أحمد مالك..

عملاق الموسيقى التصويرية

عملاق الموسيقى  التصويرية
الموسيقار أحمد مالك
  • 892
مريم. ن مريم. ن

تربع الموسيقار أحمد مالك على عرش الموسيقى التصويرية في الجزائر، تاركا بصماته العملاقة في سجل الموسيقى الجزائرية، في رحلة دامت قرابة الخمسة عقود، انتهت به في فراش المرض الذي لم يرحم عطاءه وماضيه. من يستمع إلى موسيقى أحمد مالك، يربطها على الفور وبدون تردد، بموسيقى الراحل محمد اقربوشن، وهذا لفرط التشابه الذي يجمع العملاقين، وتعرف روائع أحمد مالك أكثر مما يعرفه الجمهور، فقد حاول العمل في صمت، ولم يسع طوال مسيرته إلى أي بهرجة أو مكاسب مادية.

ولد الفنان أحمد مالك في 6 مارس سنة 1931 ببرج الكيفان من عائلة عاصمية المنشأ، التحق بالمعهد الموسيقي سنة 1942، ومكنته هذه الفرصة من تعلم العزف على آلة الناي (الناي الجانبي)، واختص أيضا فيما بعد في العزف على آلة البيانو والأكورديون. مع حلول سنة 1947، انخرط أحمد مالك في الجوق العصري للإذاعة، تحت قيادة مصطفى اسكندراني، كما نشط في فرقة موسيقية لـ"أميدي كربونال" الذي كان يشجع المواهب الجزائرية، كما كان يتعامل مع بعض الفنانين والفرق الجزائرية، من خلال عمله كموزع موسيقي.

لفرط موهبة أحمد مالك التي سرعان ما انتشرت في الوسط الفني، استدعاه الراحل حداد الجيلالي ليضمه إلى فرقته، وكان أحمد مالك يعزف على آلة الأكورديون، مثله مثل حداد الجيلالي، ومع بداية فترة الخمسينيات، أسس فرقته الخاصة، وتشابه خطه في الموسيقى مع أعمال إقربوشن.

بعد الاستقلال، وجد مالك نفسه محتكرا لنوع الموسيقى التصويرية، ولم يكن له منافسون، ما عدا بعض الملحنين الفرنسيين الذي لحنوا لبعض السينمائيين الجزائريين، كأحمد راشدي ولخضر حامينة، إضافة إلى فيلم "معركة الجزائر"، هكذا واصل عطاءه الذي أخذ ينمو سنة بعد أخرى، واختص في تلحين موسيقى الأفلام والحصص واللقاءات وغيرها، وكان يتحمس لكل إنتاج جزائري.

مع بداية الثمانينيات، أدخل مالك تقنية الموسيقى الإلكترونية في أعماله بلمسة خاصة به، وأنشأ استديو خاصا في بيته، لينجز فيه أعمالا كثيرة أضافها إلى رصيده الحافل، كما شارك في عدة ملتقيات دولية في كندا واليابان وغيرهما، باعتباره خبيرا في مجال الموسيقى، واحتك مع كبار النقاد والمؤرخين السينمائيين العالميين.

من روائع أحمد مالك الذي توفي عام 2008، موسيقى فيلم "عطلة المفتش الطاهر" (1972)، "ليلى وأخواتها" (1977)، "المنطقة المحرمة" (1972)، "الفحام" (1972)، "عمر تلاتو" (1976)، "بلا جذور" (1976)، "حواجز" (1977)، "تشريح مؤامرة"(1977)، الى جانب "مغامرات بطل" (1978)، "سقف وعائلة" (1982) "زواج موسى" (1982)، "امبراطورية الأحلام"، "الرجل الذي ينظر من النافذة"، "رحلة شويطر"، وأشهر عمل قدمه للتلفزيون كان "الحريق". كما عمل الفنان مع التونسيين من خلال فيلم "عزيزة" سنة 1970.

كان أحمد مالك موجودا في كل مكان، وفي كل زمان، يفرض عمله على الجميع، لذلك كان يظهر بقوة على الساحة، تميز أيضا بإحساسه المرهف، فلم يؤلف تلاحينه بشكل آلي، وإنما يغمسها في هذا العمل أو ذاك. وأحمد مالك رجل مبادئ، فهو يرفض الوصولية، ولم يجن الثروة من أعماله، لأن هدفه لم يكن ينحصر في المكاسب المالية. وسجل قرصا مضغوطا في باريس، وآخر في تونس، مع نهاية الثمانينيات، يتضمنان مجموعة أعماله.