تحفظ ذاكرة مدينة الورود من الضياع
مطالب ملحّة بترميم القصور والحمّامات والمباني القديمة
- 387
تحوز ولاية البليدة على العديد من المباني القديمة التي تعود إلى حقب تاريخية مختلفة؛ منها ما يعود إلى الفترة العثمانية، أصبح أغلبها مهملا رغم أهميته في إنعاش الجانب السياحي بالمنطقة، علما أن عاصمة متيجة تشهد على مدار السنة، توافد الزوار؛ الأمر الذي جعل الباحث في التاريخ يوسف أوراغي، يطالب الجهات المعنية على غرار مديريتي الثقافة والسياحة، بالالتفات إلى هذا الجانب، وردّ الاعتبار له من خلال الترميم، ثم الاستغلال.
أعرب الباحث في تاريخ البليدة يوسف أوراغي خلال حديثه إلـى "المساء" ، عن أسفه الشديد لما آلت إليه مختلف المباني العريقة لولاية البليدة بعدما طالها الإهمال. وقال إنه يشعر بالكثير من الحزن لما وصلت إليه مختلف المباني والقصور القديمة التي تمثل كنزا وتراثا حقيقيا للولاية، وللجزائر عموما، مطالبا بالاهتمام بكلّ ما تتوفر عليه البليدة من مكاسب عمرانية؛ ليس فقط لكونها تخدم السياحة، وإنما لأنها أيضا تمثل ذاكرة وتراث الولاية، وهويتها.
وردا على سؤال "المساء" حول الإجراءات الأخيرة التي اتّخذتها مصالح الولاية من أجل إعادة ترميم قصر عزيزة وتحويله إلى متحف، أشار الباحث إلى أن ترميم قصر عزيزة الذي يُعد رمزا من رموز الولاية، سبق وعُرض على العديد من رؤساء البلديات الذين تعاقبوا على البليدة، وفي كل مرة كانت تقدّم وعودا بترميمه وتهيئته، ورد الاعتبار له، غير أنها ظلت مجرد وعود، كان آخرها ما صرّح به مدير الثقافة حول الشروع في ترميمه وتحويله إلى متحف يقدّم إضافة هامة للولاية، مضيفا أن الإشكال الكبير الذي عرقل العملية هو السكان الذين يقيمون في هذا المعلم الأثري بصورة فوضوية، وقال متأسفا "إنّ ولاية البليدة، للأسف الشديد، ورغم أنها عريقة ولديها تاريخ هام وزاخر، لا تحتوي على متحف يؤرّخ ويحفظ تراثها".
ويعود بناء قصر عزيزة إلى سنة 1779 من طرف مصطفى باشا. بناه لابنته. وبذلك هو القصر الثاني بعد قصرها الموجود في العاصمة بالقصبة السفلى. وقد اختار مصطفى باشا بناء هذا القصر تحديدا في البليدة، حسب المتحدث، بالنظر إلى طبيعة المناخ بالولاية التي كانت معروفة بهوائها النقي، وحدائقها المزهرة، ومناظرها الطبيعية الخلابة. ويكفي القول إن القصر يقابل أعالي جبال الشريعة، متابعا أن البعد التاريخي لهذا القصر يجعل من عملية ترميمه ورد الاعتبار له أولوية، قبل أن تتغير ملامحه بفعل تطفّل الإنسان.
وأكد محدث "المساء" بالمناسبة، أن تحويل قصر عزيزة إلى متحف، سيكون من أهم المكاسب لإنعاش الفعل السياحي في الولاية، خاصة أن عددا كبيرا من السكان من الذين يمتلكون بعض القطع التراثية مثل الأثاث القديم، مستعدون لإثراء المتحف بها؛ فهم دوما يبحثون عن مكان لوضعها فيه، لافتا بالمناسبة إلى أن مصالح الولاية اتخذت قرارا بإعادة ترميمه. وقال: "أتمنى أن يتم تجسيد المشروع لرد الاعتبار له بعدما تم رصد ميزانية خاصة به في انتظار أن تتعزّز الولاية بأول متحف لها يحفظ ذاكرتها" .
للإشارة، من بين المرافق التي يأمل المختص في تاريخ البليدة يوسف أوراغي رد الاعتبار لها، لا سيما أنها تخدم السياحة في المنطقة، حي "الدويرات" الذي يشبه إلى حدّ كبير القصبة بالعاصمة، إلى جانب الحمّامات العريقة أيضا. ولعلّ أهمها "حمام الزاوش " و"حمام الدلس" ، مشيرا في السياق، إلى أن االبليدة من الولايات التي لديها تاريخ عريق، لكنّها لم تجد بعد من يرد لها الاعتبار من خلال الاهتمام بعمرانها وتراثها الزاخر.