في ليلة ختام مهرجان الموسيقى والأغنية الحضرية بعنابة

تكريم فني وإنساني من محمد الجبالي لوردة

تكريم فني وإنساني  من محمد الجبالي لوردة
  • 160
سميرة عوام سميرة عوام

اختُتمت، أول أمس، فعاليات المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى والأغنية الحضرية لولاية عنابة، في أجواء احتفالية متميزة احتضنها المسرح الجهوي للمدينة، وسط حضور جماهيري غفير، ومشاركة فنية لافتة. هذا الحدث الثقافي الذي دام ستة أيام كاملة، كان مناسبة للترويج للتراث الموسيقي الجزائري الحضري، وتكريم رموزه، بالإضافة إلى الانفتاح على التجارب الموسيقية المغاربية، في مشهد ثقافي جامع، يعكس ثراء الساحة الفنية الجزائرية، وتنوعها.

السهرة الختامية انطلقت في تمام الساعة السادسة مساءً، حيث اعتلت كوكبة من الفنانين الشباب، خشبة المسرح لإضفاء نكهة فنية خاصة على هذه الليلة المتميزة. وشارك في إحياء الحفل كل من الفنان ديب العياشي، والفنان رضا العرفاوي، بالإضافة إلى الفنان كريم بوغازي، الذين قدّموا باقة من الأغاني التي تمازجت فيها الأنغام الحضرية بروح الشباب، فحركت مشاعر الجمهور، وألهبت حماسه، مؤكدين مرة أخرى، قدرة الجيل الجديد على حمل مشعل الأغنية الحضرية الجزائرية وتجديدها دون التفريط في أصالتها.

اللحظة الأبرز في السهرة تمثلت في ظهور الفنان التونسي محمد الجبالي، الذي خص الجمهور الجزائري وخاصة العنابي، بأداء استثنائي لأغنية "حرمت أحبك" للمطربة الراحلة وردة الجزائرية. هذا الأداء لم يكن مجرد غناء، بل كان بمثابة تكريم فني وإنساني لفنانة خالدة، طبعت الذاكرة الموسيقية العربية بصوتها وأحاسيسها العميقة. وقد لقي هذا المشهد تفاعلًا كبيرا من قبل الحاضرين، الذين شاركوا الجبالي الغناء، مرددين كلمات الأغنية ومصفقين بحرارة، في لحظة اتحدت فيها مشاعر الحنين والاعتراف بالجميل مع الإبداع الراهن.

ولم تقتصر الأمسية على الغناء فقط، بل شهدت تنوعا في العروض، حيث قدم الفنان الفكاهي طاهر سفير، فقرات ضاحكة أضفت جواً من البهجة والمرح، تجاوب معها الجمهور بروح مرحة. كما أبدعت فرقة "ورشة الرقص" التابعة لدار الثقافة "محمد بوضياف" ، في تقديم لوحات راقصة مبهرة جمعت بين التراث والحركة المعاصرة، ما أضاف بعدا بصريا جميلاً للعرض الفني المتكامل. المهرجان الذي نظمته محافظة المهرجان بالتنسيق مع مديرية الثقافة والفنون لولاية عنابة والمسرح الجهوي، عرف مشاركة 21 فنانا من مختلف ولايات الوطن. وكان فضاءً حيويا لالتقاء التجارب الموسيقية، وتبادل الخبرات. 

كما تضمّن المهرجان ورشات تكوينية قيّمة حول الموسيقى الجزائرية الحضرية، وأشكالها التراثية، موّجهة للمواهب الشابة والمهتمين بالشأن الثقافي، ما عزّز من البعد التربوي والتكويني للتظاهرة. وبهذا المشهد الفني الراقي اختُتمت أيام مهرجان عنابة الثقافي، تاركا وراءه انطباعات إيجابية، وصورا فنية محفورة في ذاكرة الجمهور، وأملًا متجدّدا في استمرار مثل هذه المبادرات التي تساهم في صون التراث، ودفع الأغنية الجزائرية نحو آفاق أوسع من الإبداع والتجديد.