كريمة عيطوش تفسر الحياة في قصص "الوجه الثالث للموناليزا"
- 1616
تقدم الكاتبة كريمة عيطوش مجموعتها القصصية الأولى "الوجه الثالث للموناليزا" محملة بالحب، الحياة، الموت والخيانة عبر 176 صفحة من القطع المتوسط. وكأنها تريد أن تلخص موقفها من الحياة كلها، أو تشرحها.
وتبدو لغة قصة "الوجه الثالث للموناليزا" -القصة العنوان للمجموعة- أعلى من لغة بعض القصص، والسبب يبدو معقولا، إذا عرفنا أن الكاتبة قد اشتغلت على المجموعة في أوقات متقطعة فبعضها يعود إلى سنوات سابقة كما أشير في ختامها.
كما تضع كريمة عيطوش، القارئ بين عالمين أحدهما صامت والآخر قلق في قصة "صوت الصمت" التي تتحدث فيها حمامة وتتداخل فيها العوالم في داخل البطلة الراوية التي تحمل عالمها داخلها. وفي قصة "خدعة الأزهار" تتبع الكاتبة مسار الحب، حيث تبدأ الحكاية في مكتبة وتعود إليها بعد رحلة معرفية بين العاشقين اللذين يكتمان حبهما بينما يدركه القارئ بسهولة.
أما في نص "الكفن الأزرق" وهو الأطول نسبيا فقد شرحت الكاتبة مأساة الشباب الذين هاجروا (حرقة) وقضوا في البحر، ورغم أن حجم المأساة كان كبيرا إلا أن رصد التفاصيل قلص من وقعها. كما تبلغ القسوة ذروتها في قصة "صانع الفراغ" حيث يصبح الانتقام الذي يلي الخضوع شيطانيا، فالزوجة الخاضعة تهدي زوجها عذابات مجتمعة في جرعة واحدة، لتصبح صانعة خراب إلى جانبه.
وفي قصتيّ "رسالة على شاهد" و"رحل ولم يقل شيئا" تقترب القاصة أكثر من أجواء الراحلين فتقدم صورة الفقيد الحبيب والأم، وترسم تفاصيل ما بعد الرحيل لدى المحبين مراهنة عليها دون الحزن. أغلب القصص تصدرت بعتبات لكتاب وشعراء كبار ما يبدو بمثابة دعم لرؤاها أو استئناس برؤى هؤلاء الكتاب، وهو ما يسمح للقارئ أن يتلمس نوع القراءات المختلفة للكاتبة.
وتشترك بعض قصص المجموعة الصادرة، مؤخرا، عن منشورات ميم في الاحتمالات التي تصدم أفق المتلقي في كل مرة، وقد قصدت الكاتبة أن تضع مسارات القصص في وجهات مختلفة لتوقع القارئ. وفي كل قصة من قصص المجموعة الثماني هناك مساحة كبيرة للوصف الذي يكاد يقترب من الروبرتاج الصحفي أحيانا، إذ ترصد القاصة زوايا وحركات الشوارع والمقاهي والسكان وتصفها بإسهاب. حاولت القاصة أن تكون مختلفة في باكورتها القصصية، لكن النفس السردي كان كثيفا فجاءت نصوصها كبيرة مقارنة بالقصة العربية المعتادة، وهو ما يدلل على أفق سردي قادم للكاتبة. (وا)