لوناس غزالي يقدّم روايته الجديدة ويصرّح:

"ليلة طويلة جدا".. عن الصمت والوجع والقدر

"ليلة طويلة جدا".. عن الصمت والوجع والقدر
  • 141
لطيفة داريب لطيفة داريب

قدّم الكاتب لوناس غزالي، أوّل أمس، روايته الجديدة "ليلة طويلة جداً" بمكتبة الاجتهاد، في عملٍ أدبي يجمع بين المأساة الفردية والتاريخ الجماعي، حيث تتقاطع سيرة بطله أكلي مع وجع القدر.

"ليلة طويلة جدا" ؛ فعلا ما أطول هذه الليلة التي ترفض أن تسدل ستارها! إلى متى؟ لا أحد يعلم، ولا حتى أكلي الرجل الذي نطق في مقدّمة الرواية قائلا: "لقد قتلت ولدي".

وبالمناسبة، قال لوناس غزالي في الندوة التي قدّمها أول أمس بمكتبة "الاجتهاد"، إنه شبّه حياة أكلي بليلة طويلة منذ أن فقد والده وهو رضيع إلى أن قتل بنفسه ولده، ليقرّر العزلة والعيش وحيدا في انتظار أن يأخذ الله أمانته. وفي ظلّ عدم مساندة أبناء قريته له، وصمتهم أمام مقتل والده من طرف طغاة سرقوا أرضه ووضعوا أيديهم بيد المحتل الفرنسي، لم يعد لأكلي حيلة، حتى قتله لابنه كان دفاعا عن النفس، ابنه الذي فقده قبل مماته بفعل انخراطه في جماعة الأشرار، التي لم تتردد في الوقوف في صف المحتل، الذي بدأ في بسط نفوذه بالجزائر في نهاية القرن التاسع عشر.

وذكر غزالي أنّ أكلي عاش بعض اللحظات الطيّبة حينما تزوّج بتسعديت وأنجبت له طفله، لكن ليله كان أطول بكثير من نهاره، ليعيش خلوة طويلة، تحدّث فيها عن حياته في مونولوغ طويل، مضيفا أنّ عنوان الرواية لا يوحي بحياة أكلي فقط، بل هو أيضا، رمز للاستعمار الفرنسي للجزائر. 

كما أشار غزالي إلى إيمان أكلي الشديد والمتين بالقدر، فحتى حينما قضى على ابنه اعتبر هذه الفعلة نتيجة له، فالقدر حاضر بقوّة في حياة الإنسان، بل إنه من يسيّر حياته، مشيرا إلى أنّ قدر الشعب الجزائري كان العيش تحت نير أكثر من استعمار؛ لهذا من الصعب أن يتنعم حاليا بالهدوء والطمأنينة. وتابع: " قد نتّخذ قرارا، لكن القدر هو من يسيّر مجريات التاريخ، وما يمكن أن يحدث وما يمكن أن لا يحدث ".

وكشف الروائي عن اتّباع الطغاة سيكولوجية معيّنة، تتمثّل في القسوة أحيانا، التي قد تؤدي إلى قتل الآخرين، مثلما حدث لوالد أكلي، واللطف في أحايين أخرى مثل تنظيم حفلات، حتى إنّهم أدوا واجبهم للعزاء في وفاة جدة أكلي دون خجل ولا حشمة، مضيفا أنّ هؤلاء المجرمين المتواطئين مع المحتل الفرنسي، لم يردعهم دين ولا تقاليد. وأبعد من ذلك، فقد استطاعوا استمالة ابن أكلي، وتحريضه عليه. والنتيجة مقتله على يد أبيه.

وبالمقابل، رأى غزالي أن الإنسان يحمل شخصية مركبة، وأنّه حينما يتعرّض للصعاب والأزمات قد يختار الصمت طريقا له، وهو ما سيؤزّم من وضعه، إلاّ أنّ من الصعب أن يعبّر الإنسان المجروح عن آلامه، مثل ما حدث لأكلي منغان، الذي فضّل العزلة والصمت بعد قتله لابنه، مؤمنا بتدخّل القدر في هذه الحادثة.