الـناعوق يقدّم "قصص من فلسطين":

خلف كلّ شهيد قصة، حلم وحياة انتهت

خلف كلّ شهيد قصة، حلم وحياة انتهت
الكاتب الصحفي الفلسطيني، أحمد الناعوق
  • 324
لطيفة داريب لطيفة داريب

أكد الكاتب الصحفي الفلسطيني، أحمد الناعوق، أنّ الجزائر تعدّ مصدر إلهام لفلسطين في كفاحها ضدّ المستعمر ونيلها للحرية بعد نضال طويل المدى. وأوضح خلال الندوة التي نشّطها، أوّل أمس، بفضاء "غسان كنفاني" في إطار فعاليات صالون الجزائر الدولي للكتاب، أنّ الفلسطينيين يواصلون نضالهم ضدّ الاحتلال الإسرائيلي بشتى الوسائل ومن بينها وسائط التواصل الاجتماعي التي أصبحت، حسبه، أكثر مصداقية من الإعلام الغربي.

رفض الكاتب الصحفي أحمد ناعوق أن يتم تصنيف الفلسطينيين في خانة الضحايا فقط، أي كأرقام تذكر ثم تنسى بعد لحظات، أو لا تذكر إطلاقا، مشدّدا على ضرورة توثيق ما يحدث في غزة من خلال الكتابة باللغة الإنجليزية وترجمتها إلى لغات أخرى حتى تصل الحقيقة إلى العالم. وأضاف أنّه لم يكن يبدي اهتماما كبيرا لسقوط شهداء في بلده لاعتياده على الأمر، إلى غاية اليوم الذي استشهد فيه شقيقه وخمسة من أصدقائه، وهنا شعر بصدمة كبيرة بل دخل في اكتئاب رهيب وعمره لم يكن يتجاوز 19سنة (2014)، فكان يزور باستمرار قبر أخيه الذي كان بمثابة قدوة له. وفي يوم من الأيام طلبت منه كاتبة أمريكية أن يكتب قصة عن هذا الفقدان باللغة الإنجليزية فرفض في البداية ثم فعل ومن ثم غادر إلى لندن وأطلق هناك مشروعا اسمه "لسنا أرقاما".

في هذا قال "أرسلت رفقة فريق مشروع "لسنا أرقاما" دعوات لكُتّاب شباب من فلسطين لقصّ تجاربهم الشخصية المتعلّقة بالحرب والنتيجة استقبال آلاف القصص ومن ثم نشر كتاب "لسنا أرقاما" باللغة الإنجليزية أي باللغة التي يفهمها العالم، وكان هدفنا توثيق ما يحدث في غزة خاصة وأنّنا في النكبة الأولى لم نكتب الكثير فنسينا العديد من الأمور، لكن هذه المرة قرّرنا أن نترك أثرا حتى لا ننسى وحتى نُذكّر العالم بما يحدث لنا".

تابع الناعوق أنّ إسرائيل تدرك منذ البداية أهمية المثقفين في توثيق الأحداث لهذا طاردتهم وقتلتهم مثل قتلها لغسان كنفاني ببيروت، لهذا قرّر الفلسطينيون أن يوثّقوا ما يحدث لهم وأن يبرزوا الجانب الجميل لغزة التي أراد الإعلام الغربي أن يظهر فقط الخراب فيها والدمار متناسيا حسنا ورونقها. واعتبر أنّ الفلسطينيين ليسوا فقط ضحايا بل هم أيضا أبطال ومبدعون لن يتوقفوا أبدا عن محاربة العدو الإسرائيلي، من خلال رسم صورة مشرّفة لغزة.

ورغم فقدان الناعوق في حرب غزة الأخيرة لواحد وعشرين فردا من عائلته مرة واحدة بفعل ضربة إسرائيلية موجّهة، إلاّ أنّه يستمرّ في حربه ضدّ إسرائيل من خلال الكتابة والتوثيق، فخلف كلّ شهيد فلسطيني قصة وحلم وحياة انتهت، فهو ليس مجرّد رقم. كما أنّه عبر عشرات الآلاف من القصص التي كتبها أبناء فلسطين، وسفر البعض منهم الى الخارج ليقصوا حكاياهم على المباشر، حدث تغيير في بعض الذهنيات الغربية عما  يجري في فلسطين.

وتأسّف المتحدّث حول الانحياز التام للإعلام الغربي لإسرائيل باعتبار أنّها قطعة من العالم الغربي وكذا سيطرة لوبياتها على الإعلام هناك، منوّها بظهور بديل لهذا الإعلام يتمثّل في وسائل التواصل الاجتماعي التي أبرزت الواقع المرير لما يحدث في غزة والتي يحرّكها الفلسطينيون أنفسهم الذين تحوّلوا جميعهم إلى صحفيين ومصوّرين ينقلون يومياتهم، كما هي.

في هذا قال الناعوق إنّ هذه الوسائط مكّنت فعلا من تغيير الرأي العام الغربي والدليل قيام مظاهرات مليونية بلندن حيث يقطن، مساندةً لفلسطين ونفس الأمر في دول غربية أخرى، وهذا في مواجهة إعلام غربي فقد مصداقيته، ومن غير الممكن إصلاحه فهو عنصري لا يحبّ كلّ ما هو عربي ومسلم. مشيرا إلى ظهور مواقع إلكترونية مساندة لغزة بعد الحرب عليها، ليؤكّد  أهمية التأثير على هذا الإعلام الذي بدوره قد يؤثّر على إسرائيل  لصالح فلسطين.

تطرق الناعوق أيضا إلى حجم المعاناة النفسية للفلسطينيين الذين يعيشون تحت نيران المستعمر الإسرائيلي وفي هذا قال "حينما بلغني نبأ وفاة بعض أفراد عائلة زوجتي لم تكن ردّة فعلي مناسبة لهذا الحدث الأليم وكأنّ مشاعري تلبّدت، أعتقد أنّ الاستعمار لم يقض فقط على أرواحنا وأجسادنا بل على أمور أخرى يصعب على الطبيب النفسي معالجتها".