قافلة وطنية تُحيي روح التراث في نفوس الشباب

تعزيز السياحة الداخلية ودعم هوية الجزائر الثقافية

تعزيز السياحة الداخلية ودعم هوية الجزائر الثقافية
  • 160
شبيلة. ح شبيلة. ح

حطّت القافلة الشبابية الوطنية الرحال، أول أمس، بمدينة قسنطينة، في ثاني محطة لها بعد تمنراست، تحت شعار "إرث وطن، طموح جيل"، بهدف تسليط الضوء على الكنوز التاريخية، والمواقع المصنفة ضمن التراث العالمي، وإشراك الجيل الجديد في صياغة رؤية سياحية وطنية، ترتكز على الاستدامة، والخصوصية المحلية. 

تُعد هذه القافلة التي أطلقتها لجنة الثقافة والسياحة والرياضة وحركية الشباب بالمجلس الأعلى للشباب، مبادرة وطنية، تعكس التوجه الجديد نحو تمكين الشباب، وتعزيز ارتباطهم بالإرث الحضاري للبلاد في إطار استراتيجية وطنية، تهدف إلى تفعيل دور الشباب في النهوض بالقطاع السياحي؛ كرافد للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتطوير السياحة الداخلية، من خلال استكشاف التراث الوطني المتنوع من شمال البلاد إلى جنوبها. 

وفي مستهل فعاليات القافلة بمدينة الجسور المعلقة، أكد رئيس لجنة الثقافة والسياحة والرياضة بالمجلس، السيد صالح عبد الدايم، أن الهدف من المبادرة يتجاوز الجانب السياحي، ليشمل ترسيخ الوعي الثقافي عند الشباب، وربطهم بموروثهم التاريخي والحضاري، مشيرا إلى أن قسنطينة ليست مجرد مَعلم أثري، بل فضاء حيّ، تتقاطع فيه الحضارات، وتنبض فيه هوية الأمة.

وأوضح المتحدث أن الشباب، اليوم، مطالَبون باستغلال أدوات العصر، وعلى رأسها التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لتوثيق التراث الوطني، وصونه من الاندثار، لافتا إلى أن الصراع العالمي لم يعد مقتصرا على الاقتصاد فقط، بل أصبح ثقافياً بامتياز. 

وقد شكلت هذه المحطة فرصة حقيقية للمشاركين؛ لاكتشاف المعالم الخالدة لمدينة الجسور المعلقة المصنفة ضمن التراث الإنساني، والتي يعود تاريخها الى أكثر من 2500 سنة من المسرح الجهوي العريق "محمد الطاهر فرقاني"، إلى قصر الباي، وشارع زيغود يوسف، مرورا بجسر سيدي مسيد، ونصب الأموات، وجسر باب القنطرة، ثم جسر ملاح سليمان، وجسر سيدي راشد، وصولاً إلى حديقة باردو، والمسجد الجامع الأمير عبد القادر. كما تم تنظيم جولات ميدانية موجهة بتأطير مختصين وخبراء في التراث الثقافي والسياحة، ما أضفى بعداً تعليمياً وتكوينياً على هذه التجربة الشبابية.

وبدورها، عبّرت الإعلامية وعضو المجلس الأعلى للشباب بقسنطينة، عبير دريوك، عن أهمية هذه القافلة في ربط الشباب بجذورهم الثقافية، مشيرة إلى أنها تندرج ضمن الجهود الوطنية، الرامية إلى تحفيز الوعي الثقافي والسياحي في الجيل الجديد، وربطه بالهوية الوطنية، وتاريخ البلاد، خاصة في ما يتعلق بالمواقع المصنفة ضمن قائمة التراث العالمي، باعتبارها ملكية مشتركة للبشرية جمعاء.

ومن أجل تجسيد مفاهيم المبادرة على أرض الواقع، نظمت القافلة أربع ورشات عمل تفاعلية، خُصصت لمناقشة أبرز الإشكالات التي تعيق النهوض بالقطاع السياحي، وإبراز الحلول الميدانية الممكنة، حيث شملت هذه الورش مواضيع هامة، من بينها سبل حماية وتثمين التراث الوطني، ودور الجمعيات الشبابية في دعم السياحة، والتحديات المتعلقة بالبنية التحتية، إلى جانب اقتراح آليات تسويق سياحي محلي فعالّة، تتماشى مع الخصوصيات الثقافية لكل منطقة. ولم تقتصر أنشطة القافلة على قسنطينة فقط، بل سيواصل المشاركون برنامجهم الثري في ولاية سطيف، حيث سيكتشفون مواقع ثقافية وتاريخية، تعكس التنوع الجغرافي والرمزي للتراث الجزائري.

وقد تميزت هذه المحطة، شأنها شأن سابقتها، بحضور نشط لفاعلين في المجال السياحي، إلى جانب ممثلي جمعيات ومنظمات المجتمع المدني، وصنّاع محتوى متخصصين في الترويج السياحي والثقافي عبر منصات التواصل الاجتماعي، ما منح المبادرة بعداً إعلامياً، وتأثيراً أوسع.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه القافلة انطلقت رسمياً نهاية شهر أفريل من تمنراست، حاملة طموح بناء جيل مدرك لقيمة التراث، وواعٍ بأهمية المحافظة عليه كجزء من الهوية الوطنية الجامعة، في ظل توجه الدولة نحو جعل السياحة ركيزة أساسية من ركائز التنمية الشاملة.