المهرجان الوطني للزي التقليدي الجزائري بـ"قصر الرياس"

حضور مطلق للزي العتيق وتأطير أكاديمي محكم

حضور مطلق للزي العتيق وتأطير أكاديمي محكم
  • 674
مريم . ن مريم . ن

❊ عناية خاصة للدولة في ظل الهجمات اللاعقلانية على تراثنا

❊ حماية العلامات الثقافية والهوياتية أمر بالغ الأهمية والخصوصية

انطلقت بقصر "رياس البحر"، أول أمس، فعاليات الطبعة السادسة للمهرجان الثقافي الوطني للزي التقليدي الجزائري، تحت شعار "فن الطرز، خيوط أجيال وموروث أمة"، حيث توافد جمهور غفير على مراسم الافتتاح، للاطلاع على مختلف المعارض، وكذا الورشات التي تبرز التراث الوطني الأصيل، الذي يمثل عدة مناطق من الوطن.

افتتحت الفعاليات، ممثلة وزارة الثقافة والفنون، السيدة نادية شريط، التي قرأت بالمناسبة، كلمة الوزيرة صورية مولوجي، التي حيت فيها المشاركين على الجهود المبذولة لخدمة وصون الزي التقليدي، الذي يشكل عنوانا مهما ورفيعا للذاكرة الثقافية، وأحد أهم المقومات الحضارية لبلادنا، مضيفة "لعلنا نلمس ذلك بكل وضوح في الأزياء الحضرية من العاصمة وضواحيها، وفي الشرق بقسنطينة وعنابة، وفي غرب الوطن بوهران وتلمسان، دون إغفال الأزياء الريفية والبدوية في سائر ربوع الجزائر، بما في ذلك منطقة القبائل والأوراس والأطلس الصحراوي وميزاب والصحراء العميقة، ولا شك في أن الأزياء التقليدية الجزائرية بكل تنوعاتها وثرائها، تشكل مظهرا جديرا بكل العناية والاهتمام لعراقة وأصالة الشعب الجزائري، على امتداد قرون خلت، استطاع الجزائري أن يحافظ على أصناف كثيرة من أزيائه وجعلها مرتبطة بأفراحه وأعياده، وفي مختلف المواسم التي يحييها الجزائريون على امتداد التاريخ، اعتزازا بهذا الثقافي والجمالي في الوقت نفسه". بذلك، تضيف الوزيرة في كلمتها، "إن حماية هذه العلامات الثقافية والهوياتبة أمر بالغ الأهمية والخصوصية، ليأتي هذا المهرجان مؤكدا على عناية الدولة بهذا المظهر الثقافي الوطني، لاسيما في ظل الهجمات اللاعقلانية التي يتعرض لها تراثنا في محاولات فاشلة لسرقته".
كما شددت مولوجي في رسالتها، على أن وزارة الثقافة والفنون تؤكد حرصها على صون وحماية تراثنا الثقافي، سواء في الفعاليات المنظمة في شهر التراث، أو في اللقاءات والملتقيات والورشات التكوينية المبرمجة في هذا الصدد، أو من خلال المهرجانات ذات الصلة، مشيرة في هذا السياق، إلى دعم الأهداف الكبرى التي عمل عليها مهرجان الزي التقليدي، وفي مقدمتها التعريف بالموروث الثقافي غير المادي والمحافظة عليه. جاء في الكلمة، أن تخصيص هذه الدورة المتعلقة بالطرز التقليدي المرتبط باللباس، من خلال المعارض التي يشارك فيها العديد من المصممين من مختلف ربوع الوطن، يصب في هذا المنحى، مع إشراك أصحاب المؤسسات الناشئة والناشطة في هذا المجال، والتي تسعى إلى صون وتثمين الزي الجزائري والترويج له على أوسع نطاق. ولم تنس مولوجي توجيه تحية أخرى للشعب الفلسطيني، الذي قالت الوزيرة، إنه في القلب والضمير، مؤكدة "تضامنا مع إخواننا في غزة الصامدة، فإن المهرجان خصص جناحا ومعرضا يضم الألبسة والمكونات الخاصة بالزي الفلسطيني، خاصة وأن الطرز الفلسطيني يشترك في كثير من الألبسة بالزي الجزائري، إلى جانب ندوة تقام حول خصوصيات الزي التقليدي بين البعد الثقافي والنضالي والمقاوم للاحتلال".
على هامش الافتتاح، قالت السيدة شريط لـ"المساء"، إنه تم الوصول للمراد في الطبعة السادسة من المهرجان، مضيفة أن الهدف من مثل هكذا مهرجانات، هو تثمين المعارض والفعاليات الأكاديمية التي تفتح الشهية، للتعرف على تاريخ اللباس الجزائري والحلي، مع إعطاء فرصة المشاركة للولايات التي لكل واحدة منها بصمتها، وقالت "في كل مرة نحاول أن نقوي المشاركة، وكل واحد يبين "صنعة اليدين"، وهذا التراث لا يمكننا أن نتهاون في حفظه".كما أشارت محدثة "المساء"، إلى أن الوزارة مهتمة بذلك كله، ومن خلال عدة تظاهرات، منها مثلا مهرجان إبداعات المرأة، وعبر أيضا ملتقيات وتظاهرات هادفة، مع تكثيف الجانب الأكاديمي وعدم الاكتفاء فقط بالجانب الفلكلوري البحت، وأضافت أنه من خلال الطبعات، تم التركيز أيضا على الندوات العلمية وعلى النشر، وغيرها من الأمور المساعدة على التطور، وكذا التعاون مع مختلف الجامعات والمخابر العلمية ومراكز البحث، داعية إلى انخراط كل الفئات ضمن هذا المشروع الوطني للحفاظ على تراثنا من التشويه والطمس والاستيلاء من الغير.
بدورها، ألقت محافظة المهرجان السيدة، فايزة رياش، كلمة أمام الحضور، استعرضت فيها مدى اهتمام الدولة بالتراث، ما تعكسه ترسانة القوانين لحمايته، وكذا تنظيم المهرجانات التي تعمل أيضا على أرشفة وتوثيق هذا التراث بإشراك كل الأطراف، مؤكدة الحرص على أن يكون المهرجان ذو طابع أكاديمي، متوقفة عند أهمية العلم للتصدي للصوص، وإيصال هذا التراث للأجيال، ومن ذلك جهد المهرجان للتأسيس لقاعدة بيانات الموروث الملبسي الجزائري، متوقفة أيضا عند البرنامج منه فتح الورشات أمام الزوار، كما وعدت بانتقال المعارض لولايات أخرى.
زارت "المساء" عدة معارض، أغلبها في القصرين 18 و23، حيث قدمت قطعا من اللباس والحلي، يرجع بعضها إلى القرن 19، من ذلك اللباس العنابي، مثلا، كما دخلت جناح فلسطين (بمشاركة اتحاد النساء الفلسطيني فرع الجزائر)، حيث التقت بالسيدة رجاء أبو نعاج، التي قالت، إن الجمهور الجزائري مولع بتراث فلسطين ومعجب بما يقدم له من لباس وقطع زينة وحلي، في حين أشار رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، البروفيسور الصالح بلعيد، لـ"المساء"، إلى أن اللباس الجزائري المعروض، جزء من الذاكرة والتاريخ وإبداع من أجدادنا.