الوصفة المنطقية لحل الأزمة الليبية
كان رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، منطقيا وحازما في تشخيص الأزمة الليبية في ندوة برلين، حول هذا البلد الذي تمزقه حرب أهلية منذ سقوط نظام معمر القذافي في سنة ٢٠١١.
منطقية نظرة الجزائر للأزمة الليبية وسبل حلها التي رافع عنها السيد عبد المجيد تبون، أول أمس، ببرلين، أمام رئيس الهيئة الأممية وزعيمة البلد المضيف والمدعوين للندوة مستخلصة من سياسة الجزائر الخارجية المبنية على حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، علاوة على أن استقرار الجزائر وأمنها القومي مرهون باستقرار دول الجوار وأمنها.
رئيس الجمهورية، ذكّر في تدخله بالمجهودات التي بذلتها الدولة الجزائرية لحلحلة الأزمة الليبية سواء تلك المعلنة، حيث استضافت الأطراف المتنازعة سعيا لتقريب وجهات النظر وتوفير أجواء الحوار الهادئ مع بقائها على مسافة واحدة من جميع الفرقاء الفاعلين في الشأن الليبي، حيث بادرت إلى ذلك في وقت مبكر، أو تلك المجهودات البعيدة عن الأضواء عندما يتطلب الأمر تأمين نجاحها.
والجزائر التي تنخرط بفعالية ـ كما أكد رئيس الجمهورية ـ في المجهودات الهادفة إلى إيجاد حل سلمي للأزمة في ليبيا خاصة منها مسار الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة ويرافقه الاتحاد الإفريقي، بادرت إلى إنشاء آلية دول جوار ليبيا، وكانت طرفا في المبادرة الثلاثية حول هذا البلد مع مصر وتونس، وهي مستمرة في بذل هذه الجهود انطلاقا من روح التضامن مع الشعب الليبي الجار والشقيق.
وبجدية عمل الجزائر وانخراطها في مبادرات الحل السلمي للأزمة الليبية انطلاقا من مبادئها الثابتة في هذا الموضوع، جدد الرئيس عبد المجيد تبون، بحزم أمام ندوة برلين رفض الحلول العسكرية والتدخلات الأجنبية السلبية في ليبيا التي تذكي الفتنة وتكرس الضغينة والحقد بين الفرقاء مما يصعب جمعهم على طاولة حوار واحدة.
وبعد أن حذّر الرئيس تبون، من الانعكاسات الأمنية والاجتماعية لاستمرار الحرب الأهلية في ليبيا على الأمن الإقليمي، وحتى على الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، جدد دعوته للمجموعة الدولية، وبخاصة مجلس الأمن الدولي، لتحمّل مسؤولياتها في هذا الملف الحساس والخطير بفرض احترام السّلم والأمن في هذا البلد الممزق، وحماية وحدته الوطنية وسيادته على مؤسساته، وتوفير نجاح الجهود الأممية والإقليمية المبذولة من أجل تسوية سياسية لهذه الأزمة بعيدا عن التنافس الإقليمي والأجندات المتناقضة.
وانطلاقا من قناعته أن الأشقاء الليبيين قادرون على تجاوز خلافاتهم ووضع حد لمحنتهم بتسوية سياسية شاملة وبناء دولة ديمقراطية قوية، جدد رئيس الجمهورية، استعداد الجزائر لاحتضان الحوار بين الفرقاء الليبيين جميعهم بدون تمييز ولا إقصاء.