المصور عادل بوداب عاشق الطبيعة والتراث

ترحال دائم نحو البرية في ميلة الخضراء

ترحال دائم نحو البرية في ميلة الخضراء
  • 1191

ترتبط الصورة الفوتوغرافية عند الشاب المصور عادل بوداب برسالة أو قضية لا بد أن تصل إلى الجمهور، ويرى أن أية صورة لا تعكس ذلك تبقى مجرد صورة. كما يرتبط هذا الشاب باسم «ميلاف» الذي أدركه باكرا، والذي يعكس تعلقه الدائم بمسقط رأسه ميلة الحاضرة التي تحتضنه منذ ولادته عام 1982، ناهيك عن ما تختزنه وتختزله من ثراء تاريخي وطبيعي وسياحي يشد إليها المهتمين والباحثين عن كل ما هو جميل.

ليست ميلة ـ في رأي هذا المصور الفوتوغرافي ـ سوى «قلب» منطقة طبيعية ساحرة غامرة بالجمال، دفعته مبكرا إلى التأمل والبحث والترحال بين مختلف زواياها ونواحيها الغنية بالتضاريس والتنوع والحياة الطبيعية والبرية.

يؤكد عادل بوداب (عضو في الجمعية الوطنية لحماية الحياة البرية) أن  ولاية ميلة تتوفر على 12 قمة جبلية رائعة، أصغرها علوا بطول 1268 مترا عن سطح البحر، وأعلاها قمة تمزغيدة ببلدية تسدان حدادة بـ1600 متر، إلى جانب مزايا طبيعية أخرى مثل البحيرات، على غرار بحيرة عين الحنش والشلالات الطبيعية والمغارات التي تم مؤخرا اكتشاف مغارة جديدة بتسالة لمطاعي، لم تفصح بعد عن أسرارها الغامضة.

من بوابة الترحال والتجوال بهذه المناطق التي ألف عشقها، دخل الشاب عادل منذ عام 2008 عالم الصورة الفوتوغرافية الواسع الفسيح، بنية التعبير عن الطبيعة البكر التي قد تبدو أحيانا قاسية، لكنها معطاء تنفع في مجالات السياحة الريفية والجبلية والحموية وغيرها.

يختزل المصور في رصيده الفوتوغرافي الثري إلى حد الآن، 33 مشاركة وطنية في صالونات ومعارض وأيام خاصة بالتصوير والصورة، كان آخرها فوزه بجائزة أفضل معرض متكامل في الصالون الوطني للصورة الفوتوغرافية بميلة بعنوان «أنا والبيئة» (ديسمبر 2017)، لكن أفضل حضور له رسمه في محافل دولية يشهد لها بالقيمة في مجال الصورة الفوتوغرافية، وأثبت فيها جدارته الفنية في تقديم الصورة المعبرة وتمثيل   الجزائر بأفضل الصور.

من بين مشاركات هذا الفنان المتألق حضوره سنة 2010 في المهرجان الوطني للصورة التراثية بالقاهرة (مصر)، والمهرجان العربي الثاني عشر للصورة التراثية بعمان (الأردن) 2014، وجائزة الشارقة الدولية للصورة العربية خلال سنوات 2013-2015 و2016، وكذا المعرض الدولي الرابع 2014 «نعم للسلام لا للحرب» ببغداد (العراق)، فضلا عن جائزة غدامس (ليبيا) الدولية للصورة التراثية 2016، وآخر هذه المشاركات،  معرضين آخرين أقيما بنيويورك (الولايات المتحدة الأمريكية) سنتي 2016 و2017.

يهتم عادل كثيرا بإبراز الخصائص الطبيعية لولاية ميلة، من خلال التقاطه  لسلسلة صور غاية في الجمال تحمل عنوان «اكتشف ميلة»، كما هو واضح من مشاركاته في مواقع التواصل الاجتماعي، بغرض التعريف بمزايا السياحة الجبلية في هذه الجهة الخضراء من الجزائر.

أنجز هذا الفنان إلى حد الآن سلسلة صور رائعة عن 7 قمم جبلية من أصل 12 قمة عالية بشمال الولاية، ويأمل في إنجاز «ألبوم سياحي» عن الولاية يعكس إحساسه المرهف نحو جمال الطبيعة المحلية.  رغم اختصاصه في مجال التقاط صور الطبيعة، إلا أن اهتمام عادل أخذ في التزايد والميل أكثر نحو الصورة التراثية، تناغما مع ثراء هذا الجانب في ولاية ميلة التي تكتسب معالم ومآثر كثيرة لتعاقب العديد من الحضارات عليها.

يملك هذا المصور مشروعا طموحا يسعى إلى تحقيقه من أجل أرشفة 70 بالمائة من التراث اللامادي الثري للجهة، بغية الحفاظ عليه من الاندثار والضياع وحمايته للأجيال المقبلة.

كانت ميلة العتيقة مؤخرا محل اهتمام منه، إذ أنجز بها صورا تخلد ملامح اجتماعية مهددة بالزوال، على غرار اللباس التقليدي، منها «الملاية» و»الحايك» والأطباق والحرف القديمة، وهو لذلك يلتمس مساعدة السلطات العمومية المحلية لإنجاز هذا المشروع التراثي الهام على مستوى كافة بلديات وجهات الولاية.

للإشارة، فإن عادل بوداب فنان من طراز خاص، يعشق الطبيعة والتراث حتى النخاع، يوظف هوايته بكل التزام وجدية وطموح، وخارج هذا الاهتمام يعمل سائق حافلة نقل المسافرين التي يكسب منها قوته اليومي.

ق.ث