"الرواية والسينما" في إمدغاسن
دعوة لتعميق النقاش حول علاقة الفنَّين

- 196

في إطار فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للسينما "إمدغاسن"، أكد الروائي والإعلامي طاهر حليسي، أن قانون الصناعة السينماتوغرافية يهدف إلى خلق ديناميكية اقتصادية حقيقية في المجال الثقافي، من خلال تشجيع الاستثمار، ودعم المبادرات الخاصة، ما من شأنه أن يدفع بعجلة الإنتاج السينمائي، ويُعزّز فرص الشراكة بين الأدب والسينما.
خلال ندوة عنوانها "الرواية والسينما" شدّد حليسي على أهمية تعميق النقاش حول العلاقة المتجذّرة بين الفنين، مؤكّداً أنّ العلاقة بين الرواية والسينما ليست مجرد تلاقٍ عابر، بل هي علاقة تبادلية متينة، قائمة على الإلهام، والتأثير المتبادَل. فالرواية، حسبه، تنقل عوالمها النصّية إلى الشاشة عبر "الاقتباس السينمائي"، وهي عملية فنية دقيقة، تتطلّب الحفاظ على جوهر النص الأصلي، مع تحويله إلى لغة بصرية، تتجسد في الصور، والأصوات، والمشاهد.
وفي المقابل، قال حليسي إنّ الرواية هي الأخرى تستفيد من السينما، حيث تساهم الصورة السينمائية أحيانا، في تجديد أساليب الكتابة الروائية، خاصة مع تطوّر السرد البصري والتقنيات الحديثة التي أثّرت على الكتابة الإبداعية المعاصرة.
ولم يفت حليسي في تدخّله التطرّق إلى أهمية البعد الثقافي في صون الذاكرة الجماعية، من خلال توظيف الرواية كوسيلة للحفاظ على التراث والتاريخ. وقد استعرض في هذا السياق تجربته الخاصة في مجال الكتابة، مؤكّداً أنّ اهتمامه بالرواية نشأ موازاة مع عمله في الحقل الإعلامي، مدفوعا بشغف مبكر دفعه إلى التأمّل في الكتابات الأدبية، وتأثّرٍ خاص بتجربته الجامعية في مدينة قسنطينة، التي مثّلت له منطلقا لتجسيد أفكار إبداعية تصب في خدمة الذاكرة الوطنية.
وأوضح الروائي أنّ اختياره الأدب كمسار تعبيري، لم يكن صدفة، بل نابعا من رغبة حقيقية في تقديم صوت ثقافي يوثّق لمرحلة الثورة، ويستحضر رموزها، مشيرا إلى أنّ "التنقيب في التراث وربط الماضي بالحاضر هو جهد ثقافي، يحمل مسؤولية التعريف بأعلام وشخصيات المنطقة، والترويج لتجاربهم، وتصوراتهم، ومواقفهم"، كما قال.
وختم حليسي بالقول إنّ الرواية ليست فقط شكلاً من أشكال الإبداع، بل أداة فعالة في تدوين الذاكرة، وبناء وعي ثقافي يعزّز الهوية، ويخدم التنمية الثقافية على المدى البعيد.