخين التاريخيين اتفقوا على أن الحكم العثماني في الجزائر لم يكن استعمارا، باعتبار أن الجزائريين أنفسهم طلبوا من الإخوة بربروس إنقاذهم من المستعمر الإسباني الذي غزا أكثر من مدينة جزائرية، مثل تلمسان ووهران وشرشال وغيرها.

كما فند مقولة أن الجزاير كانت تحت وصاية العرش العثماني، بل إن الرسائل التي كانت ترسل بين دايات الجزاير وحكام فرنسا، كان يشار فيها إلى أن الجزاير جمهورية أو مملكة، كما أن القطيعة السياسية بين الجزاير والباب العالي حدثت سنة 1710، في فترة حكم بابا علي شاوش، فلم يعد الباب العالي ينصب حكام الجزاير.

وأكد بلحي على تأسيس الدولة الجزائرية من طرف الإخوة بربروس، مشيرا إلى أن الجزاير قبل الحكم العثماني كانت عبارة عن "دشرة"، مضيفا أن منطقة الشمال الإفريقي شهدت قبل قدوم العثمانيين انقسامات، بعد أن توحدت على يدي بن تومرت وعبد المومن من الدولة الموحدية، فأصبحت ممالك متناثرة هنا وهناك. كما نوّه بلحي بدور العثمانيين في تحرير الجزاير ومدن أخرى من الأسبان، الذين كان يحكمهم يمين متطرف متشبع بالتعصب الديني.

انتقل بلحي إلى الإشكالية الثانية التي تقول، إن الداي حسين كان خائنا، واعتبرها كاذبة، بل أنها فخ نصبه جنرلات فرنسا كي يطمسوا سرقتهم لكنز الجزاير الذي يقدر بستة ملايير دولار. في هذا السياق، أكد الكاتب أن الكنز الذي سرقته فرنسا هو كنز الجزاير وليس كنز الداي، وأن فرنسا بهذه السرقة، شيدت حضارتها مقدما مثالا عن صنعها لأول قطار من هذا المال.

أضاف المتحدث أن الجزاير ساعدت كثيرا على إنجاح الثورة الفرنسية، وأقرضت حكامها مليون فرنك فرنسي، وأطعمت سكانها بالقمح، إلا أن فرنسا كانت ناكرة للجميل وتحججت بحادثة المروحة، كي تستعمر الجزائر في وقت لم يعد نظام الحكم الجزائري قويا، فحسين داي كان تقيا ولم يكن سارقا ولا مرتشيا، إلا أن ذلك لم يكن حال المسؤولين الآخرين، كما أن الداي أخطأ حينما قلد صهريه مناصب حساسة، بينما الجيش الانكشاري الذي كان يعرف بوحدة جهازه، تغلغل إليه أصحاب السوابق العدلية والمجرمين.

أضاف بلحي أنه، رغم أن حسين داي كان يعلم بنية الفرنسيين في احتلال الجزائر، بحكم الأخبار التي كانت تصله من طرف جواسيسه، إلا أنه صدّق مزاعم القنصل الإنجليزي الذي أخبره عكس ذلك تماما، كما أنه اصطدم بدخول الاستعمار من شاطئ سيدي فرج، في حين كان الوضع الجيوسياسي، حسب بلحي، في غير صالح الجزائريين، فلا أمريكا ولا روسيا ولا حتى القوات الأسبانية والإيطالية كانت ستقف مع الجزائر، حتى المغرب وقفت مع فرنسا، في حين سعد حاكم تونس باستعمار الجزاير.

كما أشار بلحي إلى محاولة حسين داي، بعد نفيه إلى إيطاليا، مقاومة المستعمر، إلا أنه لم ينجح، ونفي أخيرا إلى الإسكندرية، وبعد وفاته، أرسلت ابنته رسالة لحاكم فرنسا، تطلب منه تخصيص منحة شهرية لها.