وفاة المطرب محمد العماري

تينور القصبة يترجل

تينور القصبة يترجل
المطرب محمد العماري
  • 1053
❊دليلة مالك ❊دليلة مالك

فقدت الساحة الفنية الجزائرية أمس، الصوت الصادح محمد العماري، المعروف بتينور القصبة، الذي وصفه المطرب الخليجي محمد عبده، بالصوت القوي وأهم المؤدين في طبقة الصوت العالية، إلى جانب كوكب الشرق أم كلثوم، وعرفت مسيرته شهرة منقطعة النظير، تجاوزت السبعة عقود وهبها للفن الجزائري بلمسته المتميزة وأدائه الراقي، وهو الذي بدأ هذا المشوار الطويل في سن الثامنة وفي رصيده أكثر من 152 أغنية.

شيع جثمان الفقيد أمس، في مقبرة القطار في الجزائر العاصمة، بعد أن وافته المنية بمستشفى عين النعجة العسكري عن عمر يناهز 79 سنة، ورافق الراحل كبار نجوم الأغنية الجزائرية في سنوات مجدها، وأدى أغنيات علقت بذاكرة الجزائريين على غرار "جزائرية" و«رانا هنا"، كما مثّل الجزائر في عدّة مواعيد دولية وعربية. وكان الفنان قد كرّم عدّة مرات في السنوات الأخيرة وفاجأ خلالها الجمهور بصوته الذي حافظ على خصوصيته.

محمد العماري من مواليد سنة 1940 بالجزائر العاصمة بحي القصبة العتيق، بجامع سفير بالضبط، بدأ مسيرته الفنية في سنّ مبكرة عندما غنى في الأعراس والمناسبات العائلية ولفت الانتباه إلى أدائه المميز، وعرف الراحل بأسلوبه المميّز في الغناء وكذا في الظهور، حيث شكّل نجومية منفردة خلال سنوات الستينيات والسبعينيات، كما كان صوته المميّز معروفا لدى غالبية الجمهور الذي حضر حفلاته أو تابعه عبر التلفزيون طوال سنوات.

مسيرة فنية حافلة بالأغاني الناجحة تعامل فيها الراحل محمد العماري، مع ألمع الكتّاب والملحنين منهم الأستاذ محمد لحبيب حشلاف، محبوباتي، مصطفى اسكندراني، حداد الجيلالي، لمين بشيشي، بوجمية مرزاق وغيرهم من العمالقة.

واختار الفقيد الطابع العصري لونا، وبصوته القوي المدوي استطاع أن يكون خير سفير للأغنية الجزائرية في المحافل الوطنية والدولية، يطرب الجماهير بأجمل أغانيه "آه يا قلبي"، "يا راسي ما بقى حبيب"، "كي جيتيني"، "إذا ضحكتي" وأغنية "جزايرية" التي قدمها هدية للمرأة الجزائرية.

واشتهر محمد العماري، بأدائه الباهر في ثنائي مع المطربة الكبيرة مريم ماكيبا، لما غنيا "أفريكا" بمناسبة المهرجان الثقافي الإفريقي في عام 1969، وكانت تجربة رائدة،  والأغنية من كلمات مصطفى تومي وتلحين لمين بشيشي، وبالإضافة لغنائه لإفريقيا غنى الراحل لفلسطين وللجزائر، وأهدى أغنية لشي غيفارا، فكان لديه مساره الملتزم.

ومن بين ما قدمه من شهادات في وسائط إعلامية عديدة كان قد قال "إن هدف كل فنان أصيل ملتزم أن يكون محبّا للخير والسلام، والفنان لا بدّ أن يكون صاحب رسالة وليس أبلغ وأجمل من أن تكون حاملا للمحبّة والسلام".

للإشارة ولد الفقيد سنة 1940 بالقصبة بالجزائر العاصمة، ونشأ في أزقتها متعلقا بالحياة الجزائرية وخصوصيتها، وتفتح وعيه على المقاومة ومشاهد معركة الجزائر ليختار الفن كوسيلة لإثبات الوجود والاختلاف، وشكّل العماري، إلى جانب مجموعة من الفنانين الرعيل الأوّل لمطربي الأغنية العصرية الذين اشتغلوا على تطعيم أغانيهم بالشخصية الجزائرية من حيث الألحان والكلمات.

وتمكّن العماري، من إيجاد نمط وأسلوب مميّزين في الغناء والظهور، فقد ارتبط اسمه بالشباب الدائم وبالحركة والبهجة، كان يغني عن الحب والفرح ويصر أن يؤكد أنّنا مختلفون وحاضرون كما فعل في أغنية "رانا هنا".

وكان الراحل صوتا جزائريا في الكثير من الحفلات والمهرجانات خارج الجزائر خلال سنوات الستينيات والسبعينيات، حيث شارك في مواعيد فنية في إفريقيا وأوروبا وآسيا وأغلب الدول العربية، كما كرّم الراحل أكثر من مرة ونال وسام العشير سنة 2017، كما أقيمت حفلات تكريمية له من بينها حفل كبير بالمسرح الوطني سنة 2012.