الصناعة التقليدية بالأهقار
تراث ثقافي مادي حافظ على جذوره الإفريقية
- 750
تشكل الصناعة التقليدية بمنطقة الأهقار بولاية تمنراست، واحدة من كنوز التراث المادي الذي تشتهر به المنطقة، والذي لايزال محافظا على ملامحه ذات العمق الإفريقي. وقد استطاع حرفيو الصناعة التقليدية بهذه المنطقة، المحافظة على خصائص هذا التراث المادي بمختلف أنواعه، ولايزال صامدا أمام شتى أوجه التهديدات التي تفرزها الحياة المعاصرة، والتي قد تطمس معالمه وجوهره المرتبط ارتباطا وثيقا ليس بثقافة سكان الأهقار فحسب، بل يمتد ذلك إلى ثقافة العديد من الشعوب الإفريقية، سيما منها دول الجوار.
لعلّ ما يجعل من هذه الصناعة التقليدية ذات أهمية كبيرة بأبعاد إفريقية، علاقتها الواضحة بخصائص الصناعة التقليدية بدول الجوار؛ على غرار مالي والنيجر، وحتى بوركينافاسو والتشاد، حيث يستطيع المتمعن في خصائصها، اكتشاف أوجه التشابه الكبير في كيفية صناعتها، ومن حيث تصميم النماذج، وصولا إلى التشابه في الدلالات الثقافية لهذه الصناعة، التي تعبّر عن حياة وثقافة الأوساط الاجتماعية بهذه المناطق، خاصة ما تعلّق منه بالتأثير المباشر لمنطقة الأهقار في طبيعة الصناعة التقليدية، سيما ببلدان الجوار؛ ما يبرز العمق الإفريقي لها، وفق ما أوضح مدير غرفة الصناعة التقليدية والحرف عبد الله لقراوي.
ويتجلى ذلك التشابه والارتباط الوثيق بصفة خاصة، في صناعة الحلي التقليدية، وصناعة الجلود والملابس التقليدية. ويسعى قطاع الصناعة التقليدية بالولاية، إلى إرساء شراكات لتطوير التبادلات في المعارف، وفي المواد الأولية أيضا؛ لضمان الاندماج والتكامل في جوانب مختلفة؛ سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية، مثل ما أوضح المسؤول. وأضحى قطاع الصناعة التقليدية اليوم بولاية تمنراست، قطاعا هاما منتجا للثروة، وموفّرا لفرص الشغل، حيث يحصي حاليا 231 حرفي في مجال الحلي التقليدية، إلى جانب 2147 حرفي في نشاط الخياطة التقليدية، و541 في مجال صناعة الجلود.
ويمثل هؤلاء جميعا قيمة مضافة كبيرة، تساهم في تصدير المعارف التقنية والمهارات الفنية في استكمال تصنيع مختلف المنتجات التقليدية؛ حيث يتم تناقل المعارف بصورة عكسية بين حرفيّي المنطقة ونظرائهم من دول الجوار؛ من خلال المشاركة في مختلف التظاهرات والمعارض التي تنظم بالمنطقة، وفي دول الجوار. وتساهم تلك التبادلات في الترويج للصناعة التقليدية الوطنية، وإبراز امتداداتها الإفريقية؛ من خلال التعريف بالتشابه في التصاميم والنماذج، وحتى في طريقة الصنع، وتَوافق الدلالات الثقافية والاجتماعية.
التعاون بين حرفيّي الأهقار والنيجر نموذج ملموس للشراكة
يُعدّ التعاون والشراكة القائمة بين حرفيي الصناعات التقليدية بمنطقة الأهقار بتمنراست (الجزائر) ونظرائهم من المناطق المجاورة بدولة النيجر، نموذجا ملموسا لشراكة حيوية ومفيدة بين الجانبين، حيث تساهم في تقوية العلاقات المهنية، والتنسيق لضمان صناعة تقليدية موحدة لها امتدادات إفريقية؛ من خلال جملة الأنشطة التي يتعاون فيها الطرفان. ويتعلق الأمر، على سبيل المثال لا الحصر، بالحضور القويّ لحرفيي المنطقة في فعاليات الصالون الدولي الخاص بالمرأة بنيامي (النيجر) الذي نظم سنة 2019، حيث تم عرض حينها، مختلف المنتجات التقليدية الجزائرية.
كما تم بنفس المناسبة، تنظيم دورتين تكوينيتين لفائدة إطارات من وزارة السياحة والصناعات التقليدية لدولة النيجر، حول منهجية التسيير الأحسن للمؤسسة، وتسيير سجل الصناعة التقليدية والحرف. كما نُظمت، ضمن مذكرة التفاهم المبرمة بين الجزائر والنيجر، دورة لفائدة 20 حرفيا بتمنراست مؤخرا، في مجال دباغة الجلود، ساهمت في تدعيم معارف الحرفيين بمنطقة الأهقار؛ من خلال تعزيز معارفهم التقنية حول طرق دباغة الجلود بإشراف مؤطرين من دولة النيجر، إلى جانب تدعيم التكامل الإفريقي في مجال الصناعات التقليدية.