بعث للتراث الأصيل مع توليفة رائدة
بعث للتراث الأصيل مع توليفة رائدة
- 602
زار الفنانان قاسم راضية ويوسف شتيوي، أول أمس، "المساء"، للحديث عن نشاط جمعيتيهما الفنية الأندلسية، التي تملأ الفراغ في كل من بومرداس والأخضرية، مع السعي دوما للتكوين ورعاية المواهب الصاعدة، والمشاركة في مختلف التظاهرات والمناسبات الفنية والثقافية.
تحدثت الفنانة راضية قاسم عن مشوارها الفني، المرتبط بالموسيقى الأندلسية، بداية من التحاقها بجمعية "عبد الرحمن الثعالبي" في منطقة الأخضرية بولاية البويرة، حيث تخرجت منها واكتشفت فيها موهبتها في الغناء، علما أنها تعزف على آلة الكمان، وهي حاليا رئيسة جمعية "الوصال" للموسيقى الأندلسية بالأخضرية.
أشارت محدثة "المساء"، إلى أن لمنطقة الأخضرية وجهها الثقافي والفني المشرق، الذي يجهله الكثيرون، متوقفة عند مسيرة الشيخ المهدي ابن المنطقة، الذي كان أول من أدخل إليها موسيقى الأندلسي، إبان فترة الاستعمار الفرنسي، وقد أصر على الدراسة والتكوين في هذه الموسيقى، وظل مطاردا من السلطات الاستعمارية التي كانت تضرب كل ما تعلق بالهوية والثقافة الجزائرية.
الشيخ المهدي ـ حسب الفنانة راضية- غادر الأخضرية متوجها إلى مدينة البليدة، من أجل صقل موهبته وحفظ المزيد من النوبات و أسرار الصنعة، وكان يحمل ما تعلمه إلى مسقط رأسه، حين رجوعه، حتى يدرسه لأبناء المنطقة، ثم سافر إلى فرنسا ليسجل فيها اسطواناته، وظلت السلطات الاستعمارية تلاحقه، وأتلفت أسطواناته، ليضيع رصيده الفني المعتبر، الذي اجتهد في تسجيله بدافع الحفاظ على التراث الأصيل، ولم يبق منه إلا القليل الذي استغلته فيما بعد جمعية "الثعالبية"، علما أن هذه الأخيرة، اعتمدت ألبوماته في برنامجها الفني والتعليمي.
بقيت الأخضرية تتشرف بانتساب الشيخ المهدي إليها، فهذا الفنان الذي لا يعرفه الكثيرون، كان له الفضل الكبير في الحفاظ على الموسيقى الأندلسية الجزائرية، لتبقى أعماله شاهدا على براعة وتميز هذا الفنان، ومكانة الموسيقى الأندلسية في مسقط رأسه بالأخضرية.
للإشارة، فإن هذه الجمعية (الثعالبية) كان لها الفضل في بروز أهم وأرقى الجمعيات الثقافية والموسيقية، وقد رأت النور عام 1999، حيث اعتمدت منذ البداية، عدة نشاطات ثقافية، وفتحت عدة ورشات لتشجيع الفنون والحرف الأصيلة، ورغم تجربتها الفتية بالموسيقى الأندلسية، التي خاضتها منذ 2006، إلا أنها برهنت على براعة وحب أهل الأخضرية للموسيقى الأندلسية، وقد كان بها 20 عضوا بين عازف ومؤدٍ، إلى جانب حوالي 40 تلميذا من عشاق الفن الأصيل، الشغوفين بتعلم أبجديات ونظم النوبة الأندلسية ..
كانت الجمعية الموسيقية "عبد الرحمان الثعالبي" لمدينة الأخضرية، من أهم الجمعيات الثقافية على المستوى الوطني، لها عدة مشاركات في مهرجانات وطنية، نالت من خلالها إعجاب وتقدير الجمهور الذواق للموسيقى الأندلسية، لما وجدوه فيها من احترام لعادات الجوق التقليدي، سواء في طريقة العزف، الأداء أو الزي، و هو ما مكنها من افتكاك المراتب الأولى.
أمام هذا التراث، قالت الفنانة راضية، إنها ملزمة بالحفاظ عليه والنهوض به وإيصاله للأجيال، خاصة مع ترأسها وإشرافها على جمعية "الوصال للفن الأندلسي"، ناهيك عن المشاركة في مختلف المهرجانات الوطنية الأندلسية، علما أنها لا تزال تحمل مشعل جمعية "الثعالبية"، وتواصل المسيرة مع 17 موسيقيا عازفا، إضافة إلى التلاميذ الصغار الذين يتكونون بالجمعية، ومن بين المشاركات التي ذكرتها، تنشيط السهرات الرمضانية والمناسبات الدينية والاجتماعية.
بالنسبة للفنان وقائد جوق جمعية "أمل" للموسيقى الأندلسية ببومرداس، الفنان يوسف شتيوي، قال لـ«المساء"، إن جمعيته تنشط بدار الثقافة "رشيد ميموني"، وأن هناك تنسيق دائم مع جمعية "الوصال"، مضيفا "نعمل سويا لإحياء مختلف المناسبات والحفلات، وحضور المهرجانات باللباس التقليدي الأصيل، وهدفنا الحفاظ على هذا التراث الوطني والنهوض به، ومن بين ما قمنا به؛ التنسيق بين الجمعيات في عرض واحد ضمن "أوركسترا"، كما كان الحال في حفل نشطناه بولاية المدية".
قال الفنان يوسف، إن جمعيته التي قام بتأسيسها، هي الأولى والوحيدة ببومرداس، رغم قرب هذه الأخيرة من العاصمة، التي تعتبر من أهم حواضر الأندلسي في الجزائر، مؤكدا أن الانطلاقة كانت في عام 2021 بدار الثقافة "سناني السعيد"، واستقبال المتكونين من 9 إلى 60 سنة، ثم المشاركة في مختلف الحفلات، خاصة ببومرداس والبويرة، كما كان الانتقال بعدها للنشاط بدار الثقافة "رشيد ميموني"، وما تحقق حتى الآن مبهر.
الفنان يوسف، متخرج من معهد الموسيقى بالعاصمة، ونشط في عدة جمعيات، إلى أن أسس "الأمل" التي تسعى إلى ترسيخ هذا الفن، من خلال الاستثمار في المواهب الشابة.
تسعى الجمعيتان إلى التكوين في العزف والأداء وفي الدراسة النظرية، مع أساتذة وفنانين ذوي خبرة، إضافة إلى قسم "الماستر كلاس".
بمناسبة يوم الفنان، قامت الجمعيتان، نهاية الأسبوع، بتنشيط حفل أندلسي بمركز الترفيه العلمي في الأخضرية، وكان باسم جمعية "الوصال"، مع تكريم فناني الأخضرية، وخلاله أيضا، قدمت الفنانة راضية وصلة أندلسية مرفوقة بآلة الكمان، حيث أدت في طبع "رمل الماية"، كما تقدم "الأمل" حفلا اليوم 8 جوان، بدار الثقافة "رشيد ميموني".