"كرنفال روماني" على ركح "مجوبي"
عرض يختزل عمق النص وجنون الأداء

- 106

ألهب عرض "كرنفال روماني"، أول أمس، ركح المسرح الجهوي "عز الدين مجوبي"، في الليلة الختامية لتظاهرة "عنابة فكاهة SHOW"، مجسدا توليفة فنية نادرة، جمعت بين قوة النص المجري، وجسارة الأداء المحلي. العرض الذي أنتجه المسرح الجهوي لقسنطينة، حمل توقيع المخرجة موني بوعلام، واقتُبس عن نص الكاتب المجري ميكلوس هوباي، ليُقدَّم في معالجة درامية وسينوغرافية، أعادت تشكيل الفضاء المسرحي كأنه كرنفال داخلي متمرد على الرتابة.
لم تكن المسرحية مجرد عرضٍ عابر، بل تجربة مسرحية متكاملة. الجمهور لم يكن مجرد متلقٍ، بل بدا كأنه عنصر فاعل، يتنقل بين مشاعر الضحك والتساؤل، وسط أداء جسدي وتعبيري عالي المستوى.
على الخشبة، تألقت كل من الممثلة رجاء هواري ورفقاؤها شاكر بولمدايس، زاكي وافق، باديس عنانة، ريان حمايدي، فريد زواوي، رشاء سعد الله، وإسلام حدرباش، ليشكلوا كتيبة مسرحية، أثبتت أن التمثيل في الجزائر لا يزال قادراً على خلق الدهشة حين يتوفر له النص والرؤية والالتزام.
المخرجة موني بوعلام، قدمت رؤية إخراجية متجددة، لعبت فيها على أبعاد متعددة، السخرية السياسية، نقد البيروقراطية، والمفارقة الكرنفالية بين السلطة والشعب. أما السينوغرافيا التي أشرفت عليها شهيناز نغواش، فقد نسجت فضاء بصريا متحركا، منح العرض حيوية دائمة، وجعل كل مشهد حكاية مستقلة في الإضاءة واللون والحركة.
المسرحية لم تأتِ كإغلاق روتيني لتظاهرة فكاهية، بل كمحطة نوعية تعلن نضج هذه الفعالية السنوية، وقدرتها على المزج بين الفكاهة والمسرح الهادف. وفي لحظة إنسانية لافتة، كرمت إدارة التظاهرة الفنان الكوميدي والمنشط طاهر سفير، تقديراً لحضوره المتوهج خلال السهرات، وروحه المرحة التي شكلت الجسر العفوي بين الجمهور والعروض.
بهذا العرض، أسدلت "عنابة فكاهة SHOW" ستارها، تاركة خلفها ليالٍ من الضحك، والحوار، والمسرح الذي لا يزال قادرا على مخاطبة الوجدان، حتى في زمن صاخب لا يمنح الفن فسحته بسهولة.
يوم الطفل الجزائري
احتفالية بالأمل والبراءة في رحاب عنابة
احتضنت ولاية عنابة، فعاليات مميزة، احتفاء باليوم الوطني للطفل الجزائري، المصادف لـ15 جويلية، بشعار "كلنا من أجل أطفالنا في الجزائر المنتصرة"، وسط أجواء ثقافية وترفيهية جمعت بين الإبداع والرسالة الإنسانية.
من 14 إلى 16 جويلية، تحولت قاعة "سينماتاك عنابة" إلى فضاء فني نابض بالحياة، من خلال عروض مسرحية وتنشيطية وسينمائية وورشات تربوية تفاعلية، ضمن تظاهرة "أيام سينما الطفل"، التي عرفت توافدا كبيرا من الأطفال وأوليائهم.
في هذا الإطار، قدمت جمعية "مبدعون بلا حدود" بعنابة، عرضا شيقا لمسرحية "الفأر الخياط"، التي حملت مضامين تربوية بأسلوب ساخر ومحبب للصغار، مجسدة القيم الاجتماعية والإرادة في التغيير.
كما استقبلت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية "سليمان بركات"، مجموعة من الأطفال، في إطار أنشطة موجهة خصيصا لهم، اشتملت على ورشات في الرسم والتلوين، إلى جانب عروض سردية تربوية وألعاب تعليمية.
وضمن روح التضامن العربي، خُصصت فقرة رمزية للطفل الفلسطيني، قُدمت خلالها مسرحية "الصمت الغاضب"، في رسالة وجدانية، تؤكد أن الجزائر لا تنسى قضايا الأمة، ولا تغفل عن آلام أطفالها.
رافق الاحتفال، نشاط المكتبة المتنقلة، التي جابت الأحياء والمؤسسات الشبانية، مانحة للأطفال لحظات من المطالعة والاكتشاف، في خطوة لتعزيز القراءة وتوسيع دائرة الثقافة.
السينما بدورها، حضرت بقوة، من خلال عروض سينمائية تربوية قصيرة، تم اختيارها بعناية، لتناسب عقل الطفل ووجدانه، مع نقاشات مصغرة عقب العروض، أدارها مختصون في التربية والنقد الفني.
في أجواء بهيجة، اختلطت فيها ضحكات الأطفال بألوان الإبداع، أثبتت هذه التظاهرة أن الطفل الجزائري ما زال في صلب الاهتمام الثقافي والتربوي، وأن الاستثمار فيه هو استثمار في جزائر الغد، جزائر الوعي والانتصار.