"وراء دموع جدتي" و"تاونزا قصة المصائر" لفروجة أوسمر

ذكريات من الثورة ومن تحولات المجتمع

ذكريات من الثورة ومن تحولات المجتمع
الكاتبة فروجة أوسمر
  • 482
مريم . ن مريم . ن

استضاف موعد "أربعاء الكلمة" بفضاء "بشير منتوري"، مؤخرا، الكاتبة فروجة أوسمر لتقديم كتابيها "وراء دموع جدتي" و«تاونزا قصة المصائر"، مستحضرة لقطات من الذاكرة التي كانت المادة الخام لإبداعها، ناهيك عن أهمية كتابها الأول الذي يعد بمثابة تأريخ لمرحلة الثورة، وما تلاها من تحولات اجتماعية.

أشارت ضيفة اللقاء، إلى ظروف دخولها معترك الكتابة، مستهلة حديثها عن كتابها "تاونزا قصة المصائر"، وهو مجموعة من القصائد صنعتها قريحة حساسة، علما أنها كانت تكتب وراء الستار، ولم تكن بعد معروفة عند الجمهور الجزائري، وتذكر أنها ذات مرة علقت قصائدها على جدران قاعة الأساتذة بالثانوية التي كانت تدرس فيها، وعندما قرأها زميلها مدرس الأدب الإنجليزي شجعها كثيرا، وهنا قالت "الشعر عندي إحساس باللحظة التي أسارع لتسجيلها"، كما ذكرت اسم السيدة نورة بوزيدة التي شجعتها على النشر، وقد سجلت في شعرها صورا من الحياة بقيت عالقة في الذاكرة.

عن العنوان قالت، إن "تاونزا" تعني بالقبائلية المصير أو المكتوب، وهي تعني النهاية والجواب النهائي، فأمها عندما تقول "هذا هو المكتوب" يعني لا مجال أمامها للتعليق.

عن الشعر دوما، قالت الكاتبة إنها كانت تعتقد أنها تكتبه لنفسها، لتكتشف أنه عبر للناس بسلاسة، مشيدة بقصائد الهايكو التي كتبتها، والمنشورة أيضا، وهي تحبه لبلاغته وارتباطه بالطبيعة، علما أنه يتكون من ثلاثة أبيات و17 وحدة إيقاعية، فمثلا كلمة "سنونوات" تعني الربيع، و"الثلج" هو الشتاء وهكذا. كتاب "تاونزا" هو أيضا تكريم لروح صديقتها الشاعرة فضيلة حرزي فلاق، رفيقة الدراسة، ثم أصبحتا معا شاعرتين نشطتا عدة قراءات مشتركة، وذكرت الكاتبة كيف كان خجلها وهي تواجه الجمهور، منه خالتها ربة البيت، لتسهب بعدها في الحديث عن علاقتها بأمها الصارمة، والتي لم تخصص لها مكانا في نصوصها، وظلت أوسمر وفية للراحلة فضيلة وزارت قبرها، وقالت إن الشاعر يموت، لكن شعره باق.

"وراء دموع جدتي".. نجاح تحقق

بالنسبة لكتابها الثاني "وراء دموع جدتي"، قالت إنه حقق انتشارا واسعا في عدة طبعات، جلب القراء ونال رضاهم، لأنه يعرض أحيانا بعضا من الذكريات المشتركة، ووصفته بتجربة جادة تطلبت الكثير من الجهد، وهو يتناول بعضا من حياة جدتها التي تعلقت بها كثيرا وأحبتها، كيف لا وهي أم أبيها الشهيد وأم 3 شهداء من بين 4 أبناء، لم يبق منهم سوى عمها الوحيد المجاهد والمتعلم، والذي اشتغل ضابط شرطة، وكان نعم الأب لبناته، رافقهن حتى وصلن إلى مراتب علمية مشرفة، في وقت كانت فيه المرأة والفتاة لا زالت ترضخ تحت حكم مجتمع، وعائلة محافظة ليس من السهل عليها أن تتحرر ابنتها.

كانت هذه الجدة، كما قالت السيدة فروجة، لا تكف عن البكاء على أبنائها الشهداء، وكانت تحس بالوهن والمرض، فتسارع يوميا لطبيب بتيزي وزو، ولا يجد فيها شيئا، مؤكدا على سوء حالتها النفسية من فرط الحزن، وفي كل ذلك كانت الجدة تحس دوما بالضجر وبالحرارة، فتفضل النزول إلى سرداب البيت طلبا للجو الرطب، وكانت الصغيرة فروجة تنزل وتقيم معها، وعندما أصبحت يافعة في سن أقل من 14 سنة، توفت الجدة، فانهارت ولم تدخل البيت كي لا تراها ميتة، وبقيت عند الجيران.

وصفت الكاتبة حال المجتمع القبائلي المحافظ في تلك الفترة، أي في الستينيات والسبعينيات، وكيف كان التحاقها بجامعة الجزائر قادمة من عاصمة جرجرة، وكانت أمها في كل مرة تعود توصيها بضرورة احترام إخوتها، لكنها استعانت بعمها المثقف الجامعي والمجاهد الذي كان يشجع تعليم البنات.

عن هذا الكتاب الذي يحمل بعض التفاصيل التاريخية، رغم أنها لا تتذكر شيئا عن هذه الثورة، التي اندلعت قبل ميلادها بعام واحد، لتذكر دور المؤرخ الكاتب دحو جربال، ودوره في ذلك، خاصة عندما طالب جميع من عايش الثورة التحريرية الكتابة عنها، لتبادر إلى كتابة هذا المؤلف.

وقالت "أرسلت ما كتبت إلى جربال، ليراسلني في اليوم الموالي، مبديا إعجابه بما كتبته، مطالبا إياي بنشره، فاتصلت بناشرين، لكن ذلك كان غير ممكن في فترة "الكورونا"، ليتم التواصل مع الناشر الثالث أرزقي آيت العربي صاحب دار "كوكو"، الذي رفض هو الآخر، ثم غير رأيه بعد قراءته المخطوط، ليطلب بأن يكون دحو جربال، هو من يكتب المقدمة، ولم يتردد هذا الأخير، ليصدر الكتاب في ماي 2021."

أكدت الكاتبة أن هذا الكتاب بطلته "لولوج"، وهو اسم مستعار لتعبر عن نفسها، وفي الحقيقة أن في محيطها القبائلي (منطقة آيت يني) غالبا ما يكون للشخص اسم آخر ينادى به، واستغلت هذا الاسم كي تخفي هويتها عن إخوتها، خوفا منهم، لكن بعد نجاحه، افتخروا بها جميعا، خاصة في بيعها بالتوقيع للكتاب بتيزي وزو.

للإشارة، تحدثت الكاتبة أيضا عن والدها الشهيد الذي تركها في عمر 5 سنوات مع 7 إخوة، لقد استشهد تحت التعذيب، ثم تكفل أخوها ذو 16 سنة بالعائلة، كما تناولت دور عمها "دمامو" في إحباط مخطط العصفور الأزرق وعلاقته بالراحل كريم بلقاسم.  اللقاء كان فرصة أيضا، تناولت فيه الضيفة نشاطها الثقافي، منها ورشات الكتابة التي تؤطرها للكبار والصغار.