المركز الثقافي الجزائري بباريس يستقبل رشيد قريشي

"حديقة إفريقيا" نموذج من الروائع العالمية

"حديقة إفريقيا" نموذج من الروائع العالمية
الفنان التشكيلي رشيد قريشي
  • 172
مريم. ن مريم. ن

يستضيف المركز الثقافي الجزائري بباريس، في 30 أكتوبر الجاري، الفنان التشكيلي المعروف رشيد قريشي، ضمن أمسية أدبية، يتم فيها عرض كتاب "حديقة إفريقيا " ، الذي يتناول أشهر أعماله الإبداعية التي جالت العالم.

ترافق الندوة معزوفات موسيقية مع تقديم كتاب قريشي "حديقة إفريقيا " عن دار نشر "المنار" . والمقبرة تقع في بلدة جرجيس الصغيرة بتونس. تم بجانبها افتتاح الحديقة الإفريقية المعروفة باسم "حديقة الفردوس" ، في صيف 2011، التي صمّمها الفنان التشكيلي رشيد قريشي، وتتميّز بجمالها. وبالمناسبة، يعرض قريشي مجموعته "حديقة إفريقيا" التي يمزج فيها بين تقنيات الخط العربي والنحت، والتي تعكس قوّة تجربته الفنية وصداها العالمي.

"حديقة إفريقيا" حديقة استثنائية ومختلفة؛ فهي في ظاهرها حديقة غنّاء بأزهارها الفوّاحة، وبعبق مسك الليل، والياسمين. وبها خمس أشجار كرمز لأركان الإسلام، واثنتا عشرة شجرة تين عدد رفقاء المسيح. وبين ثناياها وفي جوفها ترقد جثامين اختلفت دياناتهم وأصولهم، وجمعهم مصير واحد؛ الموت بطريقة مأساوية في عرض البحر الأبيض المتوسط؛ بحثا عن مستقبل أفضل، وعن حياة كريمة بعد أن ضاقت بهم سبل الحياة، لتكون "حديقة إفريقيا" مقبرة ضحايا الهجرة غير الشرعية المقامة بمدينة جرجيس التونسية.

وصمّم الفنان قريشي الذي فقد شقيقه غرقا في البحر، هذه الحديقة قرب المقبرة؛ لمساعدة العائلات على زيارة موتاهم الذين يرقدون بسلام وكرامة؛ حيث أشار الفنان قريشي ذات مرة، إلى أنّ المكان هو رمز؛ تماما مثل قبر الجندي المجهول".

ويهتم قريشي بالبحث في روح الخط العربي، وعلاماته، وتصاميم المخطوطات الشعبية، وبالثقافة الصوفية. وتتّسم أعماله بالتحرّر، والحيوية، وتجمع بين التقاليد القديمة والحداثة. والفنان الجزائري رشيد قريشي (1947) أحد أبرز الفنانين في العالم في هذا اللون من الفن؛ حيث عرض إبداعاته في أشهر المعارض الأوروبية، والأمريكية، لا سيما المتحف البريطاني العتيد، الذي قام بإدراج مصنفاته الفنية ضمن معروضاته الخاصة رفقة أشهر الخطاطين العالميين والرّسامين من مختلف بلدان العالم. 

ويقيم رشيد قريشي حاليا في فرنسا. وكان تابع دراسته في معهد الفنون الجميلة، وفي المدرسة الوطنية العليا للفنون بالجزائر العاصمة قبل أن ينتقل إلى باريس لمواصلة تكوينه في المدرسة الوطنية لفنون الديكور، وفي كلية الدراسات العمرانية. وتُعرض أعماله الفنية في عدد من المتاحف والهيئات الثقافية عبر العالم، من بينها متحف "جونسون هيربرت" بنيويورك، وبمعهد العالم العربي بباريس، ومتحف الفن الحديث بباريس، والمكتبة الوطنية الفرنسية، وكذلك متحف الفاتيكان، ومتحف الفن الحديث بالقاهرة. 

كما نال رشيد قريشي العديد من الجوائز العالمية، أبرزها جائزة الفن الإسلامي في 2011، وهي جائزة بريطانية تبلغ قيمتها 25 ألف جنيه إسترليني، تقدَّم مرة كل سنتين، ليفتكّ الفنان الجزائري المرتبة الأولى عن جدارة بعدما تنافس مع تسعة فنانين، تم اختيارهم للمرحلة النهائية ضمن مسابقة شارك فيها أكثر من 200 فنان من جميع أنحاء العالم. وقال مارتن روث، رئيس هيئة تحكيم الجائزة البريطانية للفنون الإسلامية التي يمنحها متحف "فيكتوريا" التي فاز فيها رشيد قريشي، "إنّ أعمال رشيد قريشي لفتت الأنظار؛ لأنّها حصدت القبول العالمي. كما إنّ أعمال الفنان الجزائري تصلح لأن تُعرض في معرض للفن المعاصر".

رشيد قريشي مطّلع  على الثقافة العربية الإسلامية، خاصة الصوفية منها. وكان أنجز كتابا مهمّا صدر في فرنسا، يحمل عنوان  "معلمون غير مرئيين"، يحتفي فيه عن طريق رسوماته الخطية، بنخبة من كبار المتصوّفين منهم الحلاج، وابن عربي، وجلال الدين الرومي، والأمير عبد القادر، وربيعة العدوية، وفريد الدين العطار، ليُعرّف بحياتهم، ومسارهم الصوفي. واختار، بعناية، حكما، وأقوالا مأثورة من نصوصهم، رسمها خطوطا في غاية الجمال والإبداع.

كما كانت له علاقات وطيدة بأبرز الكتّاب والشعراء العرب، منهم الشاعر محمود درويش الذي كان شديد الإعجاب بفنه. وأثمرت العلاقة بينهما عن عمل مشترك، جمع بين قصائد الشاعر الفلسطيني ورسومات قريشي، من خلال كتاب جميل حمل عنوان "الأمة في منفى"، إلى جانب الكاتب المعروف رشيد بوجدرة، الذي أنجز له فنيا كتاب "المجتزءات الخمس للصّحراء"، التي قام بترجمتها إلى اللغة العربية الشاعر والمترجم حكيم ميلود. كما أنجز عملا مشتركا مع الكاتب الكبير محمد ديب رحمه الله. وساهم قريشي في زخرفة وتزيين العديد من الكتب، وواجهات الهيئات والمؤسسات الثقافية عبر العالم.