«رحابة خنشلة»

طابع غنائي راقص أصيل تضبط إيقاعه الأرجل

طابع غنائي راقص أصيل تضبط إيقاعه الأرجل
  • 2767
 ق.ث ق.ث

 هي رقصات مرفقة بإيقاع معيّن تضبطه الأرجل وتعرف باسم «الرحابة»، الطابع المميز لولاية خنشلة كموروث لامادي استطاع الشاوية المحافظة عليه واستحضاره في العديد من المناسبات، وتعود تسمية «الرحابة» إلى الترحيب، ومن خلالها يرحّب بالضيوف في الأعراس والمناسبات واسمها الأصلي لدى الأمازيغ القدامى «ثارداست» والتي تعني الضرب بالأرجل على الأرض مع الغناء حسبما أفاد به لوكالة الأنباء الجزائرية، الباحث في تاريخ الأوراس محمد  الصالح أونيسي.

عن تاريخ هذا الطابع العريق الذي يعود إلى قرون مضت فهو عبارة عن رقصات تنتمي إلى حوض البحر المتوسط بالشمال الإفريقي، والتي تعرف على أنّها رقصات إفريقية مشابهة لرقصات «أحواش وآحيدوس وآكوال» المغربية الأصل، وفقا للباحث الذي أردف أنّ ما يصاحب هذا الفن من آلات موسيقية على غرار القصبة والبندير، يعدّ دخيلا غير متأصّل ضمن هذا الموروث الثقافي الذي لا تزال فقط ولاية خنشلة محافظة عليه بعد أن كان منذ زمن بعيد منتشرا في شتى ربوع الشمال  الإفريقي. 

«الرحابة» موروث له أصنافه وطوابعه

في حديثه عن أصناف «الرحابة» وكيفية تأديتها، ذكر الباحث أونيسي أنّها على ثلاثة أصناف، فقد يؤدى الترحاب - كما وصفه - نسبة إلى الرحابة، هذه الرقصة الملازمة للغناء بصفين من الرجال، يقابل أحدهما الآخر أو بصفين من النساء على نفس الشاكلة المذكورة سابقا، أو بصف من الرجال يقابل صفا من النساء وهو الصنف الذي  اندثر لعدّة اعتبارات وعوامل خاصة الدينية منها. 

وأضاف لدى تذكيره بطبوع «الرحابة»، التي أورد أنها ثلاثة يسمى أحدها الطابع «الأوجاني» نسبة إلى أولاد أوجانة بولاية خنشلة والذين ينتشرون بعدة بلديات على غرار يابوس وبوحمامة وتاوزيانت وهو الطابع الذي يؤدى فيه الغناء بصوت حاد تتبعه رقصات بالأرجل وحركات خاصة للكتفين برفعها وخفضها. 

ويضاف إلى ذلك طابع لعمامرة المنتشر بمناطق طامزة والحامة وانسيغة وأولاد يعقوب، وتتميّز رقصته بالضرب بقوّة بالأرجل على الأرض يصاحبها غناء بصوت رخيم  جهوري، كما يؤدى طابع النمامشة برقصات مميزة تتوسّط في شكلها الطابع الأوجاني وطابع النمامشة ويكون صوت الغناء فيها حادا. 

غناء «الرحابة» رسائل ومعان

اعتمادا على تراكيب نحوية وصرفية أمازيعية، يتمّ تشكيل قصائد بالدارجة أو العامية والشاوية الأمازيغية متعدّدة الأغراض والرسائل، يؤدي فيها «الرحابة» أغاني ذات مضامين اجتماعية ودينية يطبعها التفاخر بالأنساب وتمجيد تاريخ الأوراس والشاوية والتغني بالغرام والغزل بطريقة فنية يمتزج فيها الأداء بالمضمون الهادف، بعيدا عن دونية المعنى والألفاظ المشينة، وفقا للباحث في تاريخ الأوراس.

 على غرار الجمعيات الثقافية المحلية، تنشّط جمعية «الأصالة» ببلدية طامزة (25 كلم جنوب - غرب خنشلة) التي تأسّست مطلع التسعينيات ممثّلة للعديد من الطبوع على غرار الفلكلور والأغنية العصرية و«الرحابة»، التي تسعى الجمعية - وفقا لرئيسها بلقاسم سالمية - إلى المحافظة عليها ونقلها للأجيال القادمة كتراث بعيدا عن كونها دخلا ماديا مثلما تشتغل عليه كثير من الفرق. 

وعبّر رئيس جمعية «الأصالة» عن افتخاره بكون فرقة «الرحابة» التي تنتمي إلى نفس الجمعية قد سجّلت العام 1998 أوّل شريط سمعي أدّت فيه غناء طابع «الرحابة»، واعتبر السيد سالمية أنّ المحافظة على الطابع «الرحبي» على حدّ وصفه يتطلّب عناية خاصة من قبل الجهات الرسمية، وبشكل أخص قطاع الثقافة من خلال الترويج له كموروث لامادي يعتني به أولو الاختصاص، بالإضافة إلى تشجيع الجمعيات المهتمة بتراث وتاريخ الأوراس، مشيرا إلى أنّ جمعيته على سبيل المثال لا تحوز على مقر. 

من جهتهم، دعا مهتمون بالشأن الثقافي وتراث منطقة الأوراس بخنشلة إلى الحفاظ على هذا التراث المميّز للمنطقة من الاندثار من خلال تصنيفه كتراث إنساني عالمي، مثلما هو الحال بالنسبة لـ«أهاليل وإيمزاد» الطابعين الفنيين الجزائريين العريقين ولمَ لا إنشاء مدرسة وطنية للاهتمام بكلّ الفنون الشاوية بحكم أنّها نتاج الإنسان الأمازيغي في محيطه وبيئته ورمزية تاريخية بمنطقة الأوراس الأشم.