يقدم أكبر استعراض تاريخي للموسيقى العربية

رحلة نغمية في معرض باريسي

رحلة نغمية في معرض باريسي
  • 628

يجول معرض في العاصمة الفرنسية باريس، على تاريخ الموسيقى العربية في عهودها المختلفة، من الحداء في الجاهلية إلى التكنو الشعبي إبان احتجاجات "الربيع العربي"، مرورا بما رافق ظهور الإسلام من تعبير نغميّ.

يشكل هذا المعرض المسمى "الموسيقى" والذي بدأ يوم الجمعة، بتنظيم من فيلهارموني دو باريس، أكبر استعراض تاريخي لثراء الموسيقى العربية، ابتداء من أهازيج البدو في الصحراء في العصور الغابرة، وحتى يومنا هذا، ويشكّل المعرض إضافة إلى ذلك مناسبة "لمواجهة البعض من الأحكام النمطيّة" على العالم العربي في الغرب، في ظلّ النزاعات والاضطرابات وأزمة المهاجرين التي تلقي ثقلها على عاتق أوروبا، وفقا لفيرونيك ريفيل المشرفة على المعرض.

يأخذ معرض "الموسيقى" الباريسي زوّاره في رحلة تاريخية تعود بهم إلى أنغام بلاد العرب في العصر الجاهلي، مع أغاني الحداء التي كانت تغنّى على وقع أقدام الجِمال وهي تتحدى قيظ الصحراء، ومع القصائد العصماء التي أطلق عليها اسم "المعلّقات" وشكّلت الأركان الأساسية في ديوان العرب، ومع القينات اللواتي كانت أنغامهن تُطرب الأسواق والحانات وبيوت المرفّهين في تلك الأزمنة.

ينساق المعرض مع المسار التاريخي للمنطقة، فيمرّ على ما ظهر مع ظهور الإسلام من تعبير نغميّ، لاسيما الأذان، وقالت ريفيل "قيل لي إن موضوع الموسيقى في الإسلام هو من المحرمات، لكن التعبير النغمي حاضر في الشعائر الدينية نفسها، في الأذان وقراءة القرآن".

إذا كان عدد من الآراء الفقهية ذهب إلى تحريم استخدام الآلات الموسيقية، إلا أن الرأي الآخر كان هو الغالب عمليا في أزمان النهضة العربية، لاسيما في العصرين العباسي والأندلسي، حين اختلطت في الموسيقى ملامح الشرق والغرب.

يعرج المعرض أيضا على شخصيات طبعت تاريخ الموسيقى العربية وكانت لها بصمة واضحة من المعلم زرياب في العصر العباسي، إلى الفنانة المصرية أم كلثوم في القرن العشرين، وتشير المشرفة على المعرض إلى الدعم الرسمي الذي كانت تحظى به الفنون والموسيقى، خصوصا في عهود إسلامية مختلفة، وأن بعض الخلفاء كانوا يختارون مغنّيهم الخاص ممن يفضّلونه على سائر مطربي عصره.

ينتقل المعرض بعد ذلك إلى الموسيقى الصوفية، لاسيما مع دخول الإسلام إلى إفريقيا، مركزا على الطرق الصوفية في المغرب والجزائر وتونس. إلى جانب كل ذلك، لوحة ضخمة للفنان شانت أفيديسيان تصوّر كبار المغنين العرب في القرن العشرين، من أم كلثوم وأسمهان، إلى فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ، ويمرّ المعرض أيضا على موسيقى لبنان وخصوصا فيروز، آخر من بقي من كبار زمن النهضة الموسيقية العربية، والمغنية الراحلة صباح وعدد من المغنين والمغنيات من المشرق.

يخصص المعرض مساحة للفنانين العرب المهاجرين الذين "أثروا الحياة الثقافية الفرنسية"، حسب المشرفة عليه التي تُذكّر أن موسيقى الراي انطلقت في ثمانينيات  القرن الماضي من فرنسا إلى كل العالم، وأكدت ريفيل أن "الموسيقى العربية تُسمع اليوم في المسارح والنوادي الليلية والمقاهي.. لم تعُد شيئا غريبا"، ويركّز القسم الأخير على الموسيقى العربية المعاصرة، لا سيما الموسيقى الشعبية الإلكترونية التي تمزج خاصيات الغناء الشعبي المصري مع الأصوات الكهربائية.(وكالات)