قصر الثقافة "محمد العيد آل خليفة"

معارض فنية تعكس وهج قسنطينة

			    	    معارض فنية تعكس وهج قسنطينة �
  • 881
زبير.ز    � زبير.ز

تحتضن أروقة قصر الثقافة "محمد العيد آل خليفة" بقسنطينة معرضا للفنون التشكيلية، جاء بشكل جديد، هو الأوّل من نوعه على المستوى الوطني، أضفى جمالا على الأعمال الفنية المعروضة وعلى رأسها لوحات الفنان التشكيلي الراحل كمال نزار، ومعرض الآثار ومعرض المخطوطات، وهي معارض تمّ اختيارها بدقة لتكون في أوّل أيام افتتاح تظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية". 

وضعت دائرة المعارض بمحافظة التظاهرة كلّ الإمكانيات لإبراز قيمة الأعمال واللوحات الفنية، كما تمّ تخصيص فريق متعدّد الاختصاصات لتصوّر شكل جديد في عرض الأعمال الفنية، تختلف تماما عن الطريقة التقليدية التي تعتمد على وضع أوتعليق اللوحات الفنية والأعمال التشكيلية على الجدران، وتم تغيير طريقة العرض جذريا في خطوة لتحويل تنظيم المعارض من طريقة كلاسيكية إلى طريقة عصرية، من خلال إقحام مختصين تابعين للمحافظة لمتابعة ومراقبة مضامين المعارض مع اشتراك سينوغرافين مميزين لتركيب الأعمال الفنية ومتابعتها.

 

12 معرضا توشّح التظاهرة 

كشفت زليخة صحراوي المكلّفة بالإعلام بدائرة المعارض، أنّه سيتم تنظيم 12 معرضا في إطار التظاهرة، ولكلّ معرض محافظته الخاصة، تحت إشراف فنانين مختصين في سينوغرافيا المعارض وظّفوا إمكانياتهم أحسن توظيف، ليشكّل كل من أعضاء محافظة المعارض والسينوغرافيين فريقا متكاملا له دور رئيسي في إنجاح المعارض المنظّمة، مؤكّدة أنّ اختيار هذه المعارض جاء بعد دراسة معمّقة، حيث برمج معرض الحضارة النوميدية في تظاهرة الثقافية العربية، ليبرز العمق التاريخي للجزائر، مضيفة أنّ لوحات كمال نزار ستبهر الجمهور وأنّ المعرض الأول لم يفتح أبوابه بعد أمام الجمهور العريض بسبب غياب الحراسة والتي تقع مسؤوليتها على المحافظة. 

 

كمال نزار الفنان الأصيل

الفضاء الأوّل خصّص للأعمال الفنية للرسام كمال نزار، الذي ولد بقسنطينة سنة 1951 بحي سيدي لجليس العريق، وتابع دراسته الابتدائية بعاصمة الشرق لينتقل بعدها رفقة عائلته إلى الجزائر العاصمة في سنته الثانية عشر، حيث تابع تكوينه في الفنون الجميلة وسافر إلى فلورنسا الإيطالية، قبل أن يصبح فنانا متميزا، وتوفي الفنان سنة 2002 عن عمر ناهز 51 سنة.

معرض الفنان الراحل كمال نزار، جاء بشعار "ثلاثية الأمل والآلام"، تقديرا لأعماله الفنية، حسبما صرحت به أرملته جميلة نزار، مؤكّدة أنّ المعرض بمثابة اعتراف لدقة عمل الفنان الراحل، والتزامه من أجل فنه الذي يعبّر عن شخصه وعن الشعب في نفس الوقت. وتتميّز لوحات كمال نزار باستخدام رموز الهوية كالنجمة، الهلال وكذا المآذن والقصبة دون إهمال البعد العالمي في هذه الأعمال.

وتضمّ ثلاثية كمال نزار "ماهية" أوّل مجموعة أعماله، "انفجار" و«قوس قزح". وجاءت هذه الأعمال نتيجة الأبحاث العديدة في الرسم والنقش، مع استعمال الألوان المائية، وكان الفنان يردد دوما عبارة "أنا لا أنتمي لأيّ مدرسة أو تيار تشكيلي، وإنما أسعى بما لديّ من مخزون لأعبّر عن أحاسيسي الداخلية دون أيّ قيود". 

 

قسنطينة في قلب المخطوطات

زاوج السينوغرافي المشرف على أوّل معرض في إطار التظاهرة في الفضاء الثاني الذي خصّص للمخطوطات، بين العصرنة والتراث، في خطوة لجلب انتباه الزائر وسحره، حيث أوحى له موضوع المعرض الموسوم بـ"قسنطينة في قلب المخطوطات القديمة"، بتقديم إخراج بسيط وأصلي، ليضع الزائر في مسار على شكل حرف (u) باللغة اللاتينية.

وسيكون الزائر أمام فرصة الإطلاع على هذه المخطوطات القديمة داخل قاعة هيئت إضاءتها بطريقة مميزة من خلال الإضاءة والإضاءة المعاكسة المسلطة مباشرة على التحفة المعروضة، على شكل ما يتم التعامل به في قاعات المتاحف العالمية، مع إمكانية استعمال التكنولوجية عبر الألواح الرقمية، حيث تظهر المخطوطات التي تمّ نسخها ووضعها بهذه الأجهزة العصرية وما على الزائر إلّا لمس الشاشة الرقمية لقلب الصفحة والذهاب من صفحة إلى أخرى.

ويهدف المعرض إلى الكشف عن أهم المخطوطات وحفظ فضل أصحابها وتذكر سعيهم الدائم إلى خدمة الأمة الإسلامية والبحث في أسباب تطوّرها، ومن جهة أخرى إدراك قيمة مؤلفاتهم التي أثارت حقد المستعمر الذي حاول تدميرها بشتى الطرق، وكذا تذكير الجيل الجديد بأهمية الكتاب ودوره في بناء كيان الدولة.

 

الهوية الجزائرية قبل الاحتلال الروماني

أمّا المعرض الثالث الخاص باللوحات الفنية التي تعكس الموروث الثقافي المادي، فقد أطلق عليه معرض الآثار "قيرطا...سيرتا" والملكة النوميدية، حيث تمّ عرضه عبر سينوغرافيا عصرية، ليكون الحيز شفافا ويسمح للزائر بالإطلاع مباشرة على العمل الفني، وهو معرض يبرز الهوية الجزائرية في القرون التي سبقت الاحتلال الروماني للبلاد، حيث سيسمح للزوّار من الجزائريين والعرب بالتعرّف على جزء كبير وهام من التراث المادي لتاريخ الجزائر القديم الذي عاصر حضارة البحر الأبيض المتوسط ما بين القرنين الرابع قبل الميلاد والأول بعد الميلاد، وهي فترة غير معروفة رغم أنها تعد فترة أساسية من تاريخ المنطقة. 

ويضم المعرض ستة مجالات، تبرز فيها البصمات الحضارية للحياة اليومية النوميدية في عهد المماليك لقرطا ـ سيرت العاصمة، من خلال عرض الأدوات الأثرية المتواجدة بالمتاحف الجزائرية.