مسار بومدين وآخر عن تجربة حياة

- 593

أعلن الكاتب الإعلامي محمد بوعزارة، مؤخرا، عن انتهائه من وضع اللمسات الأخيرة على كتابين جديدين ينتظر صدورهما خلال خريف هذا العام، يتناولان جانبا من مسيرة هذا الإعلامي، وتجاربه، ومعارفه، وشهاداته عن شخصيات ووقائع عايشها. الكتاب الأول بعنوان “بومدين في عيون الآخرين ومواضيع أخرى.."، يضم حوالي 470 صفحة، يتناول بعضا من مواقف الرئيس الأسبق الراحل، وتفاصيل عن فترة حكمه، مع الإشارة إلى بعض الأحداث التاريخية، علما أن الأستاذ بوعزارة عايش تلك الفترة، وكان فيها صحفيا بالإذاعة الوطنية، وبالتالي يحاول توثيق ما عاشه. ويقدم الكتاب، أيضا، تحديات تلك الفترة التي واجهتها الجزائر، وبالتالي الرئيس بومدين، والتي تطلبت اتخاذ قرارات حاسمة. كما استطاع بومدين أن يكون أحد قادة العالم الثالث البارزين.
ويجسد الكتاب حياة رجل أعطى شبابه لهذا الوطن، وكان يحمل في قلبه شخصية الثائر المفعم بحب الوطن، وشخصية الإنسان الجزائري الطيب، كما عرفه كل من اقترب منه أثناء ثورة أول نوفمبر. وخلال حكمه الجزائر طيلة 13 عاما، كانت أعوام مجد وشموخ. للإشارة، استشهد الكاتب بما كتبه أحد المثقفين في جريدة "الشرق الأوسط"، حيث قال إن "الرئيس بومدين يعد زعيما للوطن العربي، ورفض أن يكون عسكريا تحت العلم الفرنسي. واستطاع، في وقت قصير، أن يوحد جيش التحرير الوطني، كما استطاع بعد أن أصبح رئيسا للجزائر في مدة 13 سنة، أن يبني دولة لا تزول بزوال الرجال والحكومات. كما كانت له مواقف كبرى في مختلف المحافل الدولية، في إطار الدفاع عن إقامة نظام اقتصادي دولي جديد".
الكتاب الثاني للأستاذ بوعزارة بعنوان "رحلاتي حول العالم".. من حوالي 140 صفحة. وبالمناسبة، شكر بوعزارة البروفيسور والمؤرخ الكبير الدكتور ناصر الدين سعيدوني، الذي كتب له تقديما للكتاب الأول. كما شكر صديقه المؤرخ البروفيسور محمد الأمين بلغيث، الذي تفضل بأن يكتب له تقديما للكتاب الثاني. أما الكتاب الثالث الذي يدور حول علاقته بعالم الإذاعة والتلفزيون والذي قطع فيه شوطا معتبرا، فقد تركه إلى أن يحين الوقت لإصداره، لأن الكتابة، حسبه، رغم عذوبتها فهي متعبة أثناء الصيف، مضيفا: “حيث تحتاج نفوسنا إلى قليل من الراحة مع شدة الحرارة والرطوبة في عالم باتت فيه البيئة معرضة لتغيرات رهيبة، وحرارة آخذة في الارتفاع كل صيف نتيجة اعتداء الإنسان على الطبيعة بكل ما تحمله من جمال... أ لم تلاحظوا هذه الإحصائيات المقلقة عن ارتفاع عدد الذين باتوا يموتون خصوصا في فصل الصيف، عبر مختلف بقاع العالم، بما فيه أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، بسبب تغير المناخ، وارتفاع درجات الحرارة بشكل مرعب!". وبالمناسبة، استحضر الأستاذ بوعزارة الدعوات الإيمانية الصادقة التي أطلقها أستاذه الشيخ محمد الصالح الصديق ـ حفظه الله ـ عندما أوصاه قائلا عام 2013: “يا أستاذ محمد، اُكتب، ثم اكتب، ثم اكتب حتى تموت كي لا تموت..".
للتذكير، الأستاذ بوعزارة من مواليد سنة 1949 بحي بلكور الشعبي بالعاصمة، كما عاش جزءا من حياة طفولته ببادية صحراء الأغواط. وعندما بلغ 12 من عمره، عاد به والداه إلى مسقط رأسه بمدينة الجزائر، قبيل استعادة الاستقلال. وفي عام 1971 أصبح طالبا جامعيا في المدرسة العليا للصحافة، حيث نال عام 1974 شهادة الليسانس في علوم الإعلام والصحافة بدرجة جيد. وكان قبل ذلك، انضم لبرامج الأطفال في الإذاعة الجزائرية عام 1965، ثم أصبح عضوا في فرقة التمثيل للإذاعة الجزائرية، قبل أن يشارك في مسابقة الدخول كمذيع بالإذاعة، في شهر أوت 1971. كما درس فن الإلقاء والتمثيل بكونسرفاتوار مدينة الجزائر، ونال شهادة في هذا التخصص إلى أن أصبح صحفيا بالإذاعة الجزائرية عام 1973. وتدرّج في عدة مسؤوليات صحفية إلى أن أصبح رئيسا للتحرير، ونائب مدير بالإذاعة عام 1982، وهو نفس العام الذي ترأّس فيه بقصر المؤتمرات بنادي الصنوبر بالجزائر، أشغال المؤتمر الثالث لاتحاد الصحفيين الجزائريين. وانتخب في هذا المؤتمر ليصبح عضو أمانة الاتحاد مكلفا بالإعلام والثقافة.
وفي عام 1986 تم تعيينه مديرا جهويا لمحطة التلفزيون الجزائري بولاية ورقلة. كما مارس السياسة منذ فترة السبعينيات، فإلى جانب كونه مناضلا نشطا وعضوا في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، خاض غمار الانتخابات التشريعية، وفاز مرتين نائبا عن ولاية الأغواط. كما انتُخب في نهاية العهدة السادسة للمجلس الشعبي الوطني 2007 - 2012، نائبا لرئيس المجلس. ومن مؤلفاته "تأملات في الثقافة"، و"يسقط الإرهاب.. تحيا المقاومة"، و"من الخيمة إلى البرلمان"، وغيرها من الكتب.