3 عقود على رحيل «ملك الكوميديا»
حسن الحسني.. صوت القرويين الخالد
- 1230
ما زال الممثل حسن الحسني (حسن بن شيخ)، بعد ثلاثين سنة من وفاته، يكتسح المشهد المسرحي الجزائري من خلال الحدث الثقافي الكبير المتمثل في المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي، المقرر تنظيمه من 3 إلى 7 ديسمبر الجاري بالمدية. ولم يختف ظل هذا الفنان الفكاهي الذي أضحك أجيالا كاملة في قاعات العرض. كما يواصل العديد من الفنانين الاستلهام من أسلوبه والأخذ من أعماله الفنية الثرية.
يحتفظ عشاق الفن الرابع ومحبو الفكاهة دائما، بصورة هذا الكوميدي الذي نجح في تجسيد صورة القروي الساذج، الذي تبناه مهنيا، مما جعله يتمتع بشعبية كبيرة لا مثيل لها. وبتخصيص الطبعة 11 للمهرجان الوطني للمسرح الفكاهي لهذه الشخصية التي ستحمل اسمه، تهدف محافظة المهرجان تكريم ملك الكوميديا بمناسبة الذكرى الثلاثين لوفاته.
وقال محافظ المهرجان، سعيد بن زرقة، بأن تسمية هذه الطبعة من المهرجان باسمه، هي علامة اعتراف ودليل على الاحترام الكبير إزاء هذا الفنان الفكاهي، الذي كرس أكثر من أربعين سنة من حياته للمسرح والسينما وأصبح صديقا وفيا لسكان المناطق الريفية.
بقي هذا الفنان الذي كان صوت القرويين متمسكا بجذوره رغم شهرته ونجاحه، حسب السيد بن زرقة، الذي أشار إلى أن حسن الحسني مصدر إلهام كبير للفنانين الشباب الذين يرغبون في ترك بصماتهم في الساحة الفنية، «لهذا نلح على تعريف الأجيال الشابة بهذا الفنان الفكاهي بمناسبة ثلاثينية وفاته».
ولد حسن الحسني الذي أصبح مشهورا باسمه الفني «بوبقرة»، في قرية بوغار (جنوب شرق المدية) في 21 أفريل 1916. بدأ مشواره الدراسي في مسقط رأسه، ليتحصل على شهادة التعليم الابتدائي. عمل بعدها حلاقا بقصر البخاري، ثم البرواقية، فمسيرا لقاعة سينما «ركس» بمدينة «الأسفودال» (البرواقية) قبل أن يلتحق سنة 1940 بفرقة «محي الدين بشطارزي» خلال جولة لها بالمنطقة، حيث تم اكتشاف موهبته وقدراته الفنية التي تستحق التشجيع.
كان «أحلام حسن» أول عرض مسرحي له سنة 1945، حيث كانت مسرحية ساخرة تشجب الاستعمار، مما أدى به إلى سجن «بوسيي»، ثم إلى «بربروس» (سركاجي)، وفي سجنه ألف عدة سكاتشات وعرضها على المسجونين للرفع من معنوياتهم. ولدى خروجه استقر بالقصبة في الجزائر العاصمة، حيث زاول لفترة مهنة الحلاقة دون ترك موهبته الأبدية؛ المسرح.
استحدث حسن الحسني شخصية «نعينعة» في مسرحية «الحرية» التي أعاد أداءها سنة 1950، تحت عنوان «المؤامرة»، ثم مسرحيته الشهيرة «تي قول أو تي قول با»، وفي سنة 1953، دخل التلفزيون تحت إدارة مصطفى بديع في عرض «المتابعة»، لينخرط في صفوف جيش التحرير الوطني لدى اندلاع الثورة التحريرية.
وعقب الاستقلال، التحق بفرقة المسرح الوطني الجزائري، حيث تخلى عن شخصية «نعينعة» ليعوضها بشخصية «بوبقرة» التي صنعت كل مجده وشهرته، وبعدها استحدث حسن الحسني الفرقة المسرحية «الفصول الأربعة» التي جابت طيلة عشر سنوات كاملة مناطق البلاد. ولدى انتخابه نائبا في المجلس الشعبي الوطني سنة 1976 حلت الفرقة.
وبعد تحقيقه عدة نجاحات على خشبة المسرح، اتجه حسن الحسني للسينما، وأدى عدة أدوار في أفلام، مما دعمه على بلوغ قمة شهرته، من بينها «ريح الأوراس» (1966) و»حسن طيرو» (1968) لمحمد لخضر حمينة و»زاد» (1969) لكوستا قافراس و»أحلى الاعترافات» (1971) لايدوارد مولينارو و»رحلة المفتش الطاهر» (1973) لموسى حداد، وغيرها من الأفلام التي عرفت نجاحا كبيرا، غير أن المرض أرغمه على ترك السينما التي لم يعد إليها قط، ليتوفى في 25 سبتمبر 1987 عن عمر ناهز 74 عاما.
❊ق.ث