من أجل لغة أمازيغية موحّدة تُحافظ على ثراء التنوّع
محافظة الأمازيغية تقدّم مقاربة جديدة للتدريس والبحث
- 171
د. م
احتضنت القاعة الكبرى "آسيا جبار"، أوّل أمس الثلاثاء، أشغال ندوة علمية تحت عنوان "التفاهم المتبادَل بين متغيّرات اللغة الأمازيغية: مقاربة جديدة للتدريس والبحث"، نظّمتها المحافظة السامية للأمازيغية ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لصالون الجزائر الدولي للكتاب في طبعته الثامنة والعشرين.
وتهدف هذه الندوة إلى إبراز أهمية المتغيّرات الجهوية للغة الأمازيغية؛ باعتبارها رصيداً لغوياً وثقافياً حيّاً، والعمل على اعتماد مقاربة تقوم على التفاهم والتبادل بين هذه المتغيّرات بما يخدم تعزيز وحدة اللغة الأمازيغية دون المساس بثروتها وخصوصياتها المحلية. وقد أكّد المتدخلون أنّ هذه المقاربة ذات أبعاد نظرية وبيداغوجية وسوسيولوجية، ترمي إلى تحويل التنوّع اللساني، إلى مصدر قوة، وتكامل.
وفي مداخلته الافتتاحية شدّد الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية، سي الهاشمي عصاد، على أنّ هذا اللقاء يأتي لتبادل الرؤى حول سبل تطوير اللغة الأمازيغية، والنهوض بها، باعتبارها جزءاً أصيلاً من العمق الحضاري الجزائري. وقال إنّ المتغيّرات اللسانية تمثل ثروة وطنية، غير أنّها تطرح في الوقت نفسه، تحديات بيداغوجية وتواصلية؛ ما يستدعي وضع مقاربات علمية مدروسة لتوحيد التعليم والتلقين، مع الحفاظ على التنوع.
وأضاف عصاد أنّ اللغة ليست مجالاً للصراع، بل جسراً للتوافق، موضحاً أنّ العلاقة بين العربية والأمازيغية هي علاقة تكامل ثقافي وهوياتي، تعبّر عن وحدة وطنية، تستوعب تعدد الذاكرة واللسان. ومن جهته، قدّم الباحث مالك بوجلال من جامعة باتنة، مداخلة حول الأسس اللسانية للتفاهم المتبادل، مبرزاً أنّ الأمازيغية لغة واحدة بمتغيّراتها، وأنّ إدراجها في الدستور كلغة رسمية بمتغيّراتها، خطوة مهمّة في الاعتراف بهذا الواقع. واستعرض بوجلال أوجه التشابه الصوتية والصرفية بين المتغيّرات الأكثر انتشاراً؛ على غرار القبائلية، والشاوية، والميزابية والتارقية، مؤكداً أنّ البنية اللسانية مشتركة بينها؛ ما يجعل إمكانية التفاهم المتبادَل، قابلة للتوظيف في التعليم.
وبدوره، عرض الأستاذ يزيد أولحل من جامعة معسكر، تجارب ميدانية لتطبيق هذه المقاربة داخل مؤسسات تعليمية وتكوينية، بهدف تحسين التواصل بين المتعلمين المنحدرين من مناطق مختلفة. وأبرز أنّ النتائج كانت إيجابية بفضل تعاون المحافظة السامية، والعديد من المساهمين، مقدّماً جملة من التوصيات العملية لتطوير العمل مستقبلاً.
أمّا الدكتور بادي ديدا فركّز على دور هذه المقاربة في بناء وحدة لغوية مشتركة، مستنداً إلى تجربته في تدريس متغيّر "تماهق" في مناطق مختلفة. وأشار إلى أنّ ترسيم الأمازيغية مكسب مهم، لكن النجاح في توحيد اللسان يتطلب سياسات لغوية واضحة، وبرامج بحث طويلة المدى.
وفي السياق، تناول الأستاذ علي لونيس، أسباب الاختلاف بين المتغيّرات، مؤكداً أنّ تطورها مرتبط بالبيئة الجغرافية، وأنماط العيش عبر التاريخ، غير أنّ الروابط الجوهرية بينها ظلّت قائمة، ومستمرة. وأبرز لونيس أهمية اعتماد أساليب تعليمية مبتكرة، تعتمد التنوّع اللساني، وتوظيف الوسائط السمعية البصرية متعددة المتغيّرات؛ من أجل تعزيز الانسجام اللغوي، وترسيخ قيمة التعدد.