انطلاق الأيام العربية للمسرح في سطيف

دورة كسب الرهان

دورة كسب الرهان
  • 571

افتتحت، فعاليات الدورة الثالثة للأيام العربية للمسرح، مساء أول أمس، بدار الثقافة "هواري بومدين" في سطيف، التي تحمل اسم "الشهيد حسان بلكيرد"، أحد رواد الفن الرابع بالمدينة. وأشرف الوالي مصطفى ليماني، على إعطاء إشارة الانطلاق الرسمي، بحضور السلطات المحلية وجمهور غفير من الفنانين الجزائريين والعرب، في أجواء احتفالية، جمعت بين البعد الفني والذاكرة الجماعية.

مبعوثة "المساء" إلى سطيف: دليلة مالك

في كلمته، أكد الوالي أن احتضان سطيف لهذه التظاهرة العربية، يعكس المكانة المرموقة للمسرح في الحياة الثقافية الجزائرية، مبرزًا أن الأيام المسرحية تشكل فضاءً للتلاقي وتبادل الخبرات، وموعدًا يكرس قيم الحوار والتواصل بين الجزائر وأقطار عربية شقيقة. كما جدد دعم الدولة اللامشروط للفن والمبدعين، مثمنًا جهود المنظمين في إنجاح هذه التظاهرة.

من جهته، أوضح مدير الأيام المسرحية العربية، فاروق رضاونة، أن هذه الدورة تحمل رسالة فنية بقدر ما تعبر عن وحدة الشعوب العربية، مشيرًا إلى لوحة رمزية ستُقدَّم في حفل الاختتام بعنوان "صمود حنظلة"، تعبيرا عن التضامن مع فلسطين. كما دعا وزارة الثقافة والفنون إلى ترسيم هذه الأيام وضمان استمراريتها، باعتبارها إضافة نوعية للساحة المسرحية الوطنية والعربية.

السهرة الافتتاحية عرفت تقديم أعضاء لجنة التحكيم، التي يرأسها الفنان محمد فريمهدي، إلى جانب سميرة صحراوي وجمال عبيدي من الجزائر، وحيدة الدريدي من تونس، وعبير عيسى من الأردن. كما تم التعريف بالمؤطرين الذين سيشرفون على الورشات التكوينية الموجهة للشباب في مجالات الأداء، الإخراج، السينوغرافيا والكتابة الدرامية.

ولم يخلُ الموعد من لمسة وفاء، حيث كُرم الفنان والباحث توفيق مزعاش، إلى جانب صليحة بلكيرد، شقيقة الشهيد الذي تحمل الأيام اسمه، في مشهد جمع بين الذاكرة والوفاء للمسارح الأولى التي صنعت مجد المدينة. كما حيت الوفود العربية، وفي مقدمتها العراقية، هذه المبادرة، في إشارة إلى ما تحمله سطيف من رمزية ثقافية تتجاوز حدود الوطن.

وقد كان جمهور دار الثقافة "هواري بومدين" على موعد مع العرض الافتتاحي بمسرحية "الشبيه"، إنتاج المسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي"، التي قُدمت في مشاركة خارج المنافسة. 

رضاونة يجدد مطلبه بترسيم الأيام

كشف فاروق رضاونة، مدير الأيام العربية للمسرح، في ندوة صحفية نشطها على هامش فعاليات الدورة الثالثة بسطيف، أنه سيعيد تقديم طلب رسمي إلى وزارة الثقافة والفنون، من أجل ترسيم هذه التظاهرة وجعلها موعدًا ثابتا في الأجندة الثقافية الوطنية، مشيرا إلى أن هذه الدورة هي دورة كسب هذا الرهان الكبير.

وأوضح رضاونة، أنه سبق له إيداع ملف متكامل لدى الوزارة الوصية، يضم مقالات صحفية عديدة، تابعت مختلف دورات التظاهرة على المستويين الوطني والعربي، وهو ما يعكس، حسبه، الاهتمام الكبير الذي حظيت به الأيام العربية للمسرح منذ تأسيسها.

في السياق نفسه، أقر مدير التظاهرة، بأن تنظيم هذه الأيام لم يكن مهمة سهلة، مشيرًا إلى جملة من الصعوبات التي واجهت دورة هذا العام، وفي مقدمتها مشكل التمويل، ما تطلب مضاعفة الجهود لضمان إنجاح الدورة الثالثة.

وأكد رضاونة أن الرهان الأساسي يبقى في الاستمرار، وجعل هذه التظاهرة فضاءً قارًا للحوار المسرحي العربي، بما يخدم المبدعين ويعزز جسور التواصل الفني والثقافي بين الجزائر وبقية الدول المشاركة.

"العين بالعين" تفتتح المنافسة العربية

دخلت مسرحية "العين بالعين" للمخرج نبيل بن سكة، وإنتاج الجمعية الثقافية للموسيقى الكلاسيكية، منافسة الدورة الثالثة من الأيام العربية للمسرح في سطيف، والعمل سيكودراما كتبها مراد بن شيخ، جاء ثمرة ورشات تكوينية للشباب، أغلبهم على الركح لأول مرة، باستثناء ممثل واحد فقط.

النص يعالج قضايا حساسة، على غرار الأنانية، التمسك بالسلطة، التخلي عن المبادئ، وحتى البعد السياسي لحب القيادة. القائد في الحكاية يبدو حكيماً، لكنه سرعان ما ينكشف طامعاً وجشعاً، ليصبح أعور حين يصل إلى الحكم. 

الفكرة واضحة في الورق، لكن على الركح، ضاعت الرسالة.

الحوار جاء غامضاً، الأداء غير متماسك، والانسجام غائب. الجمهور خرج بانطباع واحد "لم نفهم شيئا"، غياب الإيقاع المسرحي حول النص من مادة فكرية غنية إلى مشاهد مبتورة.

أما السينوغرافيا، فقد صممها الشاب شاوي خُواثرة، الحائز على الجائزة الكبرى في مهرجان المسرح المحترف خلال سنوات الألفين. وقد بُني الديكور على فكرة "اللا-مكان"، أي فضاء مفتوح يخرج عن الزمان والجغرافيا، لكنه يكشف تدريجيا، من خلال الرسومات على القماش، عن معالم "مغارة، أرض، فضاء" عبرت به حضارات مختلفة. تتجلى فيه زخارف أمازيغية ورومانية ويونانية وغيرها، في إشارة إلى أن القصة ليست محصورة بحدود معينة، بل تتعلق بالإنسانية جمعاء. فالقيم السلبية، مثل الأنانية، والجشع، وحب السلطة، موجودة في كل الأزمنة، وفي كل إنسان، ومن هذا البعد الكوني تنطلق رؤية العرض المسرحي.