احتفالية "الشعر لغة الوطن الشامخ"

تأمل في المسار الإبداعي للثقافة الوطنية

تأمل في المسار الإبداعي للثقافة الوطنية
وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي
  • 671
ق. ث ق. ث

إحياء لليوم الوطني للشعر، نظّمت عدد من الجمعيات تظاهرات ثقافية على شرف الكلم الجميل، استحضارا لروح شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكرياء الذي تتصادف الاحتفالية مع الذكرى الخامسة والأربعين لوفاته، عرفانا بدوره في إيصال صوت الثورة إلى العالم، حيث حملت قصائده الشعرية قيم النضال والمقاومة والكفاح ضد الاستعمار الفرنسي وإبراز الشخصية والهوية الوطنية. في هذا السياق، احتضن قصر الثقافة "مفدي زكرياء"، أمس الأربعاء، احتفالية أدبية خاصة تحت شعار "الشعر لغة الوطن الشامخ"، وذلك بمبادرة من وزارة الثقافة والفنون وبالتنسيق مع بيت الشعر الجزائري.

بالمناسبة، أشارت وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، في كلمتها الافتتاحية وبحضور رئيس بيت الشعر الجزائري، سليمان جوادي، ونخبة من الشعراء والمختصين في الحقل الأدبي، إلى أنّ "الاحتفاء بالشعر الذي يرتبط بوفاة شاعر الثورة العظيم مفدي زكرياء في أجواء الاحتفال بالذكرى الـ60 للاستقلال هي مناسبة نقف فيها وقفة تأمل وإجلال امام المعاني السامية التي تضمنها المسار الوطني الحافل بالتضحيات والبطولات التي وجدت لدى الشعراء صداها الجميل والجليل"، معتبرة "ستينية الاستقلال فرصة مواتية لتأمل المسار الإبداعي للثقافة الوطنية برمتها". وأضافت أنّه "في مجال البحث، يقتضي الأمر العمل على رصد الأشكال والممارسات الشعرية العريقة والمستحدثة وتسجيلها ودراسة سياقاتها الاجتماعية والثقافية والحفاظ على الاشكال المتميزة  والنادرة والتعريف بها ونشرها، ووضعها في متناول المشتغلين بالأدب والثقافة".

وضمن المداخلات الأكاديمية المبرمجة لتنشيط التظاهرة الأدبية، تناولت الناقدة والباحثة الجامعية، أمينة بلعلى، إشكالية "الخطاب الشعري والتحولات"، حيث رصدت أهم المحطات التاريخية لتطور الشعر الجزائري وكذا علاقة الشعر الجزائري بالتحولات السوسيو-ثقافية كما اشارت إلى أهم المراجع التي فكّكت هذه المتغيرات، على غرار مؤلفات "شعراء الجزائر" للزاهري (1926) و"دراسة في الشعر الجزائري" لعبد الله الركيبي (1962) و"الشعر الجزائري الحديث واتجاهاته" لمحمد ناصر (1980).

وأشار الأستاذ عمر برداوي، في غضون مداخلته الموسومة "النزعة التفاؤلية في شعر الثورة الجزائرية"، إلى أنّه "من بين الجوانب الراقية للشعر الجزائري خلال فترة الثورة التحريرية والتي لم يمنحها النقاد الاهتمام المستحق، ظاهرة النزعة التفاؤلية التي ميزت القصائد الشعرية سواء على مستوى المضامين والمعجم اللغوي والصور الشعرية"، موضّحا أنّ "الشعراء الذين برزوا خلال هذه المرحلة وجدوا في الثورة فضاء خصبا للإبداع وامتلكوا إيمانا عميقا أن الخلاص من نير الاستعمار قريب، كما سجّلوا المكاسب الكبرى للثورة ومعاركها"، مستشهدا بتجارب الشاعرين مفدي زكرياء ومحمد العيد آل خليفة.

من جهته، تطرّق الباحث مباركي السعدي، إلى جوانب مفصلية من مساهمة الشعر الحساني في مقاومة الاستعمار الحديث"، معتبرا المخزون الشعري الحساني المعروف بمنطقة تندوف تراثا ضخما وذاكرة تعج بشعر المقاومة ورفض الاستعمار كما لا تخلو النصوص الشعرية الحسانية، التي كانت مرافقة للبندقية، من أربعة محاور وهي "إعلان فتاوى الجهاد من طرف مشايخ المنطقة ضدّ الوجود الفرنسي، هجاء كلّ من يتعاون مع المستعمر، تصوير ونقل الوقائع والمعارك إلى جانب ذم كلّ من يتجنّد في صفوف الجيش الفرنسي".

بدوره، استعرض الباحث في التراث مولود فرتوني، موضوع "الإنسان والأرض والتحوّلات في شعر إيموهاق" مشيرا إلى أنّ "القصائد تعتمد على بناء هندسي قائم على نظام الشطر الواحد ولكلّ قصيدة وزن خاص، أما على مستوى المواضيع والتيمات، فلكلّ نص خاصيته وغالبا ما تتناول صراع الأجيال والهوية والحب والموت". وتميّزت أشغال اليوم الأول من التظاهرة بتقديم قراءات شعرية بمشاركة متنوعة، على غرار إبراهيم صديقي، مبروك بن نوي، شفيقة بوعيل، بشير قذيفة، تفكيك آمون وذلك بمرافقة موسيقية على آلة المزمار للفنان محمد ميلودي من تمنراست.

وتتواصل اليوم أشغال اليوم الثاني من التظاهرة الأدبية بتقديم مداخلات تشمل قراءات وتجارب ونصوص، على غرار "مقاربات تأويلية وجودية لنصوص شعرية" للدكتورة سليمة مسعودي، "الشعر الشعبي الجزائري.. المقاومة والنضال في عهد الاستعمار "لبشير بديار، "قراءة في شعر فاطمة منصوري .. تجربة الشعر والسجن من اجل الوطن" للدكتور احمد حمدي، "ثورة المقراني في الشعر القبائلي" للدكتور محمد ارزقي فراد، "الثورة الجزائرية في الشعر العربي" للدكتور عمر عاشور. ــ