لقاء مهني حول الترجمة في الجزائر
بين الاجتهاد الشخصي وغياب القواميس المتخصصة
- 270
أقيم لقاء مهني، أول أمس، في "فضاء أفريقيا" بالمعرض الدولي 27 للكتاب، في قصر المعارض بالصنوبر البحري، حيث تناول موضوع إشكالية الترجمة في الجزائر، خاصة في مجالي العلوم الإنسانية والعلوم الدقيقة. وقد أدار الجلسة المترجم والروائي محمد ساري.
في هذا السياق، أكد الأكاديمي ندير طيار، أن غياب القواميس الاصطلاحية المتخصصة يشكل تحديا كبيرا أمام المترجمين في مجال المصطلحات الدقيقة والعلمية. وأوضح أن هذا النقص يفرض على المترجم اجتهادا شخصيا، لكنه شدد على ضرورة أن يكون المترجم متمكنًا من قواعد اللغة العربية، لضمان جودة الترجمة. كما أشار إلى صعوبة ترجمة الكتب العلمية إلى اللغة العربية، نظرا لأن القواميس المتخصصة لا تصدر سوى كل عشر سنوات، بينما ينبغي أن تُصدر بشكل دوري سنوي.
من جهته، تحدث الشاعر والمترجم عاشور فني، عن التنوع الكبير في المقاربات المتبعة في الترجمة، بالنسبة له بعض الترجمات تتم بشكل حرفي، بينما يُعتمد في أخرى على أساليب شعرية وإيقاعية، وأضاف أن بعض التقنيات تركز على تحليل النص المترجم ومقارنته بالنص الأصلي، مع مراعاة الأساليب الأدبية التي استخدمها الكاتب، كما اعتبر أن الترجمة ليست مجرد نقل للكلمات، بل هي فعل قراءة وإعادة تفسير، إذ يمكن لكل قارئ أن يقدم تفسيرا مختلفا بناءً على رؤيته الخاصة.
في هذا السياق، أوضح الدكتور فني أن المترجمين يضفون أبعادا شخصية على أعمالهم، وهو ما يؤدي في بعض الأحيان إلى تنوع في المصطلحات المستخدمة، ما قد يسبب صعوبة في فهم النص من قبل القارئ.
في مداخلته، تحدث الكاتب والباحث إبراهيم تازغارت عن تجربته في الترجمة من وإلى اللغة الأمازيغية، مشيرا إلى أهمية تعزيز الحوار الثقافي مع منطقة الشرق الأوسط. ولفت إلى أن التوجهات السابقة كانت تركز على باريس والغرب، إلا أن التنوع اللغوي في الجزائر، الذي يشمل اللغة العربية والأمازيغية، يجعلها أكثر توافقًا مع منطقة الشرق الأوسط، ما يتيح فرصا أكبر للتواصل المتبادل والبناء بين الثقافات.
أخيرا، أشار المتحدثون إلى أن الترجمة ليست مجرد عملية لغوية، بل هي أيضًا عملية ثقافية وفكرية معقدة، تتطلب مهارات متعددة، بما في ذلك الفهم العميق للنصوص الأصلية وإعادة صياغتها بما يتناسب مع القواعد اللغوية والقيم الثقافية للغة المستقبِلة.